نهج العظماء في ذكرى وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله … بقلم الشيخه حصة الحمود السالم الحمود الصباح
في حياة الانسان منا لحظات صعبة على النفس لا يستطيع اللسان أو القلم أن يعبرا عنها ويزداد هذا الأمر صعوبة حينما يتعلق بفقد العظماء من الناس لا سيما ان كان هذا الرجل بقدر المغفور له بإذن الله تعالى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود والذي تمر الذكرى السنوية الثامنة لرحيله هذه الأيام.
ولكن كيف تمر علينا هذه الذكرى الحزينة ولا نكتب ولو بالقدر اليسير لكي نعبر عن وفائنا واعتزازنا بما قدمه لشعبه وللانسانية أجمع من عطاء كان يراه واجبا على كل انسان صاحب رسالة ومسؤولية وأمانة عظيمة قد حملها على عاتقه.
وقد شهد لانسانية الملك عبدالله القاصي والداني من تقديمه يد العون والدعم الكامل لمنكوبي الكوارث الطبيعية في العالم أجمع وحرصه على الدعم السياسي والاقتصادي لأشقائه من الشعوب العربية التي أصابتها الفوضى في السنوات الأخيرة وكان أبرزها دعوته لعقد مؤتمر اقتصادي عالمي للاستثمار في مصر حتى تمر من أزمتها.
وكان حريصا على مد جسور التواصل الحضاري والفكري والديني من خلال انشائه لمركز حوار أتباع الأديان ومركز الملك عبدالله للغة العربية وبرامج الابتعاث الخارجي سواء للعلاج او للتعليم بإرسال الطلبة السعوديين من الجنسين والتي كان يهدف من ورائها لخلق كوادر بشرية قادرة على النهوض بالوطن وكسر حالة الجمود المجتمعي القبلي ونظرته الدونية للمرأة وقدرتها على احداث التغيير والفارق، ولم يقتصر اهتمامه بالمرأة السعودية على ذلك فحسب حيث إن عهده يعتبر الفترة الذهبية للمرأة السعودية والتي خصص لها 30 مقعدا في مجلس الشورى لتسهم في صنع القرار كناخب وعضو وأيضا في معترك المجالس البلدية وأنشأ المركز الوطني للحوار حتى يتيح للمثقفات منهن طرح مشاكل المرأة ومناقشتها وعرضها للرأي العام، بالاضافة الى اهتمامه رحمه الله بربات البيوت وبرنامج الأسر المنتجة وهذه النظرة الحضارية والانسانية للمرأة تعكس ثقة جلالته في قدرتها على صنع الفارق واستغلال طاقتها المهدرة بفعل قوى الظلام والتطرف التي تعادي المشاركة النسوية في الحراك المجتمعي.
وقد كان الملك عبدالله معروفا بحبه الشديد للأطفال وتوفير الرعاية الكاملة لهم صحيا وتعليميا فقد أنشئ في عهده أكبر مستشفى تخصصي للأطفال في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالاضافة الى حرصه على اجراء عمليات فصل التوائم الملتصقة من خارج البلاد في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية على نفقة المملكة في لفتة انسانية شهد لها العالم أجمع، وكان دائم التوجيه للمؤسسات التعليمية بضرورة وأهمية اكتشاف الموهوبين والمبدعين من الأطفال وتنمية مواهبهم لخدمة الوطن في المستقبل.
لقد اكتفيت بذكر اليسير من لفتات الملك عبدالله الانسانية الكاشفة لجانب مهم في شخصيته العظيمة ولم أتطرق لانجازاته الضخمة في البنية التحتية وتوسعة الحرمين وتقديم كل الخدمات لزوار بيت الله الحرام فضلا عن الأنشطة الاقتصادية المختلفة والتي لا يسعنا المقال لذكر بعض منها، ولكن قد فهمنا رسالة الملك عبدالله في ضرورة الأخذ بأسباب الواقع وفهم مفرداته وتغيراته لكي نلحق بركب الحضارة والحداثة من خلال الاهتمام بالتعليم والمرأة والطفل وأن لا نركن الى التقاليد المعطلة للتغيير بفعل الكسل المعرفي والجمود الفكري و الاجتماعي وأن خلافة الله في الارض هي تحريك هذا الجمود لخدمة الانسانية.
رحم الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأسكنه فسيح جناته وانا لله وانا اليه راجعون.