أهم الأخباركتاب

إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا… بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الصباح

يقول الله جلّ وعلا فى كتابه الكريم “إن ٱلۡإِنسَٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعٗا (20) وَإِذَا مَسَّهُ ٱلۡخَيۡرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا ٱلۡمُصَلِّينَ (22) ٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ دَآئِمُونَ (23)” المعارج ، ما أبلغ هذا الوصف الربانى لطبيعة النفس البشرية الواهنة وما أقوى هذا العلاج الاستثنائى لداء الهلع والجزع والمنع وهو الحفاظ على الصلوات حيث السجود والحضور والخشوع القلبى فى حضرة الخالق ومعيته الذى بذكره سبحانه وتعالى تطمئن القلوب بعد الضيق من القيل والقال ، حيث نجد المولى عز وجل فى موضع آخر فى كتابه الكريم يواسى حبيبه ومصطفاه بقوله تعالى فى خواتيم سورة الحجر ” وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدۡرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ
ٱلسَّٰجِدِينَ (98) وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ (99)” ، فى ظلال هذه الآيات الكريمة أتذكر بحسرة ما آل إليه حال شبابنا من الضيق والإحباط
فى زمن العولمة وتكنولوجيا الإتصالات التى اختطفت فطرتهم السوية بعيدًا عن المنهج القرآنى ، وخاصة أن الأمم والحضارات لا تقوم لها قائمة إلا بوضع الأسس والقواعد السليمة لمكارم الأخلاق وحقوق الإنسان ، وأهم ركائز أى بنيان حضارى فى أى مجتمع هم الشباب ، هم جيش المجتمع وشرطته ووقود انطلاقته ، والاهتمام بهم وبما يُقدم لهم يجب أن يكون فى الأساس محتوى تثقيفيًا قائمًا على كتاب الله وسنة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، وأن دور الدولة متمثلاً فى وزارة الإعلام يجب أن يكون أكثر جدية وحزم فى تقديم إعلام حقيقى مثمر بكوادر علمية متميزة قادرة على التأثير الإيجابى فى نفوس الشباب وإنقاذهم من براثن الهم والضيق كنتيجة طبيعية تراكمية للتدفق المعلوماتى الذى تشوبه رائحة المصداقية فى إطار طرح إعلامي مخادع يدس السم فى العسل مما ساهم فى انتشار داء التضليل الإعلامى الذى تعددت أساليبه وتنوعت بتنوع وسائل الإعلام سواء التقليدى منها أو الجديد المعروف ب” السوشال ميديا “، وكل ذلك يتم بهدف توجيه الرأى العام لأهداف خبيثة وتكبيل إرادة شبابنا وتشويه وعيهم وتعطيل طاقاتهم الإيجابية.

عندما تم تضليل شبابنا إعلاميًا ضاقت الصدور وامتلأت عيادات الطب النفسى بمرضى الاكتئاب وانتشرت حالات الانتحار وتعاطى المخدرات ، أقول ذلك ونحن بين أيدينا كتاب رب العالمين فيه شفاء لما فى الصدور باللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالتسبيح والسجود لكى تتحقق الطمأنينة والسكينة ، وأن نلبى نداء الحق مصداقا لقوله جل وعلا ” فاسجد واقترب”.
لذلك لم ولن نجد طريقة مُثلى لتصحيح المسار والعودة لمكارم الأخلاق إلا فى المنهج القرآنى ، فالقرآن الكريم هو دستور كل العصور والأزمان وهو الحصن الحصين والأمن والأمان ، وصدق الدكتور مصطفى محمود رحمه الله حينما وصف القرآن فى كتابه ” القرآن كائن حى” بأنه يتميز بالبنية الهندسية والترابط اللغوى المعجز وأن كل ما جاء قبل القرآن وبعده لم يخرق حرفًا واحدا فيه ، وقد وصفت السيدة عائشة رضى الله عنها رسول الله صلي الله عليه وسلم بأن خُلقُه القرآن ، وأنه كان قرآنا يمشى على الأرض .
لذلك يجب اختيار المواضيع الجادة فى كافة وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة وتخصيص مساحة زمنية كافية فى أوقات مناسبة وبالتعاون مع الوزارات والهيئات المختلفة، والأهم اختيار الكوادر المتميزة بعيدًا عن المجاملات .
ونصيحتى للشباب التزموا بأداء الفروض وحافظوا على الصلوات وخاصة صلاة الفجر والتى قال عنها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ” ركعتى الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها” ، وهى ليست فقط عبادة تسمو بأرواحنا إلى عنان السماء قبل شروق شمس يوم جديد ،ولكن هى أيضًا نقطة بداية تنظيم الساعة البيولوجية فى جسم الإنسان من حيث انضباط الدورة الدموية واتساع الشرايين عند الاستيقاظ المبكر مع الحركة والنشاط وبالتالى الوقاية من الجلطات القلبية والسكتات الدماغية ،وسبحان الخالق مدبر كل شئ الذى جعل الخير كله فى الاستقامة والالتزام بالكتاب والسنة ، سبحانه وتعالى أحكم كل شئ خلقه، ونسأل الله العفو والعافية وأن يحفظ شبابنا من كل سوء .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى