ناصر #الكويت.. برسالة الأنبياء ونهج المصلحين … بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح
«محاربة الفساد معركة تبدأ بتطهير مؤسسات الدولة من فاسديها ومن ارتبط بهم دون تمييز،خصوصًا في ظل ظروف اقتصادية صعبة. لا تنمية ولا عدالة في الدولة بوجود الفاسدين في مؤسساتها، وغير ذلك لا يكون إلا إفساد فوق إفساد وما نراه أقل مما نتمناه».. كلمات قوية أشبه برصاصات اخترقت جدار الصمت أطلقها فقيد الكويت المغفور له بإذن الله سمو الشيخ ناصر صباح الأحمد طيب الله ثراه، كلمات عبرت بصدق عن رحلة طويلة من الكفاح لكي يفخر الشعب الكويتي بوطن يتبوأ مكانة متقدمة مُستحَقة بين الأمم، ونحن مقبلون على الذكرى السنوية الأولى لرحيل سموه في 20 ديسمبر الحالي والذي يأتي بعد أيام قليلة من اليوم العالمي لمكافحة الفساد، أردنا أن نطلق هذه الرصاصات مرة أخرى حتى ينتبه أصحاب الضمائر لرسالة هي الأعظم في الحياة، هي رسالة الأنبياء في أقوامهم ورسالة المصلحين في كل مكان، هي رسالة (إني جاعلٌ في الأرض خليفة) ضد من يفسد فيها ويريد أن يسفك دماء الوطن غير مبالٍ بإرث عظيم جاء باختلاط العرق والدماء الزكية لنضال كُتب بأحرفٍ من نور في وجدان كل كويتي انتمى لهذه الأرض الطيبة التي وُلِدنا من رَحِمها،والبِر بها هو فرض عين وقَسَم تعاهدنا عليه.
لقد كان المغفور له بإذن الله سمو الشيخ ناصر صباح الأحمد -طيب الله ثراه- وجعل الجنة مثواه نموذجًا فريدًا لمن أفنوا حياتهم في خدمة أوطانهم، وكان دائمًا حتى وقبل تولّيه النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع يحلم بأن تكون الكويت مركزًا اقتصاديًا مرموقًا وذلك برؤيته الثاقبة وبصيرته النافذة لطريق الحرير وتحويل الكويت إلى محطة رئيسة للتجارة بين الشرق والغرب في المشروع الصيني العملاق المعروف بـ (مبادرة الحزام والطريق )، ولذلك كانت محاربته للفساد أمرا حتميا لتنفيذ هذا المشروع الحلم الذي أسماه (رؤية 2035) أو (كويت جديدة).
كما أن عشقه للتراث الإنساني عامة والتراث الإسلامي خاصة جعله بمعاونة حرمه سمو الشيخة حصة صباح السالم يقوم بجمع قرابة الـ20 ألف قطعة أثرية تم حفظها في (دار الآثار الإسلامية) والتي أسسها سموه عام 1983،كما كان عضوًا فخريًا في مجلس أمناء متحف المتروبوليتان بنيويورك.
لم يمهلنا القَدَر أن نجني ثمار نضال سموه ولكن في ذكراه السنوية الأولى لا نقول إلا ما يرضي ربنا سبحانه وتعالى، وعزاؤنا أن كفاحه ضد الفساد ألهب حماس من يريد الإصلاح بصدق وأيقظ الضمائر من سباتها العميق وثبت بكلماته مبادئ وطنية لا تقبل المساس ورسخ بمنهجه أقدام المصلحين بصدق،وأنه كان لا يخشى في قول الحق لومة لائم وكأنه كان يعلم دنو الأجل وأن الكويت باقية عزيزة شامخة بالإصلاح والكفاح، رحم الله رجلًا عظيمًا وقائدًا حكيمًا قلما يجود الزمان بمثله، و«إنا لله وإنا إليه راجعون».