كثيرين التجميل قليلين الجمال … بقلم نيفين عباس
حينما يبدأ الأمر بصدمةٍ يشوبها الرجاء ينعكس عليك دخانٍ كثيف من الشكِ والريبِ والتكهُنات ، بعض تلك الشكوك مستنيرٌ مبنىٌّ على ربط تفاصيل ما أُريد لنا أن نعرفها عنهم وأكثرها غير ذلك ، ما أغبى الإنسان حين يختار الخصم بيديه كى يكون له خِصماً وحكماً فى آنٍ معاً وما أكبر قسوة الخصمِ حين يلقى علينا بالصعاب لتقابله النفس بالهدوء فيما تشتعلُ داخلها بنيران لا تحرق إلا أصحابها
فى طريقك للعشاء الأخير ستفاجئ بأن رحلتك تبخرت بعدما تكتشف أنك كنت تتبع طريقٍ من السرابٍ لم يكن له وجود من الأساس قبل أن يلملم خصمك وحَكمك أطباقِ العشاء ،
قد تختلف الأوجاع التى نتلقاها من الأخرين والصدمات التى لا نعُد لها العُدة يوماً وقد تختلف قضيتىّ عن قضيتك لكننا نشتركُ فى شيئ واحد وهو الإحباط ، حين نتلقى طعنة نضطر للتواضع أمام الحزن لدرجة لا تسمح لنا حتى بمناقشة تواضعنا أو حزننا أو حتى الإحباط ،
إن لم تصل يوماً للسعادة التى كنت تُنشد عنها داخل قلب أحدهم فلا تكن بائسٍ بل يكفيك أنك على الأقل وصلت إلى محاولة السماح لمن لا ثقة له والذى أوكلت إليه بمهمة الوصول إلى قلبك بالوصول ! وهنا يكفيك وضع حدٍ فاصل بينك وبين أحزانك والرضى بما كان مُراد لكَ أن تعرفه وما كان غير مقدرٍ لك أن تكتشف تفاصيله ، فى الليلة المشهودة التى ستنكشف بها الأقنعة ستُقنع بالعدول عن كل ما أحببت فليس كل جميلٍ يحمل جمالاً يعادل جماله الخارجى ،
فنضجك ودرايتك بالأمور بشكلٍ مُوسع يجعلك تعيد ترتيب أوراقك ، أحزانك ، وربما الأشخاص ! قد تحزن على تقدم العمر الهباء الذى ضاع أجمل أيامه فى مشاعر إستهلكها البعض ليمتلئ داخله بأشياء فارغة تضيف له قناعاً جديداً من الأقنعة التى يتجمل بها فى أصعب معركة وهى معركة الحياة ،
ستكتشف فيما بعد أن تلك التجاعيد التى تنظر لها يومياً فى المرآة ما هى إلا تجاعيد إكتسبت منها أشياء جعلت منك شخصٍ أخر أكثر نضجاً وحكمة فبعض الأشياء وحتى الأشخاص الذين ظننت بالأمس بأن الحياة من المحال أن تستمر من دونهم ستنظر لحالك اليوم لتجدهم رحلوا وإستمر بجوارك النادرون وإستمرت الحياة فلا تيأس وإخرج بقلبك إلى النور وتوقف عن بكاءٍ يزلزل أركان قلبك البائس فما بك اليوم ما هو إلا واحدٍ من الجروح التى ستتلقاها فى مشوارك بالحياة فحاول أن تجعله جرحاً سطحياً لا جرحاً هو الأكثر عُمقاً على الإطلاق .