يوم المرأة العالمي.. بصمة نجاح وإرادة للمرأة الكويتية في شتى المجالات
يحيي العالم غدا الأربعاء اليوم العالمي للمرأة الذي تبنته الأمم المتحدة عام 1975 ويحمل هذا العام شعار (المرأة في عالم العمل المتغير: تناصف الكوكب (50/50) بحلول عام 2030).
وركزت رسالة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بهذه المناسبة على دعوة الجميع إلى “بذل قصارى جهدنا للتغلب على التحيز المترسخ ودعم المشاركة والنشاط وتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة”.
ففي الثامن من مارس كل عام تتجدد مشاعر التقدير لما قدمته المرأة ولا تزال حول العالم ومساهماتها في تنمية وتطوير المجتمع في وقت تعد مكانة المرأة في أي مجتمع معيارا اجتماعيا حقيقيا لقياس مدى التطور الحضاري لهذا المجتمع.
وفي دولة الكويت أثبتت المرأة من خلال تاريخها الحافل بالإنجازات ودورها الريادي والفاعل في مسيرة التنمية التي تشهدها البلاد في شتى مجالات الشأن العام والمجتمع والاقتصاد والسياسة وغيرها غير أن ذلك لم يأت وليد الصدفة بل كان ثمرة مسيرة طويلة استمرت عشرات السنين من المطالبات والجهود التي كللت عام 2005 بإقرار الحقوق السياسية للمرأة.
ولم يكن للمرأة الكويتية أن تحقق هذا النجاح لولا وجود العديد من العوامل التي مهدت له في مقدمتها تطور المنظومة التشريعية والاجتماعية التي أتاحت الفرصة أمام العديد من الكفاءات النسائية في البلاد لتتبوأ أعلى المراكز محليا وإقليميا ثم يأتي دور شقيقها الرجل الذي ساندها لنيل كل حقوقها لاسيما السياسية.
وأول خطوة في مسيرة الحقوق السياسية للمرأة الكويتية في مجلس الأمة بدأت عام 1971 عندما تقدمت نورية السداني بعريضة إلى لجنة الشكاوى والعرائض في المجلس تطالب فيها بإعطاء المرأة حقوقها السياسية ترشحا وانتخابا.
وفي المجلس ذاته حمل شقيقها الرجل الكويتي شعلة المطالبة بحقوق المرأة السياسية عندما تقدم النائب سالم خالد المرزوق باقتراح بقانون بمنح المرأة الكويتية المتعلمة حق الانتخاب.
واستمرت مطالبات الرجل من داخل قبة البرلمان بالحقوق السياسية للمرأة الكويتية في جميع المجالس النيابية تقريبا حيث تقدم النائبان جاسم القطامي وراشد الفرحان في مجلس 1975 باقتراح بقانون لإعطاء المرأة كامل حقوقها السياسية وهو الأمر ذاته الذي تقدم به النائب أحمد الطخيم في مجلس 1981 تبعه النائب عبدالرحمن الغنيم في مجلس 1986 غير أن تلك المحاولات لم يكتب لها النجاح.
ثم جاءت مرحلة الاحتلال العراقي الغاشم لدولة الكويت في أغسطس 1990 حيث برهنت المرأة الكويتية قوة مواقفها وأهمية دورها في المجتمع عندما وقفت جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل تقاوم الاحتلال وتحارب المحتل بشجاعة وثبات انحنى أمامه العالم مسطرة أروع القصص في البطولة والاستشهاد دفاعا عن الوطن.
وعقب التحرير وعودة الحياة النيابية للبلاد تقدم النائب حمد الجوعان في مجلس 1992 باقتراح بقانون بمنح المرأة حقوقها السياسية.
وفي مجلس 1996 برزت محاولتان لاعطاء المرأة حقوقها السياسية كانت الأولى في ديسمبر 1992 حين تقدم كل من النواب علي البغلي وعبدالمحسن جمال وجاسم الصقر وعبدالله النيباري باقتراح بقانون يعطي المرأة حقوقها السياسية.
وكانت المحاولة الثانية في يناير 1997 حينما تقدم النائبان عباس الخضاري وصلاح خورشيد باقتراح مماثل يعطي المرأة الكويتية كامل حقوقها السياسية.
وفي 16 مايو 1999 أعلن مجلس الوزراء عن رغبة أمير البلاد الراحل المغفور له الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح بإصدار مرسوم أميري يمنح المرأة الكويتية كامل حقوقها السياسية ترشحا وانتخابا تقديرا منه لدورها في بناء نهضة الكويت وموقفها البطولي أثناء محنة الاحتلال.
وفعلا تم في 25 مايو 1999 رفع مشروع المرسوم بقانون إلى الأمير الراحل الذي صدق عليه ونشر في الجريدة الرسمية لكن الفرحة بهذا الإنجاز التاريخي لم تدم طويلا حيث تم رفض المرسوم في مجلس الأمة بفارق صوتين فقط.
ولم يقف نضال المرأة الكويتية عند هذا الرفض غير المبرر الذي شكل آنذاك حديث المجتمع العربي والدولي بل ازدادت وتيرة مطالبتها بحقها السياسي متخذة منحى جديدا كاللجوء إلى القضاء ثم النزول إلى الشارع في محاولة للضغط على النواب.
واستمر هذا النضال حتى يوم 16 مايو 2005 عندما وافق مجلس الأمة في جلسة ماراثونية على الاقتراح بقانون المقدم من الحكومة بتعديل نص المادة الأولى من قانون الانتخاب حيث حصل الاقتراح عند التصويت عليه على تأييد 35 عضوا ورفض 23 وامتناع عضو واحد.
وعن ذلك اليوم التاريخي قالت وزيرة التجارة والصناعة السابقة أستاذة قسم التمويل بجامعة الكويت الدكتورة أماني بورسلي إنه يوم تأكد فيه أن المرأة عنصر أساسي ومن أهم ركائز المجتمع لاسيما أنها شريك فاعل في جميع الميادين وبمختلف التخصصات وأثبتت عبر الزمن أن لها دورا لا يقل أهمية عن دور الرجل في تنمية المجتمع.
وأضافت بورسلي لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) أن المرأة الكويتية استطاعت الوصول إلى هذا الإنجاز بفضل مساندة القيادة السياسية لها على مختلف الأصعدة لتثبت المرأة الكويتية وجودها في كل المستويات.
وأوضحت أن المرأة شغلت العديد من المراتب القيادية فأصبحت وزيرة ووكيلة وزارة ومديرة جامعة وسفيرة وتم انتخابها شعبيا لعضوية مجلس الأمة إضافة إلى خوض تجارب ناجحة في القطاع الخاص حتى تمكنت من حجز مواقع متقدمة اقليميا ودوليا بترؤسها وإدارتها لشركات اقتصادية عملاقة.
وذكرت أن المرأة الكويتية على الرغم مما حققته من نجاحات على مختلف الأصعدة في الداخل والخارج فإنها لا تزال تعاني عدم وجود مبدأ تكافؤ الفرص بينها وبين الرجل وتدني مشاركتها ومحدودية تبوئها المناصب ومازال أمامها أن تناضل لتحصل على موطئ قدم أكبر في عضوية مجالس الإدارات والمناصب القيادية والوزارية والهيئات والشركات.
ولفتت بورسلي إلى أن تطبيق نظام (الكوتا) شأننا في ذلك شأن الكثير من الدول في العالم سوف يؤمن حصول المرأة على حقوقها في المشاركة السياسية والقيادية في المجتمع.
إلى ذلك لم تكد تمضي أيام قليلة على حصول المرأة الكويتية على كامل حقوقها السياسية حتى بدأت أولى خطوات القيادة الكويتية في تمكينها من تبوؤ مكانها الصحيح على خارطة العمل والتنمية في البلاد حيث أعلن مجلس الوزراء في يونيو 2005 اختيار المهندسة فاطمة سعود الصباح والمهندسة فوزية محمد البحر لعضوية المجلس البلدي.
وفي الشهر ذاته دخلت المرأة الكويتية وللمرة الأولى ضمن التشكيل الوزاري في البلاد عندما أعلن مجلس الوزراء اختيار الدكتورة معصومة المبارك لشغل منصب وزير التخطيط ووزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية.
وفي أبريل 2006 مارست المرأة الكويتية للمرة الأولى حقها السياسي ترشحا وانتخابا عندما أعلنت المهندسة جنان بوشهري ترشحها في الانتخابات التكميلية لعضوية المجلس البلدي عن دائرة سلوى الانتخابية.
وفي مجلس الأمة 2008 تقدمت 27 امرأة بطلب الترشح رسميا لانتخابات المجلس ورغم عدم تمكنها من تحقيق الفوز لكن الممارسة الفعلية أكسبتها مزيدا من الخبرة التي أهلتها للفوز في مجلس 2009.
ففي ذلك المجلس استطاعت المرأة الكويتية أن تحقق نصرا في الانتخابات فاق جميع التوقعات بفوز أربع مرشحات بمقاعد مجلس الأمة هن الدكتورة معصومة المبارك عن الدائرة الانتخابية الأولى والدكتورة سلوى الجسار عن الدائرة الانتخابية الثانية والدكتورة أسيل العوضي عن الدائرة الانتخابية الثالثة وزميلتها في الدائرة ذاتها الدكتورة رولا دشتي.
واستمرت المرأة الكويتية إلى اليوم في تسطير نجاح تلو الآخر تاركة بصمتها وإرادتها وعزيمتها في مختلف المجالات لتثبت لمجتمعها خصوصا وللعالم ككل أن المرأة بالفعل هي نصف المجتمع الذي لا يمكن الاستغناء عنه أو تهميشه.