ليت كل البشر غيث …بقلم نفين عباس
كثيرون على قيد الحياة قليلون على قيد الإنسانية، كلمات لم أشعر بمعناها إلا عندما شاهدت رجل يحمل أخلاق وإنسانية من الدرجة الأولى لم أشاهد لها مثيل من قبل
رجل إستكمل مسيرة الخير والعطاء التى بدأها جده حكيم العرب الشيخ زايد، غيث شاب إماراتى يقدم برنامج بعنوان قلبى إطمأن، شاهدت البرنامج للمرة الأولى فأطمئن قلبى على الفور، وجدت رجل لا يبخل بالإبتسامة فى وجه أخيه الإنسان، رجل لا يميز بين البشر لمجرد اللون أو العرق أو الجنس
غيث والذى تعمد إخفاء ملامح وجهه التى أكاد أجزم أنها ملامح تحمل نقاء وجمال وبراءة إفتقدناها كثيراً تلك الأيام، يتجول بين البلاد حاملاً على ظهره شنطة بها أوراق أو نقود يصل بها إلى من إشتدت عليهم وطأة الحياة وتكابلت عليهم الهموم ليمد لهم يد العون كطاقة النور التى تزيل العتمة
لمن يبحث عن المعنى الحقيقى للتراحم والتكافل بين الناس يشاهد البرنامج، ليدرك كم خدعنا من أناس يقولون الشيئ ويفعلون نقيضه وإستغلوا أوجاع الأخرين للمتاجرة بها بعيداً عن المعنى الحقيقى للتكافل والترابط الذى ندب به رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام
البرنامج عكس كل التوقعات، فهو لا يعطى كى يستغل، ولا يبحث عن صعود على أكتاف الفقراء، وهو ما جعله مميز وأستحق كل الثناء والتفاعل الجماهيرى الكبير جداً له
بالطبع سيطل علينا أصحاب الأبواق الفاسدة المبنية وظيفتهم الأساسية فى المجتمع على الهدم، لتنتقد وتصدر الأحكام تجاه البرنامج والنوايا وقد يصل الأمر للتشكيك ونظرية المؤامرة! دون النظر للزاوية الأخرى الأكثر إنسانية بالبرنامج كالتراحم والود وإشاعة روح التضامن والتكافل بين البشر فى وقت إنعدمت به الرحمة وأخذنا مقعد المشاهد الذى يستلذ بمشاهدة الأخرين غارقين فى المصائب
خرج علينا غيث حاملاً رسالة فى بداية كل حلقة بنبرة صوت واثقة هادئة حنونة لا مثيل لها بين الرجال يقول فيها “بسم الله نبدأ سعادة جديدة” ليمضى فى مسيرته ويحقق حلماً جديداً لأشخاص ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وما لا يعلمه غيث أنه ما يقوم به من عمل إنسانى جعله مصدر للسعادة فى حياتنا، فكم دمعة فرح ذرفها المشاهد تجاه ما قام به غيث حينما أدخل السعادة على قلب كل ضعيف لا حول له ولا قوة، وكم بسمة رسمها على شفاة المشاهد حينما وجد إبتسامة فرح لا تقدر بثمن على وجوه متعبة أرهقها الزمن، فيا ليت كل البشر غيث، لما كنا وجدنا إستغلال، ضعف، ذل، قهر
إلى كل المحبطين فى الأرض إرفعوا ألسنتكم عن كل غيث، أتركوا أصحاب الأخلاق الحميدة يسيرون فى الطريق الصحيح بعيداً عن إصدار الأحكام الظالمة، فإذا لم تنفع فلا تضر، فأنتم لا تعلمون كم إحساس مؤلم مر به هؤلاء المحتاجين ليد العون، وعلاقة الإنسان بربه من الأساس علاقة مميزة وخاصة، يدرك فيها جيداً كل غيث أنها لا تبنى إلا بالأفعال والسلوك القيم بعيداً عن الإستغلال والتباهى
إلى غيث الرجل المجهول الذى لا أعرفه..
أيها البسيط المعقد، القريب البعيد، المغترب المستقر، شكراً لأنك أضفت لوناً جميلاً لحياتنا، شكراً لأنك سمحت لنا أن نتقاسم معك لحظات السعادة والحزن، شكراً لإحياء الأمل فى قلوبنا وجعلها تخفق من جديد، شكراً لأنك جعلتنا نرى أشياء منذ زمن بعيد لم نراها، طرقت الأبواب المجاورة فرقصت قلوبنا فرحاً بإستقبالك، فلا تلتفت يوماً أو تهتم، فكثيراً من القلوب لا تشعر وهؤلاء لا يعرفون جيداً بالنسبة لنا من أنت، يا حباً وخيراً فى زمن لا يوجد به ملائكة إلا أنت