أهم الأخبارالأسبوعية

«أيها الراقدونَ تحت مظلة العلاقات»… بقلم نفين عباس

 

يدعىّ المثاليون أن لا علاقة لهم بالخيانةِ أو تحطيم الأخرين لكننا بالتفتيشِ وراءَ كل من يدعىّ الفضيلة والمثالية والذى يقبع تحت مظلته الكثير من الحمقىّ نجد أن له تاريخاً طويلاً موثقاً من الخيانة والكذب وكل ما يُوصف بأنه هدر وإهانة لحقوق الغير ، الأمر ليس مقتصراً على السياسيون الذين يدعون الفضيلة المدافعون عن الحقوقِ والحريات لأنهم ليسوا سوى بعض المنافقين ولا على الحكومات المستخدمة للنفوذ بإسم الشرعية كى تغطى على جرائمها التى تحدث تحت مظلتها الكثير والكثير من التعذيب والقمع والجرائم التى تقشعرُ لها الأبدان ولا حتى على أصحاب اللُحىَّ الذين هم بحقيقة الأمر جزءٌ من الصورة التى يلتقى أعضائُها فى نفس البقعة التى يقبع بها عَفنُ الأنظمة ، المثاليون فى سطور اليوم أُناسٌ مجرمينَ بغير سلاح قاتلونَ بدون جثة تدل على قبح وفظاظة أخلاقهم وأفعالهم ، فى يومٍ من أيام حياة كل واحدٍ منا تجد قلوبنا قلبٌ اخر أكثر قرباً فجأة ، ليصبح فى لحظة هناك شخصٌ من أخر لأول إهتماماتنا تصبح أرواحنا فى خندقٍ واحد مُحاربةً لكل من يقفُ عائقاً أمام الوصل الذى كان فى وقته جميل .. قبل أن تخنقه رياح الكذب والخيانة والسيطرة من كل إتجاه لتتحول الحياة بدون مقدمات من حياة سعيدة إلى حياة مليئة بالدراما الحزينة من الطراز الأول تبدأ بلهيبٌ ثم حبٌ ثم زواج لتنتهى بخيانةٍ ويأسٍ وعطشٌ للحُريات ، ساعةً بعد ساعة تضيق الدائرة علينا لنشعر أننا خرجنا من ذلك الخندق لنقعَ فى دائرة الحصار ، حصارٌ بدون عدو مجاهر لك بالعداء يتزعمه من ظننت يوماً انه أقرب المقربون ، العلاقات مليئة بالكثير من اللحظات الحزينة أكثر من السعيدة فكم شخص ينام ليلته هانئاً سعيداً بينما هناك أخر جُرح جرحاً عميقاً وأغرقت دمعاته وسادته وهناك من مات من أجل الأخرين دون تقدير وحاله يقول يا إخوتى الذين يعبرونَ فى الميدان مُطرقين أبواب من لا يُقدر كفاكم تقديراً فأنا اليوُم مُعلقٌ على مشانقِ الصبر وجبهتى بالخذلان والوجيعةُ محنية ….
لطالما كانت الحقيقة ساحةٍ للمواجهة بين الكاذبين والصادقينَ فى العطاء تلك المواجهة التى يراها الجبناء غير متكافئة ويراها الأحرار حقٌ لمن كان لا حق له لينضم لهم سريعاً أصحاب الحقِ والإرادة ليولد من جديد إنسان لطالما كان يفتش عن حريته المهدورة ، تحت مظلة العلاقات هناك الملايين من الضحايا فكم علاقة إستمرت قهراً فقط لمجرد ورقة ضغطٍ من الرجل أو المرأة إسمُها الأبناء وكم من علاقةٍ إستمرت عِنوة بسبب بعض المصالح المُشتركة وكم من علاقة إستمرت بسبب ضعف فى شخصية طرف مقارنةٍ بالأخر وكم من علاقة إستمرت بسبب إحتياج أحد أطرافها للمادة الكثير من الامثلة والقليل من المشاعر الحقيقية الصادقة ، نعيش اليوم تماماً كالأموات ، كلمات سيئة قاسية جارحة ملئ السمع تحيط بنا من كل جانب أفعال مؤلمة تدمى القلب نراها فى كل التفاصيل لتمر سنواتٌ طويلة تأخذ من أحلامنا ومشاعرنا وأعمارنا ويبقى دائماً داخلنا إحساسٌ بالندمِ والعار ، ندمٌ على تلك النبؤة التى شعرنا بها ولم تتحقق وعارٌ من النفس التى لحقت أو لاحقت من لا يستحقُها ، فبينما كنت تبنى أحلامك لتصنع منها طريقاً يوصلك للسعادة كان الأخر يمحى كل خطوةٌ تخطوها بإسم الحب لتصبح جثةً هامدة المشاعر متوقفة القلب لكنها تتنفس! وتجد نفسك فى النهاية تقفُ على طريقٍ من العبء مع طرفٍ بدلاً من أن يسير معك أوصلك إلى مفترق طرق وإما أن تعلن التضامن وتخطوا معه نحو طريقه وإما ان تسيرَ وحيداً بين الطرقات المُظلمة الممتلئة بالحيوانات ، لكنها حيوانات من نوعٍ أخر ، حيواناتٌ فى صورة بشر تنتهك الخصوصيات ، تلقى اللوم بإستمرار ، تدمر كل ما هو جميل ، تطفئ كل بريقٍ للأمل بإسم الإستقرار لتجد نفسك مجبراً على شرح سوء الفهم لمن لا يفهم وتقدير من لا يُقدَر ….
بالحديث عن العلاقات فى بلادِ العرب نجد دائماً جمال للبدايات مؤقت لأنه سريعاً ما يتحول إلى علاقات متشابهة تختلف فقط فى نكهة “النكد” وتستمر علاقات العرب بنفس الرتابة والأحداث والتفاصيل وما تكسبه بالنهاية هو بعض الإضافات المملة فى حياتك التى لم تختارها أو تعش تفاصيلها كما أردت وأحببت ، على سبيل المثال لا الحصر الأشخاص المتواجدين بشكل دائم فى حياتنا ولا معنى لهم ، كالأقارب أو الزيجات الغير متكافئة لا عاطفياً ولا فكرياً ، أشخاصٌ مستهلكين بشكل كبير لمشاعرنا وطاقتنا لا يحسنوا إلا لأنفسهم ولا يسيئوا إلا للأخرين ، نقدم لهم مشاعرنا مجاملةٌ ونتنازل فى الوقت الذى ليس لهم أى حق فى أن نتنازل ، لكنَ المجتمع سيطلق علينا الألقاب التى تصيب إنسانيتُنا فى مقتل لنتحول لأشخاصٍ عديمىّ المسؤولية نتمتع بأنانية مفرطة فقط لأننا نطالب بحرياتنا المسلوبة بسبب أحدهم ، تحولت العلاقات لعلاقات مريضة تقف جميعُها على حافة الهاوية غنية بالكره فقيرة بالحب معدومة لثقافةِ الإختلاف فبدلاً من أن نبحث عن سعادتنا معاً تحولنا لمرضىّ بالكآبة نمقت على كل سعيد بل ولزاماً علينا دعوته للإنضمام إلى صفوفنا الكئيبة ، تعددت مسميات العلاقات لكنَ الموتُ للمشاعر واحد ، فيا أيها الراقدونَ تحت مظلة العلاقات كفاكم عبثاً بمشاعركم وقلوبكم فاليوم الذى يمضى من الحياة لن يعود وسنتحسر على لحظاتٍ تمنينا لو أن نعيشها مع أخرين يحملون لنا حباً وسعادة كفى إرتداءاً لقناعِ الواجهات الإجتماعية السخيفة والمُسميات الساذجة التى أطلقها “دكاترة” إصلاح المجتمع أصحاب الاوجه المتعددة

فى النهاية كلمةٍ أقولها والله شهيدى ..

إن لم تشعر أنك فى المكان الصحيح إبتعد حتى وإن كانت أخر خطواتك ، إن لم تحسُ يوماً أنك مع الشخص الذى رغبته أتركهُ وإمضى نحو غيره ، إذا وجدت أحدهم يستغل مشاعرك أو ظروفك للضغط عليك وإستمرارك فى البقاء فأتركه ولا تكثر عليه التأسفا وإبدأ فى كتابة صفحة جديدة من حياتك التى رغبت فى أن تعيشها حتى ولو لساعةٍ واحدة يكفيك منها أنك ستعرف المعنى الحقيقى للسعادة بعيداً عن الصفحات القديمة المتهالكة التى تقودك فى النهاية إما للحزن المدقع أو الجنون فلا جدوى من الوقوف كثيراً فى محطة من لا ينتظرك وإنتصر لقلبك فى رحلته الطويلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى