التعليم عن بعد… الكويت نموذجاً
بعد اغلاق المدارس والجامعات وإمكانية استئناف هذا الخيار مع بداية العودة المدرسية في حال زادت مخاطر انتشار عدوى فيروس كورونا، بدأت حكومات عربية كثيرة بينها الحكومة الكويتية الاستعجال في اعتماد نظام “التعليم عن بعد”. الا أن تجارب سابقة أثبتت أن اعتماد مثل هذا التوجه بطريقة فجائية دون استعداد مسبق وتهيئة البيئة المناسبة قد يجلب نتائج عكسية وسلبية من شأنها أن تعمق أزمة تدني جودة التعليم التي تعاني منها الحكومات العربية منذ سنوات.
وعلى الرغم من أن دول الخليج الأقدر عربياً على التحول الى مرحلة الاعتماد على التعليم الإلكتروني عن بعد بالنظر لتوفر البنى التحتية التكنولوجية في المؤسسات التربوية، الا أنها ماتزال غير مستعدة بالشكل الكافي لإنجاح هذه المرحلة على غرار الكويت بسبب محدودية الاستعدادات التقنية والتهيئة النفسية والتربوية للطلبة والمدرسين في ظل ثقة محدودة للمجتمع الكويتي في التعليم عن بعد.
وحسب بحث قام به مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf) حول “تحديات تطبيق التعليم عن بعد في العالم العربي :الكويت نموذجاً” فان خيار الاستعجال في تطبيق نظام “التعليم عن بعد” في الكويت قد يحل مشكلة استمرارية تلقى الطلبة للدروس في ظل عدم استقرار الوضع الوبائي، الا أن حصيلته قد تكون سلبية في العام الأول بعد اعتماده على مستوى نتائج الطلبة وجودة المحتوى وذلك بالنظر لتجارب دولية سابقة.
ويواجه الخيار الاضطراري للتدريس عن بعد تحديات ضخمة أبرزها محدودية تكيف المدرسين أو الطلبة في قطاع التعليم العام أكثر من الخاص مع متطلبات وأساليب التدريس عن بعد، فضلاً عن احتمال نقص تفاعل متوقع للطلبة مع خصوصيات “التعليم عبر الانترنت” والذي قد ينعكس على مؤشرات الالتزام والتركيز والفهم.
وعلى الرغم من احتمال اقبال الطلبة على مثل هذا النوع من التعليم الذي لا يشترط التنقل الى المدرسة أو الجامعة، الا أن اعتماده سيفرض تحديات مراقبة جودة هذا النوع الجديد من التدريس في ظل تصاعد أزمة جودة النظام التعليمي برمته في الكويت وتأخر جهود الإصلاح.
ومن غير المستبعد أن يصطدم التوجه للتعليم الافتراضي بمشاكل عدم الاستعداد المؤسسي والمجتمعي لمنح الثقة في مثل هذا النوع من التعليم الذي واجهته موجة تشكيك واسعة في الكويت بعد حملة مكافحة تزوير شهادات أغلبها من جامعات افتراضية.
وعلى صعيد آخر، من المرجح أن تطبيقات “التعليم عن بعد” إذا اتسع انتشارها قد تضطر المدراس والجامعات الى الاستغناء عن ألاف المدرسين في المدى القريب.
إشكاليات نقص التفاعل بين الطلبة والمدرسين
يعتبر قطاع التعليم الخاص متقدماً على قطاع التعليم الحكومي في الترويج لحلول تعليمية بينها التعليم عن بعد في ظل ظروف الوباء[1]. رغم ذلك تشير الأبحاث إلى أن أعضاء هيئة التدريس بحاجة إلى إدراك أن التدريس الإلكتروني يتطلب خبرة ومهارات. وهو توجه يعتقد أن غير مكتمل في الكويت بالنظر لمهارات المدرسين والطلبة في التعامل مع تقنية التعلم عن بعد.
تظهر أبحاث “التعليم عن بعد” الراسخة أن الطلاب بحاجة إلى التحفيز الشديد والدورات الدراسية التفاعلية[2].هذا التوجه يستوجب اعداد دورات تدريبية مسبقة بحيث يمكن للطلاب الاستفادة من الإمكانات التفاعلية للتعلم عبر الإنترنت، لذلك يحتاج المعلمون إلى تدريب مكثف حول كيفية استخدام التقنيات الجديدة وتكييف أساليب التدريس مع بيئة التعلم عن بعد (Valentine 2002)[3]. وأثبتت التجارب أن الدور الإيجابي للكلية تجاه تعزيز اعتماد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يؤثر على تصورات الطلاب لتجربة التعلم عن بعد.
بشكل عام، يولد التعليم عبر الإنترنت يولد أشكالًا جديدة من التفاعل. وخلصت التجارب السابقة لتطبيقات التدريس عن بعد إلى أن الملاحظات الفورية والمحددة التي يقدمها المدرسون هي فقط التي تمكن الطلاب من التحكم في تعلمهم ومراقبة أدائهم. الا أن بعض الطلاب قد يشعرون في التجربة الأولى بضغوط مختلفة على مستوى الاستجابة والتعاون والمشاركة مع المدرس وبقية الطلبة، لذلك من الضروري مراعاة مسألة التفاعل بدقة في مسار التعليم عن البعد الذي يتطلب زيادة خدمات دعم الطلاب وتحفيزهم خاصة في العام الأول من تطبيق نظام التعلم عن بعد.
وعلى الرغم من التطور السريع للتعليم عبر الإنترنت خاصة التعليم العالي، فمن الواضح أن المعلمين والطلاب يواجهون بعض الحواجز التي تؤثر على الجودة الشاملة للتعلم عن بعد. حيث تبرز إشكاليات مراقبة جودة الدروس وتركيز الطلاب ومدى تفاعلهم. حيث يواجه بعضهم في بعض التجارب المطبقة في روسيا على سبيل المثال بعض التحديات خاصة فيما يتعلق بممارسات التدريس وأنماط التواصل الفعّالة. وتدعم النتائج التوقعات بأن الكلية تلعب دورًا حاسمًا في بناء المعرفة لدى الطالب أكثر من التعلم عن بعد، الا أن ذلك لا يمنع من استكشاف الحلول لزيادة اكساب الطلبة تقنيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أثناء تعلمهم عن بعد[4]. ولا يمكن تقييم النتائج النهائية خلال السنوات الأولى لتطبيق منظومة التدريس عن بعد.
وتظهر نتائج بعض الدراسات السابقة لتطيق التعليم عن بعد رضا الطلاب العالي نسبيًا عن التوجه لتطبيق التعلم عن بعد. في الوقت نفسه، هناك بعض الخلافات في الطرق التي يقيم الطلاب من خلالها فعالية “التعليم عن بعد” مقارنة بأنماط التعليم الأخرى.
ففي حال وجود حماس للطلبة وتفاعل إيجابي للتعلم عبر الإنترنت، الا أن ذلك قد لا ينفي تحديات استكشاف مدى جدية الطلاب وعدم استسهالهم لهذا النوع الجديد من التعليم الذي لا يفرض تنقلا الى المدرسة أو الجامعة، حيث قد تظهر سلوكيات سلبية كعدم الالتزام والاستهتار والانعزالية بدل المشاركة المباشرة مع المدرس وبقية الطلبة في الفصل.
وتشمل تحديات التعليم عن بعد انخفاض التنظيم الذاتي للدروس وغياب التحكم من جانب المعلم وغياب التفاعل المباشر والشعور بالعزلة، مما قد يقلل من رضا الطلبة عن تجربة التعلم عبر الإنترنت. وتثبت التجارب السابقة أن نجاح مسار التعليم عن بعد يتطلب اهتمامًا والتزامًا كبيرًا من جانب أعضاء هيئة التدريس. هذا الاهتمام يتجلى في دور أعضاء هيئة التدريس في تكييف الطريقة التي يتم بها تصميم الدروس وتقديمها، وكذلك قدرة المدرسين على تصميم برامج فعالة تربويًا وعالية الجودة، مع زيادة تحفيز تفاعل الطلبة مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في بيئة التعلم الافتراضية. يمكن تحقيق هذه الأهداف إذا خضع المعلمون لتدريب مكثف حول كيفية استخدام التقنيات الجديدة وتكييف طرق التدريس مع بيئة التعلم عن بعد وكذلك مراقبة وتقييم تقدم الطلاب. وفي حال تم تطبيق ذلك فإن رضا الطلاب الكلي عن التعلم عبر الإنترنت سيزداد. سيؤدي ذلك إلى جودة أعلى للتعليم عن بعد[5].
جودة التعليم في الكويت على المحك
على مدى العقدين الماضيين لم تتحسن جودة التعليم على الرغم من زيادة الوصول الى المؤسسات التعليمية. وقد تم رصد زيادة الافتقار إلى المزيد من التطوير التعليمي الذي يعد أحد أخطر المشكلات التي تهدد النمو والازدهار على المدى الطويل لمعظم الدول العربية.
في الكويت، على الرغم من أن جودة التعليم أدنى من مثيلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي المجاورة، إلا أنه يتم إجراء إصلاحات حكومية لتحسين المعايير. حيث تم إنشاء هيئة مركزية حديثة التأسيس للإشراف على معايير الجودة في التعليم العالي ومساعدة المؤسسات في تطوير آلية مراقبة الجودة المنخفضة[6]. وعلى الرغم من هذه الجهود لاتزال وتيرة الإصلاحات بطيئة. وقد تشهد جهود النهضة بجودة التعليم بعض التشتت خاصة بعد زيادة التوجه الاضطراري لأسلوب التعليم عن بعد. فبدون بيئة مرنة لا يمكن للتعليم، بما في ذلك التعلم عن بعد، أن يقدم نتائج إيجابية، حيث ان عدم توفر هذه البيئة قد يدفع الى نتائج عكسية كزيادة تدني مستويات التعليم وارتفاع مؤشرات الجهل المعرفي أو العزلة. وبالتالي يجب مراجعة برامج المؤسسات التعليمية ومسؤولياتها[7].
وتعاني المنطقة العربية عموماً من تحديات تعليمية واسعة النطاق من حيث الجودة. وفي حين سبقت دول الخليج بقية الدول العربية في تطوير أساليب التعليم الحديث كالتدريس عن بعد بالاستثمار في دعم البنى التحتية التكنولوجية في المؤسسات التعليمية وزيادة تسهيل وصول الطلبة لشبكة الانترنت ودعم امتلاك الحواسيب واللوحات الالكترونية التي تساعد على التعلم عن بعد فضلا تطور استخدام تقنيات الشبكات الاجتماعية في التعليم، الا أن ذلك لا ينفي وجود نقائص واختلالات في استعداد جل دول الخليج لاعتماد جزئي لهذا الأسلوب الجديد من التدريس.
تحديات التكيف مع التعليم عن بعد
غيّرت جائحة Covid-19 الطريقة التي يتلقى بها العديد من الأشخاص التعليم وينقلونه. وفي حين ظل الطلاب والمدرسون معتادون على الأساليب التقليدية للتدريس في شكل محاضرات وجهاً لوجه، لم يعد لبعضهم بديل آخر سوى التكيف مع الوضع الوبائي وقبول التغيير والانتقال لمرحلة التعلم عبر الإنترنت.
الا ان هذا التفشي لم يمنح بعض الدول الكثير من الوقت للتخطيط، حيث بات مفروضاً توقع سيناريوهات كثيرة وتوفير أكثر من خطة جاهزة لضمان نجاح استمرار التعليم وتحسين جودته سواء عبر الأساليب التقليدية او عبر الانترنت. وهناك حاجة لإعطاء الأولوية لجميع التطورات الحرجة والصعبة التي قد تحدث والتخطيط وفقًا لذلك.
وبدارسة المنظومة التعليمية في الكويت التي تضررت بشدة من وباء كورونا بالنظر الى توقف التدريس لفترة طويلة، اضطرت المؤسسات التعليمية الخاصة والحكومية لأن تصبح أكثر مرونة مع خيار التعلم عبر الانترنت في ظل استمرار تفشي الوباء ومخاوف من تجدد موجات جدية من فيروس كورونا.
وبالنظر لتجارب سابقة، فقد أجرى أيبي آرثر (2017) دراسة حالة لإحدى الكليات في نيوزيلندا التي تضررت بشدة من الأنشطة الزلزالية واضطرت للاعتماد على التعلم عبر الإنترنت بعد هذا الحدث الكارثي. لكن وان ساعدتها التكنولوجيا في التغلب على الحواجز في تلك الأوقات الصعبة الا أن التجربة واجهت تحديات كبيرة على مستوى أهمية توفر بنية تحتية قوية لتكنولوجيا المعلومات حيث كانت شرطاً أساسياً للتعلم عبر الإنترنت[8].
وان استطاعت المؤسسات التعليمية تكييف نفسها مع أنماط التعليم عن بعد تبقى هناك تحديات المحتوى. لكن أوان الانتقال للتعلم عن بعد أفضل من عدمه حيث أن فيروس كورونا قد سرع عملية التعلم عبر الإنترنت. وبات من المفروض على المؤسسات والمنظمات التعليمية إعداد خطط طوارئ للتعامل مع التحديات مثل الأوبئة والكوارث الطبيعية (Seville et al.، 2012).
ولجعل التعلم عن بعد فعالاً في مثل هذه الأوقات الصعبة، تحتاج المؤسسات التعليمية إلى التركيز على استخدام التكنولوجيا بشكل أكثر كفاءة، أي استخدام تلك التكنولوجيا التي لديها الحد الأدنى من تكاليف الشراء والصيانة ولكنها يمكن أن تسهل بشكل فعال العمليات التعليمية[9]. وبفحص مبادرات التعليم عبر الانترنت الحالية في الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي تتضح تحديات كبيرة أبرزها معدلات اختراق معتدلة للإنترنت، وأمية الكمبيوتر، ومحدودية تعلم اللغة العربية، ونقص التوجه لتحفيز التعلم الذاتي عن بعد. ومع ذلك، فإن مستقبل التعليم عن بعد في جميع أنحاء منطقة الخليج مشرق بسبب مركزية موارد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والاستثمار الحكومي المباشر الواسع النطاق، وازدهار الشراكات بين المؤسسات التعليمية الخليجية والأجنبية الافتراضية المرموقة، وتحسن إمكانات التعليم على شبكة الإنترنت الأمر الذي سيخفف من حدة بعض المشاكل التربوية[10].
تأثير محتمل لـ”التعليم عن بعد” على سلوكيات الطالب
يواجه الطلاب الذين يعانون من ضعف في الأداء أو من سلوكيات خاصة بسبب أعراض الاكتئاب والانعزال والعدوانية والحماسة المفرطة وغيرها تحديات الانسجام والتكيف مع أسلوب التعليم عن بعد في العام الأول منذ تطبيقه. فقد أظهر بحث في الولايات المتحدة أن الرواج المحدود للمدارس الافتراضية في مقابل استمرار الاقبال على المدارس التقليدية يعزى لبعض العوامل التي تؤدي إلى ضعف الأداء أو النتائج. وعلى الرغم من ذلك، تستمر المدارس الافتراضية في النمو. قد يكون هذا بسبب قدرة المدارس الافتراضية على حل مشاكل نقص المعلمين.
وقد تواجه خيارات التعليم عن بعد في بعض الدول العربية انخفاض معدل المشاركة خاصة بين فئة الفقراء ومحدودي الدخل لعدم استطاعتهم الوصول الى الانترنت أو امتلاك تقنيات التكنولوجيا المطلوبة، فضلا عن مخاطر الانقطاع عن الدراسة، وهذا تحد معروف لأي برنامج تعليم عن بعد[11].
ومن الضروري دعم امتلاك الطلبة لمهارات معينة مثل مهارات حل المشكلات والتفكير النقدي والأهم من ذلك القدرة على التكيف مع الأزمات. وبالتالي بات من الضروري على المؤسسات التعليمية بناء المرونة في أنظمتها التعليمية لضمان وجود هذه المهارات في طلابها وتحديد أولوياتها.
وأثبتت دراسات أنه في حين تواجه حياة الكثير من الناس مخاطر جدية، يجب أن يكون التدريس والتعلم عن بعد توجها ممتعاً يحفز إيجابية الطلبة وليس ضرورة للحد من مخاطر تفشي العدوى. فربط الإيجابية بالتعلم عن بعد سيؤدي حتماً إلى تقليل مستويات التوتر والخوف والقلق لدى الطلبة. لهذا، ينبغي توفير التقنية المناسبة ودعم التدريب للمعلمين والطلاب على التقنيات الجديدة كما أن الدعم الحكومي أمر بالغ الأهمية في هذه المرحلة. الى ذلك تبرز الكفاءة التربوية والتقنية للمعلمين عبر الإنترنت ذات أهمية قصوى. وتعد برامج إدارة الجودة الصارمة والتحسين المستمر أمرًا محوريًا لنجاح التعلم عبر الإنترنت.
وقد أثرت ظواهر اجتماعية وسياسية على بيئة التعليم وقدرات الطالب المعرفية وأهمها زيادة مؤشرات الفقر والاضطرابات السياسية والأمنية فضلا عن زيادة الانفتاح غير المنظم على العولمة وهذه العوامل اثرت على الشباب بما في ذلك طلبة المدارس وبسبب ذلك تم رصد زيادة مؤشرات الاكتئاب والانعزالية والعنف بين المراهقين بصفة خاصة وهي ظواهر زادت حدتها بفعل سوء استخدام عدد كبير من الشباب للإنترنت[12].
استعدادات حكومية متأخرة للانتقال الى نظام التعليم عن بعد
لا تزال المؤسسات التعليمية التقليدية وكذلك المؤسسات التعليمية عبر الإنترنت المنشأة حديثًا في الشرق الأوسط في المراحل الأولى لمحاولة حث الطلاب وأولياء أمورهم على قبول مفهوم التعلم الإلكتروني والتكيف معه. وفي حين أن بعض المؤسسات التعليمية خاصة الجامعات قد بدأت بالفعل في تقديم عدد كبير من دورات التعلم الإلكتروني، إلا أن البعض الآخر لا يزال في المراحل الأولى من إنشاء مثل هذه البرامج. حيث أنه مثلما هناك دوافع مشجعة للتعلم الإلكتروني هناك أيضا عوائق.
وعلى الرغم من استعداد الحكومة الكويتية لمواجهة تحديات النظام التعليمي الا ان محاولات تغيير النظم التعليمية بإدخال التكنولوجيا إلى الفصل الدراسي في السنوات الأولى من الدراسة وكذلك اللغة الإنجليزية تبدو متأخرة. حيث لم تألف بعد نسبة من أفراد المجتمع مفاهيم التعلم الإلكتروني، إلا أنه يتم وضع الخطط حيث يمكن لهذه التكنولوجيا أن تصبح معروفة على نطاق واسع ويمكن استخدامها في المستقبل القريب جدًا. وبات من الضروري على غرار تجارب إقليمية أخرى كالإمارات والسعودية إيلاء المزيد من الاهتمام للتدريب وورش العمل لزيادة إدراك أعضاء هيئة التدريس للتعلم الإلكتروني. من ناحية أخرى، سيساعد توفر القوانين التي تنظم التعلم الإلكتروني والتعلم عن بعد في تشجيع الطلاب على المشاركة في هذه الأنواع من التعلم[13].
وعلى صعيد آخر، برزت فجوة كبيرة بين المؤسسات التعليمية الخاصة والحكومية في دعم اتماد منوال التعليم عن بعد. حيث تعتبر المدارس والجماعات الخاصة متقدمة بشكل كبير على نظيراتها الحكومية في الترويج للتعلم عبر الانترنت. حيث دعمت مؤسسات التعليم الخاص في دول الخليج لا سيمل في الامارات وقطر ظهور مفاهيم مثل “التعلم الاجتماعي”، وشبكات صنع القرار الذكية “و”الدورات التدريبية المفتوحة على الإنترنت”، وزاد اعتماد المعلمون والطلاب والمؤسسات التعليمية بشكل متزايد على أدوات وسائل التواصل الاجتماعي لإنشاء مناهج مبتكرة للتعليم وبناء القدرات ونقل المعرفة. وعلى مستوى العالم أصبحت تقنيات وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا متزايدًا في التعليم الرسمي وغير الرسمي، والتدريب عند الطلب وبناء القدرات[14].
توصيات:
مع اضطرار دول كثيرة في العالم لخيار التوجه لتطبيق “التعليم عن بعد” في السنوات المقبلة كإحدى الدروس المستفادة من وباء كورونا وكإحدى الحلول الاضطرارية والوقتية البديلة عن البعثات الدراسية للخارج تفاديا لمخاطر الإصابة بعدوى بفيروس كورونا خلال العام الدراسي المقبل، اتضحت تحديات كبيرة وجسيمة لتطبيق هذا التوجه في دول خليجية وعربية لعل أبرزها تدنى متوقع لمستويات جودة وكفاءة التعليم الافتراضي. حيث أن الانتقال الى مرحلة التكيف مع التعليم عن بعد ما يزال مبكراً في الدول النامية مثل الكويت ودول الخليج والعالم العربي التي تعاني أنظمتها التعليمية أصلا من مشكلات كبيرة أبرزها تراجع الجودة والكفاءة.
ومن المهم على الحكومات العربية بينها الكويتية أن تستثمر في تهيئة الظروف والبيئة المناسبة لأساليب التدريس عن بعد. كما من المهم أيضا ان تقوم بتعزيز ثقافة التعليم عن بعد وتدريب الطلبة على تقنياتها قبل المرور اليها. ومن المهم بمكان تفادي السلبيات والاخطاء والاخفاقات التي أثبتتها تجارب التعليم عن بعد.
مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf)