رمضان في العصر العثماني
كتبت: رباب عبيد
نعيش أجواء شهر رمضان المبارك في بلداننا الاسلامية في روحانيات من البهجة والاطمئنان لمافي شهر رمضان المبارك من أثر على نفس المسلم من ذكر وعبادة وصلاة , ومازلنا نتآسى بسنن السالفين من آداء الطاعات والعبادات , الا اننا نعيش ايضا الآجواء الاجتماعية التى عاش بها الماضون من اهل العصور , وللاطلاع على التاريخ نكهة متميزة وعبق من الحضارة الاسلامية التى تميزت عبر قرون وقرون .
اما المراسيم للشهر الفضيل في العصر العثماني : فقد كان السلطان العثماني يصدر وثيقةً قبل 15 يوماً من دخول الشهر، تتضمن قائمة ببعض الأمور التي ينبغي مراعاتها خلال أيام الشهر، والتي من ضمنها منع تناول الأطعمة أو المشروبات في الشوارع قبل المغرب، كما كان يتم تشكيل هيئة لمراقبة أسعار السوق، وتوكيل مهمة تنظيم أوقات الإمساك خلال الشهر لرئيس الفلكيين في القصر السلطاني قبل 10 أيام من قدوم الشهر.
الكرم المطلق أهم ما تميزت أجواء شهر رمضان في الدولة العثمانية، إذ كانت أبواب القصور تبقى مفتوحة خلال وقت المغرب أمام العامة، فيدخل من يشاء لتناول الفطور من المسلمين ومن غير المسلمين أيضاً، إذ كان العثمانيون يعتبرون أن عدد الفقراء الموجودين على مائدة الإفطار يزيد من بركة المائدة وكرم صاحب الإفطار، ومن ثم يُقدم لهم بعد الإفطار هدية لإجابتهم الدعوة، وقد كان يطلق عليها “أجر الأسنان”، وتقول المستشرقة الإنكليزية “دورينا”: “وفي شهر رمضان نجد أن الأتراك يصومون طوال النهار، ويحتفلون طوال الليل، وكان أفراد الطبقة الثرية يضطرون إلى فتح أبواب منازلهم طوال الشهر لإطعام أي شخص بحاجة إلى الضيافة من فترة غروب الشمس وحتى بزوغ فجر اليوم الجديد…”.
اما خزانات الماء العامة (الأسبلة) في الشوارع، كانت تملأ بالعصائر عوضاً عن الماء خلال شهر رمضان، واستمر هذا التقليد حتى نهاية الدولة العثمانية.
كما اشتهرت مساجد الدولة العثمانية خلال شهر رمضان أيضاً بالـ “محيا”، وهي عبارة عن زينة تعلق بين مئذنتي الجوامع، مكتوبة عليها رسائل ترحيب بشهر رمضان أو عبارات دينية بشبكة من المصابيح الزيتية، ولا تزال تركيا تحتفظ بهذا المراسم إلى الآن، إلا أنه تم استبدال الأضواء الزيتية بلافتات ضوئية مصنوعة من أسلاك ممدودة بين مئذنتي الجوامع، واستبدلت الكتابة إلى الأحرف اللاتينية.
وبعد الأفطار تستقبل المساجد المتعبدين الصائمين طوال الشهر، فبالإضافة لصلاة التراويح، التي كانت تقام في جميع مساجد المدن والقرى، والتي كانت تحضرها السيدات كذلك، كانت ختم القرآن الجماعية تتلى في المساجد، وتنشد المدائح النبوية والقصائد الدينية .
وعلى المستوى الأجتماعي كانت الناس تتزاور فيما بينها طيلة الشهر ويجتمعون بعد التروايح في الدكاكين الى وقت السحور , وعند السحور كانت تطلق المدافع في المدن الكبرى كإسطنبول بعد منتصف الليل كتنبيه لدخول موعد السحور، ومن ثم يتم النداء من مآذن المساجد بالصلاة على النبي كتنبيه باقتراب موعد الإمساك، ومن ثم يؤذّن بعدها لأداء صلاة الفجر وهكذا الى أخر الشهر المبارك.