قيثارة الشعر العربي .. دكتورة سعاد الصباح بقلم عبد العزيز خريبط
في ليلة قمرية داعبت النجوم أضواء القمر , وهب النسيم ليتراقص الشجر والنخيل, وتتلاطم أمواج البحار في رقة وانسجام, فقد حان ميلاد قيثارة الشعر العربي, فولدت القيثارة في أحضان الفوارس والشجعان , ونشأت نشأة مخملية ممتدة عبر تاريخ الفروسية والحضارة العربية ,وظن الجميع أن القيثارة ستركن إلى معاقل الدعة والترف, معتمدة على الإرث الاجتماعي, والذي يحقق لكل فتاة أن تزهو وتتفاخر به, ولكن النشأة لم تكن مخملية بحتة, وإنما ربت القيثارة مثل كل بنات جيلها على الإرث الثقافي والامتداد عبر جذور العروبة التي لا تنضب, وبدأت الزهرة في التفتح, فألحقت بمدرسة الخنساء الابتدائية, وهناك بدأ الجميع يسمعون صدى الألحان, ثم إلى مدرسة المرقاب الثانوية, وهناك بدأت الأوتار الأدبية والشعرية تشتد ,وتعلن عن ميلاد قيثارة الشعر, ومن اللافت أن القيثارة قد وازنت بين الألحان ومسيرتها العلمية البحتة, فنجدها تتقن اللغتين, الإنجليزية والفرنسية بجانب لغتها الأم, فالتحقت القيثارة بكلية الاقتصاد بجامعة القاهرة, لتحصل على البكالوريوس بدرجة الامتياز مع مرتبة الشرف الأولى, ومع توالي العزف والألحان عبر الدواوين الشعرية عالية الحس والذوق والأنيقة والراقية, تسافر القيثارة عبر الزمان والمكان, لتستقر بالمملكة المتحدة, لتحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في علوم الاقتصاد, ومن أعذب الألحان وأوفاها أن هاتين الدرجتين العلميتين كانتا لكويت وفي حب الكويت..
فالتنمية والتخطيط وتعدد مصادر الدخل كان من جل اهتمام قيثارة الشعر العربي, ورغم انشغال القيثارة بالدراسة الاقتصادية المتخصصة إلا أنها ظلت تعزف وتعزف أرق وأعذب الألحان للحب والسلام والحياة وللعروبة وهمومها وأحلامها وطموحاتها .فلم تتخل يوما عن عروبتها رغم زحام الدنيا . بل ظلت سابحة في أعماق الخليج تناجيه وتسأل عن أصدافه .. فوصلت ألحان القيثارة إلى عنان السماء . واحتلت مكانتها الأدبية والشعرية بين النجوم والأقمار السابحة في هذا الكون الرحيب .
القارئ والمدقق في ألحان قيثارة الشعر يعلم أنها قد اتخذت لنفسها منهجا وأسلوبا خاصا ومميزا بها . فقد سلكت طريق السهل الممتنع . معتمدة على سهولة اللفظ مع الالتزام بعمق المعنى . فمن أراد قراءة شعرها والاستمتاع . فعليه أن يقرأه مرة ومرتين وثلاث ليدرك عمق الألحان وروعة النغمات فقد نسجت القيثارة من عالمها العربي والخليجي أروع القصائد الغزلية . غارسة شتى أنواع الزهور وأشجار النخيل والزيتون … كما أنها قد عاشت مخلصة لعروبتها حاملة مشعل النهضة والتقدم والحضارة
وكان لها دور رئيس وفاعل في إخراج المرأة العربية من حالة التقوقع المظلم إلى حالة الإشعاع والإبداع . حتى تقاسمت المرأة الرجل في شتى مجالات الحياة , وأخذت المرأة حظها من الحياة الكريمة والثقافة والعلوم .. وظلت القيثارة تعزف ألحانها في شتى مجالات الحياة . حتى جاء الغزو الغاشم . عام النكبة العربية . فتبكي القيثارة في لحن من أروع ما قرأت في حياتي . حتى أبكت النجوم وارتعدت الورود والأزهار . وتلاطمت الأمواج في عنف . لتشارك القيثارة لحنها والذي يعد ملحمة من ملاحم الشعر العربي.
ولم يظن القارئ العربي يوما أن قيثارة الشعر التي عزفت للحب والسلام والحياة وللحرية . أنها ستعزف أيضا لحن البكاء المر .. سوف نبقى واقفين .. مثل الشجر العالي .. سوف نبقى غاضبين .. مثلما الأمواج في البحر الكويتي .. سنبقى غاضبين .. أبدا .. لن تسرقوا منا النهارا .. أيها الآتون في الفجر على دبابة .. من رأى دبابة تجري حوارا .. أبدا.. لن تجدوا في وطني .. نجمة واحدة ترشدكم .. نخلة واحدة تذكركم .. طفلة واحدة تشكركم .. ربما حطمتم أبوابنا .. ربما روعتم أطفالنا .. ربما هدمتم البيت الكويتي .. جدارا .. فجدارا .. غير أنا سوف نبقى..سوف نبقى شامخين .