أهم الأخبارالأسبوعية

«أصدق ما نكتُب هو ما نحذُف!» … بقلم نفين عباس

 

الرسالة هي طريقة تعبيرية عن ما يجول في خاطر الإنسان ويريد إيصاله دون حرج أو مواجهة، إختلف شكل الرسائل وطرق إرسالها مع إختلاف الأداة، ولكن ظل للكلمات الحضور الأقوي مهما كانت طريقة الإرسال..

لطالما كانت الرسائل التي لم نرسلها هي أصدق ما نكتب، إنها خيبات الدقائق الأخيرة، بكل صدق وبوصفها تجربة شخصية، إن أصدق ما نكتبه هو ما نحذفه قبل إرساله، ففي أغلب الأوقات تكون تلك الرسائل عبارة عن حقيقة ستؤلم من يتلقاها، أو محاولة بائسة لبناء جسر جديد لعلاقات هدمت بالفعل ويصعب ترميمها، أو رسائل تحكمها المشاعر التي قد تهوي بصاحبها إلي بحور الندم فيما بعد

أقسي ما يمر علي الإنسان هو أن يظل طوال الليل يفكر وينتقي كلماته بعنايه حتي لا يجرح أحد عندما يرغب في التعبير له عن ما يحزنه أو حقيقة ما يشعر به تجاهه، ثم يقرر بالنهاية مع شروق الشمس حذف كل كلمة من جديد..

إن الليل ليس كما النهار، فما نكتبه بالليل هو الحقيقة التي تملئ الذاكرة بمواقف وخيبات إستحقت الحذف من قاموس الحياة لأننا ببساطة لم نكن نستحقها بالأساس، أما النهار فبإستطاعته بسهولة كشف كل ملامح التعب والخذلان من علي وجوهنا، لذلك نجاهد من أجل الهروب من شمسه للإختباء ليلاً في عزلة بعيدة عن عيون الأخرين لنكتب عن حقيقة ما نشعر به ثم مسحه من جديد!

مع كل كلمة نحذفها من رسائلنا نحذف جزءاً من حقيقة مشاعرنا، يتضاءل بداخلنا الأمل والحلم في العودة أو إصلاح ما قد يصعب إصلاحه، ونظل بين معضلة كلمات لم تقال والندم من التسرع علي قولها

حذف الرسائل لا يعني بالضرورة أنه نوعاً من الضعف، بل قد يكون في كثير من الأوقات حفاظاً علي ما تبقي ولو القليل من تلك العلاقات المؤذية، أو حتي محاولة لإستمرار وجود أشخاص ندرك تماماً أنهم خاطئين ولكن ببساطة نحاول تقريب المسافات بيننا وبينهم لأننا نحبهم، فكم رسالة تكتب يومياً ثم تحذف خوفاً من برودة الرد أو تجاهله

ما أصعب إنتظار ما لا يأتي، أو معرفة رد الفعل أو شكل العلاقة مع هؤلاء الأشخاص، إنه تشبث بأشياء وهمية كالغريق الذي يبحث عن أي أمل للنجاة، وجود وهمي ليس له أساس في حياتنا لكننا إرتضينا بالخديعة حتي لا نتألم أكثر من غيابهم، مع أن مرارة الدواء هي مفتاح الشفاء من المرض، نحن لسنا سوي مجرد هامش بين سطور حياة هؤلاء الذين نحذف رسائلهم، لسنا سطوراً رئيسية أو نقاط لا يضعون بعدها كلمات أخري، إننا هامش رغم أننا لا نستحق ذلك

رسالتي الأخيرة لكل من يكتب رسالة ثم يحذفها، كرم نفسك، فقلوبنا ومشاعرنا شيئاً نبيلاً يستحق الدفاع من أجله حد الموت، فلم يعد بالعمر متسعاً للمزيد من الأشخاص الخطأ، ولا شيئ في الحياة يستحق العناء من أجله أو من أجل العيش لإرضاء من لا يرضيك أو يقدرك، إننا نستحق الأفضل، فالحياة تتغير ويجب أن نتغير معها في سبيل الحصول علي ما نستحقه لا علي ما يكسر كل جميل بداخلنا

[email protected]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى