فى كنف جدي… بقلم حسن الشواف
إن الإنسان في هذه الدنيا العابرة في أمس الحاجة إلى مرشد و معلم ناضج يبذل قصارى جهده في توجيه جيل ناشئ حتى يصل هذا الجيل إلى المستوى المطلوب من الكفاءة و القدرة على تحمل المسؤولية في بناء الوطن.
الفرد هو وحدة بناء المجتمع فمتى صلح الفرد و ارتقى بفكره و أخلاقه و شخصيته المميزة صلح المجتمع بأكمله بل سيكون مجتمعاً مثالياً يحتذى به في كل المجالات و الأصعدة. و لكن السؤال المهم و المحوري من المسؤول عن بناء هذا الفرد ؟
مما لاشك فيه أن المسؤولية جماعية و مشتركة بين المدرسة والاسرة بالدرجة الأولى وفي هذا المقال سأركز على دور الأسرة و خاصة الدور المهم للأجداد من خلال تجربتي مع جدي الحاج / حسن علي الشواف أطال الله عمره
ترعرعت منذ نعومة أظفاري في كنف
جدي الذي احتضنني منذ صغري فأصبح بالنسبة لي الملهم و المعلم و المرشد ، لا أستطيع الاستغناء عن توجيهاته و نصائحه النيرة و القيمة.
في أحد الأيام اتصل بي جدي و طلب مني أن أستعد للخروج معه الى سوق المباركية ، فاشترى لي اللبس الكويتي التقليدي (الدشداشة و الغترة و العقال) فغمرتني مشاعر السعادة و الفرح الممزوجة ببراءة الطفولة النقية إذ لم يتعدى عمري سبع سنوات ، و قال لي :- “اليوم صرت رجلاً ستذهب معي إلى ديوان الشواف و تقعد مع الرجال” و حين و صلنا الديوان اندهشت كثيرا بترحيب الحضور و حفاوتهم بجدي و تهافتهم للسلام عليه و استشارته بقضايا و أمور مهمة.
كلما سلم عليه أحد اخبره أن هذا الواقف بجانبي هو حفيدي حسن علي الشواف حامل اسمي و شخصيتي و هذه ميزة امتزت بها عن سائر الأحفاد.
تعلقت بجدي كثيراً حيث كان يصطحبني معه إلى مؤسسته التجارية و كنت أجلس معه بين التجار و الشخصيات المرموقة ، فأصبحت لدي ثقة عالية بالنفس أريد من خلالها أن أصبح مثل جدي ، ولم تقتصر رعاية جدي لي على ذلك ، فكان يحكي لي كل يوم عن تجربة من تجاربه في الحياة و كان يردد على مسامعي الأبيات الشعرية التي تحمل قيم و حكم إنسانية ، و تمر السنوات و في كل سنة أستفيد كماً هائلاً من القيم و الدروس من مثل بر الوالدين و التحلي بالأخلاق الكريمة كحسن المعاملة و احترام الكبار و الكرم و حسن الضيافة ، و كان يحرص أن أحافظ احافظ على اسمه الذي بناه طوال هذه السنين و أن أكمل المسيرة فيقول لي يجب أن أحس بمعاناة الناس و أتواصل معهم و كان و ما يزال يشدد على أهمية الصدق و الأمانة و عدم اليأس لأنه مر بكثير من الهفوات و الخسائر في مجال التجارة ، و لكنه ما لبث أن عاد من جديد بكل قوة و نشاط و حيوية و كان يحثني على طلب العلم و يحرص على أن أتحلى بالتواضع فيقول إن من تواضع لله رفعه كما غرس في حب النبي – صلى الله عليه و آله وسلم – و آل بيته الأطهار و شدد على ضرورة اتباع لقمة الحلال و البعد عن لقمة الحرام و يؤكد على الكفاح و إتقان العمل و الإخلاص و الإقدام و التجربة و خاصة في المجالات التجارية فهو بدأ حياته المهنية في خياطة البشوت ثم التجارة بالعقارات ثم التجارة العامة و المقاولات حتى كون سمعة مرموقة في السوق الكويتي و كان يوصيني على أهمية احترام الزوجة و تقديرها و احترام العاملة الوافدة و الحرص على حقوقها.
و بعد أن بلغت الثامنة عشر من العمر و سافرت للدراسة في الخارج كلما واجهتني مشكلة أول شخص يتبادر إلى ذهني هو جدي و مازلت أتعلم منه حفظه الله و أطال في عمره.
الخلاصة : دور الأجداد مهم في بناء المجتمع فيجب علينا الاستفادة من خبراتهم و تجاربهم بقدر المستطاع لأنهم مدارس حياة تحمل الكثير من الدروس المستفادة.