لأول مرة .. سيدة حديدية ترأس أيقونة مصرفية في «وول ستريت»
بدأت جين فريزر رئيسة مجموعة سيتي جروب مسيرتها المهنية في شركة ماكينزي، قائلة إنها لن تقبل الوظيفة إلا إذا تمكنت من العمل مباشرة رئيسا لقسم الخدمات المصرفية في الشركة الاستشارية العملاقة.
يتذكر لويل برايان، مدير الخدمات المصرفية في شركة ماكينزي، الذي كان معجبا بشكل مناسب للغاية بها، إذ كانت تبلغ للتو 26 عاما، لدرجة أنه وظفها واصفا إياها بأنها: “الشخص الوحيد الذي فعل ذلك”.
بعد مرور 25 عاما يتوقع لفريزر انطلاقة مهمة أكثر، بعد تعيينها رئيسة لمجموعة سيتي جروب في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وهذا ما سيجعل الاسكتلندية البالغة من العمر 52 عاما في طريقها لتصبح أول امرأة رئيسة لمصرف رئيس في وول ستريت.
ترقيتها إلى ثاني أكبر وظيفة في “سيتي جروب” تأتي في مرحلة حرجة بالنسبة إلى المقرض الأمريكي الذي تخلف أداؤه عن منافسيه مصرفي جي بي مورجان وبنك أوف أمريكا، على مدى الأعوام الثلاثة الماضية.
المستثمرون يضغطون من أجل اتخاذ قرارات استراتيجية أكثر جرأة على مستوى المجموعة وتحسين الأداء، في قسم الخدمات المصرفية للمستهلكين الذي تشرف عليه فريزر الآن.
يقول زملاؤها إن نزعة “الشجاعة” التي ميزها برايان عام 1993 علقت بفريزر خلال مسيرتها المهنية.
خلال الأعوام الـ15 الماضية لها في “سيتي جروب”، ساعدت على توجيه المصرف للخروج من الأزمة المالية، وأعادت تشكيل مصرفه الخاص بعد بيع شركة السمسرة الأمريكية سميث بارني عام 2012، كما قادت أعمال الرهن العقاري خلال الأيام الحالكة من 2013 إلى 2015.
في الآونة الأخيرة، قادت فريزر قسم أمريكا اللاتينية في “سيتي” المترامي الأطراف الذي يعاني مشكلات في بعض الأحيان، إذ أشرفت على إغلاق مصرفية الأفراد وأعمال بطاقات الائتمان في البرازيل والأرجنتين وكولومبيا، ودعمت استثمار بقيمة مليار دولار في بنك باناميكس المكسيكي التابع للمجموعة.
فريزر، التي رفضت إجراء مقابلة من أجل هذا المقال، كسبت أصدقاء ومحبين خلال مسيرتها.
زملاؤها يشيدون بمهاراتها “القوية جدا في إدارة المشاريع”، وقدرتها على رفع الروح المعنوية، الأمر الذي أظهرته باعتبارها رئيسة قسم الاستراتيجيات في “سيتي”، خلال الأزمة المالية وبعد ذلك، خلال تخفيض عدد الموظفين عندما أدارت عدة أقسام.
ويقولون أيضا إنها معروفة بحضور الاحتفالات، لتلاحظ المراحل المهنية للأشخاص الذين توقفت عن العمل معهم منذ فترة طويلة، ولديها ولع بالمزح.
لقد سبق لها عدة مرات أن تركت زميلا من كبار الموظفين حافي القدمين، بعد أن خبأت زوج أحذية رعاة بقر ملقاة على الأرض.
قال أحد الزملاء السابقين إنها “شرطية صالحة وسيئة في شخص واحد”.
عمق تجربة فريزر التشغيلية هو علامة الاستفهام الرئيسة حول فرصها في أن تكون خلفا لمايك كوربات، الذي أدار “سيتي” منذ عام 2012.
قال أحد المعاصرين: “إنها تفتقر إلى خبرة أو إدارة أشياء ذات معنى في المصرف. لقد كانت مناصبها استراتيجية إلى حد كبير وتشبه الخبير الاستشاري”، ولم تدر أي شركة لفترة طويلة جدا.
ومن بين المنافسين المحتملين الآخرين لخلافة كوربات، رئيس المصرف الاستثماري التابع لـ”سيتي” منذ فترة طويلة باكو يبارا، والمدير المالي مارك ميسون الذي شغل مناصب تشغيلية واستراتيجية.
