الإشاعة سلاح فتاك … بقلم حسن علي الشواف
الإشاعة سلاح فتاك
قلم/ حسن علي الشواف
خلال تصفحي تطبيقات التواصل الاجتماعي لاحظت سهولة رواج الشائعات بين الناس، بل تتصدّر المشهد وتصبح حديث الساعة.
الشائعة وكما يُعرّفها معجم الوسيط على أنها هي: الخبر الذي ينتشر ولا تثبُّت فيه.
لكن إذا ما أردنا أن نُمعِن في الأمر فسنجد أن هناك ظروفا وعوامل محيطة هي التي تهيّئ رواج الشائعة، وأهمها هي البيئة المُهيّأة لاستقبال وانتشار الشائعة، والذي يسرّع ويقوّي انتشار الشائعة هو أهميّة الموضوع لدى الناس والمجتمع ومدى غموض الأدلّة الّتي ترتكز عليها الإشاعة من دون الإشارة إلى المصدر بوضوح مثل «مصدر رفيع المستوى» أو «شخصيّة مرموقة لا تريد أن تكشف عن هويتها» أو حتّى الإشارة للمنظّمات والمؤسّسات دون الإشارة للأسماء بصراحة، وذلك بحجة الحفاظ على أمن المصرح بالخبر، ولا حل للمتلقي سوى أن يشكك أو يصدّق.
إذا أردنا أن نسلّط الضوء على أسباب رواجها في مجتمعنا، نرى أن الشائعات مستشرية في كل الاهتمامات والمجالات، سياسية، اقتصادية، اجتماعية، فنية، رياضية وغيرها، والأسباب للتملّق والتودّد لجهة أو شخصية ما أو للنيل من عدو أو لإشعال فتنة وإشغال المجتمع عن أمر أكبر يُحاك خلفهم.
كما أن كثرة تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة تصدّر المشهد أثناء استخدامها وسُهُولة الوصول للأخبار كلّها أدوات مغرية لكل من يريد أن ينشر مثل هذه الأمور.
ولكن! من وجهة نظري المتواضعة أرى أن الفراغ قد يصنع مروّجا ماهرا للشائعات وكذلك مُستقبِل سهل التصديق للشائعات، أمّا المروّج لها فتراه يستلذ بنشر الشائعات عن طريق اختلاق القصص والأكاذيب ولا يعلم أنّ بنشره للشائعات قد يتسبب بمشاكل دوليّة وفتن لا تنتهي إلا بانتهاء الوجود، فيتزعزع المجتمع ويتفكك بشائعة لا أصل لها من الصحة، لكن علينا أن نطبّق القاعدة التي وضعها لنا أحكم الحكماء وأبلغ البلغاء الإمام علي بن أبي طالب «ع» ، حيث قال: كُنْ فِي الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ، لَا ظَهْرٌ فَيُرْكَبْ، وَلَا ضَرْعٌ فَيُحْلَبْ، فَيُشير -عليه السلام- إلى أن نكون كالناقةِ الصّغيرة التي استكمَلت السّنَتَين، فلا يقدر أحد على أن يمتطيها لضَعفِها ولا تُحلَب لصِغَرِ سنّها، ونحن في الفتنة علينا ألانكون حطبا لها فتُشعل.
من المؤكد أن انتشار الجهل وغياب الضمير الصّادق وعدم أداء الأمانة بالشكل الصحيح من الأسباب الأساسية التي تبعث الأثر على صناعة الشائعة أولاً ورواجها بالمجتمع ثانيا، إذا أدرك كل فرد فينا ضرورة ما أشرنا إليه لاضمحلّت الشائعات وركَدت واختفت، وبذلك سنحمي المجتمع من خطورتها وتأثيرها السّلبي على الصحة الجسدية، وبالأخص تلك الشائعات الطبيّة التي أودت بحياة الكثير من النّاس وأدت إلى عواقب صحيّة سيئة تصل إلى الهلاك والموت.
فينبغي علينا أن نتأكّد من سلامة المعلومة ولا ننشرها من دون أن نعرف مدى صحتها من خلال عرضِها على أهل الاختصاص، حتى لا نساهم في إيذاء المجتمع بقصد إفادته، ومن جهة أخرى ينبغي على المؤسّسات الإعلامية والإخبارية أن تسارع إلى نفي الشائعات الرائجة من خلال ذات الوسائل، كما ينبغي على المناهج التربوية أن تغرس في الطالب مدى خطورة نقل الشائعات وضرورة التأكّد من المعلومة التي يتم الحصول عليها حيث تُغرَس فينا القيم الأخلاقية فعلًا عوضًا عن أن تكون فقط إنشاءً وكتابةً وتكبر معه وبذلك يُبنى مجتمع واعٍ وأمين.