خارجَ العشّ …بقلم الشاعرة خولة سامي سليقة
غاليتي:
أهمّ ما عندي في هذا الصّباح الطّازج الذي يعجّ بالوجوه، السّيارات، الأشجار، العطور، أنّي بخير أكثر من أيّ يومٍ مضى، ما كنت كذلك منذ زمن طويل. بل لا أذكر أني كنت (نعمة) كما أنا اليوم، نعمة الفتاة التي أمضت سنوات دراستها لا ترفع رأسها عن كتابها أثناء الاختبارات أو غيرها من الأيام العادية، أصبحتْ نعمةً حقيقية لروحها، لقلبها- و إن أراني نقمة في عيونهم- لكنْ يشتدّ إعجابي بنفسي يوماً بعد آخر في الآونة الأخيرة أصبحوا يخافونني يا سمر، ضئيلة الحجم لم يفق وزني يوماً ثمانية و أربعين كيلو غراماً ، لا أجد ثوباً يستر ضعفي غير أثواب المراهقات الصغيرات، أحذية أقزام الحكايات من نصيبي، لكنهم يحسبون لي
حساباً.
23/3/2014
سمورتي:
أطمئنك صار لي بينهم وزنٌ و هيبة أكثر، إذاً أصبحتُ أحبهُ أكثر.
ستضحكين و أنت تقرئين كيف يغرسون عيونهم في ثقب الباب، يزرعون آذانهم سياجاً لغرفتي، يمشّطون يمشّطون ثيابي، علب الهدايا، دفاتري، بأصابعهم البشعة. حاولوا ولوج نومي بأساليب غبية، حتى أني استيقظت يوماً مذعورةً، لأرى وجوههم تطبق على مجال رؤيتي، و قد جلسوا يحملقون فيّ، مترقبين ربما باب القلعة أن يُفتح خلسةً بلا سلاحٍ أو مقاومة.
سذّجٌ أشفقُ عليهم، لم يجرّبوا منعة أسوارِ قلبي. لاحظتُ مؤخراً الاجتماعات اللّيلية في المطبخ، في مكتب أخي المحامي أو على الشّرفة الخلفية المغلقة، أتصدقين؟ كما لو أنهم يخوضون حرباً حقيقية. قاطعهم دخولي غيرَ مرّة، محدثاً إرباكاً ينتهي بتلعثم المجموعةِ و تشتّتها، على أملِ لقاءٍ آخر، تجاهلت تهديد أخي له، مستغلاً عمله في القضاء، تعاميت عن تهجّم أختي عليه في أحد المقاهي. صبرت. انتظرتُ. الأمل يولدُ ميتاً.
12/5/2014
رفيقةَ الوجع: أإلى هذا الحدّ نخافُ الحبّ يا صديقتي؟ أم أنّ العاشقين وحوشٌ كاسرةٌ؟ ليتهم يعلمون، أنّ أجمل الناسِ هم الذين يطرحهم العشقُ أرضاً يبسمون بلا مناسبةٍ و تضحكُ عيونهم، أو تسابقُ دموعهم كلماتهم بلا إنذار، حين يصبحون أميل إلى العزلة، إلى الرحيل بعيونهم، إلى الكتابة و القراءة و الموسيقا، إلى قهوةٍ بلا ميعاد.
مرعبون حقاً، هؤلاء الذين يتحولون بين إغماضة عينٍ و أختها إلى أفرادٍ متسامحين، لا يريدون خوضَ أي شجارٍ من أجل أيّ شيء. يسيرون ليلاً على وهج أحلامهم، ثم يأوون إلى أسرّتهم هياكلَ خاوية لتطوفَ أرواحُهم في ملكوتٍ آخر. يشفقون على الحيوانات الضّالة، ينحنون ليبادلوا طفلاً ابتسامةً، يؤسفهم أن يشعرَ امرؤٌ بالحرج في مركز التسوق فيعرضون مساعدتهم، يستاؤون من سوءِ معاملةٍ يتلقاها عاملٌ فقيرٌ،
يتعاطفون مع كلّ مظلوم. يُدهَشون لمرأى شجرةٍ عمرها عشرات السنواتِ في شارعهم و لم يلحظوا جنون زهرها. يكتشفون أن الحيّ صاخبٌ و قهوةُ الجاراتِ تفضح طبولَ الصّدر و بهجة العيون.
يغيّرهم الحب كثيراً .. و قد غيّرني حبه! لكني متعَبة يا سمري. إلى متى؟
4/7/2014
آه يا سمر:
مذ أحببتهُ أجلس وثناً، و بعد رحيلهِ بل إكراهه على المغادرةِ بطرقٍ ملتويةٍ وضيعةٍ، ما عدتُ أحيا أبداً.
تمثالٌ أنا تصفعهُ العقارب، بدءاً من عقرب ساعة الحائط حتى أصغر عقرب في منزلنا دون أن يحسّ شيئاً أيامٌ تمرّ لا آكلُ فيها إلا ما يسند طولي. ينتظرونَ انتصارهم على قلبي، يترقبون بلهفةٍ خروجي إلى الحياة من جديد، معلنةً وفاته في صدري. لا يريدون أن يفهموا، أن حياتي معه ستكون أكثر بساطةً و الأشياء ملونة بهيّة، أما النجوم ستظلّ ترقصُ بريقاً.
أما عن جديدي، فلا جديد إلا همي. 1/9/2014
أغلى صديقة:
المصوّر الذي وجدوهُ حجراً تافهاً في طريق نجاحي، لا يعتبرُني مجرّد صورةٍ جميلةٍ التقطها يوم حظّ أبيض. أنا حياته و هو عيني الجديدة على الكون كله.
قبل أن أغلقَ حاسوبي أطمئنك، أنا في المطار. و العصفور طااااااار.
أحبكِ. 2/12/2014
خولة سامي سليقة