فريزر من جانبها، تركت بصمتها في “سيتي”. باعتبارها رئيسة المصرف الخاص، زادت العائدات بأكثر من خمس مرات، في الفترة من النصف الأول من عام 2010 إلى النصف الأول من عام 2013، وأصلحت قيادة القسم. القرارات الاستراتيجية تضمنت إثارة جدول للرسوم محايد بشأن ما إذا كان العملاء يستخدمون مديري صناديق في الداخل لمصلحة “سيتي”؟ أم لصالح شركة خارجية مثل بلاك روك؟ وهي خطوة ساعدت المصرف على تجنب تضارب مصالح أقلق شركات منافسة.
ويقول زميل لها عمل في “سيتي مورقيج” مصرف الرهن العقاري في سانت لويس في ميزروي، الذي تم تعيين فريزر لإدارته في 2013، إنها جلبت “تركيزا وطاقة” إلى قسم محطم.
بعد وصولها بفترة وجيزة، ارتدت قميص سانت لويس كاردينالز (فريق البيسبول المحلي) لحضور اجتماع مفتوح، ويتذكر الزميل السابق قائلا: “لقد كانت قادرة على جعل الناس متحمسين للتفكير في الغد، بدلا من الطريقة التي نظفنا بها الأمس”.
كانت فريزر أيضا مفيدة في تحسين العلاقات مع المنظمين، وبعد مرور عام على إدارة مصرف الرهن العقاري، وافق “سيتي” على تسوية بقيمة سبعة مليارات دولار مع مستثمرين، في شأن مزاعم بأن سندات الرهن العقاري كانت مضللة.
في مجال التمويل العقاري، حسنت فريزر الأداء من خلال خفض نفقات التشغيل، والتحول إلى توليد القروض العقارية من خلال منافذ التجزئة التابعة لـ”سيتي” بدلا من السماسرة. وهذا ما جعل من السهل أيضا بيع حسابات الشيكات وبطاقات الائتمان إلى هؤلاء العملاء.
قال مايكل هيلفر، أحد أعضاء مجلس إدارة بنك باناميكس، إن فريزر “ملكت الجميع جزئيا لأنها تتحدث الإسبانية” وجزئيا لأنها “بدأت على الفور ممارسة السيطرة بطريقة مناسبة” في بنك باناميكس، في أمريكا اللاتينية.
كان المصرف الأمريكي التابع في مرمى نيران المنظمين بسبب إخفاقات السيطرة السابقة، التي أفضت إلى غرامات بقيمة 100 مليون دولار.
تحت ولايتها من 2015 إلى 2019، نمت إيرادات المثل بالمثل في قسم أمريكا اللاتينية بنحو الثلث، في حين نمت الأرباح ثلثين.
قال جاسون جولدبرج، المحلل في بنك باركليز: “لديها سمعة طيبة بأنها مصلحة ومنشئة ومنتجة”، مضيفا أن فريزر ستبني صورة خارجية أعلى من خلال منصبها الجديد بصفتها رئيسة.
وهي معروفة أيضا بأخلاقيات العمل الشرسة. قال براين، رئيسها السابق في شركة ماكينزي، إن فريزر كانت “أكثر مهارة من معظم الناس من الجنسين في القدرة على الاهتمام بكل من العائلة والشركة”.
يتذكر البقاء مع فريزر وزوجها إذ وجدها تعمل على جهاز الكمبيوتر في المطبخ في الثالثة صباحا.
وأضاف هيلفر من بنك باناميكس: “أحببت العمل معها لكني كنت سعيدا لأنني لم أعمل لديها.”
لم يحدد كوربات موعدا للتقاعد، كما أن منصب فريزر الجديد يمنحها أساسا قويا للتمركز ولتثبت أنها خليفة له.
وقال مايك مايو، المحلل في بنك ويلز فارجو، إن “سيتي جروب” الاستهلاكي “هو الحلقة الضعيفة بشكل واضح للغاية ضمن المجموعة”، وسيعد رفع أدائه ليواكب أقرانه “إنجازا كبيرا من قبل المستثمرين”.
هذا التحسن شرط ضروري لترقيتها إلى منصب الرئيس التنفيذي، لكنه ليس شرطا كافيا.
وأضاف مايو أن أفضل شخص لهذا المنصب “يمكن أن يكون جين فريزر، إذا حسنت عائدات المصرف الاستهلاكي، إلا أنه يمكن أن يكون أيضا شخصا من خارج الشركة مثل ماريان ليك من “جي بي مورجان”.