إنما يُوفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب.. بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الصباح
ما بين شهرين فضيلين بنفحاتهما العطرة الطيبة ورحمات من المولى الكريم عز وجل تحل الذكرى السنوية الرابعة لرحيل ولدى الحبيب سمو الشيخ ناصر صباح الفهد الناصر الصباح .في جنات النعيم وغُفر لنا تقصيرنا وأنتقم له ولكل الشهداء الذين رحلوا عن عالمنا الفانى ،عليهم سحائب الرحمات من المولى عز وجل وطيب الله ثراهم وجعل الفردوس الأعلى مئواهم مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
تأتى ذكراه الرابعة محملة بنفحات ربانية تتنزل على المؤمنين عامة وعلى الصابرين خاصة ، وأى منزلة للصبر أعلى من الصبر على رحيل من كان بمنزلة الروح فى الجسد ولكن يطمئننا المولى عز وجل فى محكم التنزيل بقوله تعالى ( إنما يوفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب) أى من رضى وصبر على قضاء الله فى هذه الدنيا القصيرة الفانية دخل فى معية الله ورضوانه فى يوم المشهد العظيم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
وقد أخبرنا المولى عز وجل فى كتابه الكريم بهوان الدنيا وفنائها ومهما عظم البلاء فيها فإنها شيئًا لا يذكر بما أعده الله للمؤمنين المحتسبين ،وقد أرانا الله سبحانه وتعالى آياته فى أنفسنا وأن الإمتحان لن يترك أحدا حتى يميز الله الخبيث من الطيب ، حتى الأنبياء والمرسلين لم يستثنوا من ابتلاء الله وهم أشد الناس بلاءًا كما أخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، ولو كانت الدنيا تدوم لأهلها لكان رسول الله حيًا وباقيًا بيننا يراه الجميع ولكنها تفنى ويفنى نعيمها والباقيات الصالحات خيرٌ عند ربك ثوابا وخير مردّا .
والحقيقة أن الموت يغيب الجسد فقط ولكن تبقى الروح فى برزخها تتواصل مع الدعاء والصدقة الجارية و كل أعمال الخير التى تركوها أو توهب لهم من أحبائهم ، لأن رحمة الله بعباده اقتضت هذا التواصل واستمراره حتى يجمع المؤمنين على سبل التراحم والتواصل وهم أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله ، ويخطئ من يظن أن أحبائنا فى برزخهم انقطعوا عنا بل هم فى تواصل معنا بأقوى مما كان فى الدنيا لأنها فى عالم المشاهدة وانكشاف الحجب ، فأكثر أهل الدنيا محجوبون لزوم الإمتحان والتمييز كما ذكرنا سابقًا فى بداية المقال ، ولو أن الله كشف لنا ما يخبئه لنا من رحمات وكرم وعطاء ربانى لتواكلنا ولم نعمل ولكن الله يريد منا أن نقبل عليه بحب وإخلاص وصدق فى هذه الدنيا الفانية حتى يجازينا الجزاء الأوفى برفقة من نحب فى نعيم أبدى لا نهاية له.
ما بين الشهرين الفضيلين شهر شعبان وشهر رمضان سر عظيم خسر من لم يغتنمهما ، ما بين شهر رفع الأعمال وشهر القرآن والصيام فضل عظيم لا يُرى بالعين ولكن يُرى بالقلب ، ما بين الشهرين الفضيلين فرصة عظيمة لمن أن أراد أن يلقى الأحبة فى جنات النعيم المقيم والتمتع بالنظر إلى وجه الله الكريم مع صفوة عباد الله المؤمنين.
نسأل الله عز وجل أن يتقبل منا صالح الأعمال وأن تكون خالصة لوجهه الكريم وأن يرزقنا صحبة عباده الصالحين وأن يجمعنا بمن نحب فى جناته ورضوانه ، وأن يؤجرنا فى مصيبتنا وأن يخلفنا خيرًا منها وان يغفر لنا تقصيرنا وينتقم له ولكل الشهداء وإنا لله وإنا إليه راجعون.