الأسبوعية

الجهل ثقافة منغلقة … بقلم عبد العزيز خريبط

الجهل بلاء في الدين والدنيا، وهو سبب لكثير من المشاكل والقضايا الشائكة والمعقدة في المجتمعات، أحيانا أكثر ما يواجهنا من عثرات ومشاكل في وتيرة الحياة بسبب جهلنا، الجهل هو آفة وعدو الإنسان، والإنسان عدو ما يجهل، مهما تعلم الإنسان واطلع يبقى ما يجهل هو الأكثر، الإنسان يحب أن ينعت بالعالم ويكره أن يقال عنه جاهل، فالعلم محبذ وممدوح والجهل ممقوت ومكروه، الجهل اذا دخل في أمور حياتنا الدنيوية قد يوصلنا إلى الندم والخسارة، كأن يكون المرئ صاحب رأس مال ويريد العمل في التجارة لكنه يجهل أمور التجارة قد تصيب معه في البداية لكنه حتما سيخسر ويشهر افلاسه اذا لم يعرف أصول وسياسة التجارة والقوانين التي تحكمها، وكذلك صاحب مركبة أصابها عطل ويريد إصلاحها بنفسه لكنه يجهل كيفية الإصلاح وأعمال الصيانة المطلوبة، سيدمر المركبة بنفسه ويزيد على عطلها أعطالاً تؤدي إلى توقفها إلى الأبد، وحتى من يجهل كيفية اعداد أمور بسيطة لكنها تمس حياتنا الطبيعية مثل اعداد الطعام، أو حتى تقديمه وهو أمر بسيط لكن اذا كان لا يعرف أصول التقديم والضيافة ولم يكن على المستوى المطلوب لاعداد الطعام، سيفسد أكثر مما يصلح، وقد يجلب العار لنفسه وأهله ان كان من قوم يتشددون في مثل هذه الأمور ويعتبرونها أصولاً وعادات وتقاليد أصيلة، هذا من جانب أمور الحياة الدنيا، فما بالك اذا كان الأمر يتعلق بأمور الدين والآخرة؟
وما هو شعورك عندما تعرف أن هناك جهال وكهنة وبلطجية وعباد الدرهم والدينار يلعبون دور النساك والزهاد والفقهاء والدعاة ورجال الدين من أجل الحصول على حطام الدنيا الزائل بكل ارتزاق دون أدنى شعور بالمسؤولية الشرعية ولا المجتمعية.
الحياة تجارب والمجالس مدارس، في الحياة يتعلم الإنسان الكثير كما في المجالس يتعلم من تجارب الآخرين ويسمع وجهات نظر ومخالطة الناس، والمستفيد هو من يتعظ، أما من يكون وجوده في المجلس من أجل المسخرة ومن لا يتحمل المسؤولية في الحياة عن أعماله فلا تتوقع أن يكون له موقف جدي وحقيقي من علم واحترام ووضع قدر لناس، وهذا هو حال الجهال وخاصة الذين يتخذون من التنسك والزهد ستاراً يخفي حقيقة جهلهم من أجل الخداع والتضليل وسرقة حياة الناس وأموالهم باسم الدين والآخرة والحساب من أجل مصلحة شخصية ضيقة، في حال كان الجهل مستحكماً والوصول لما يريده الجاهل صعباً عليه يبدأ باستخدام التكفير كحل لمشاكله العويصة ، لسان حال البعض «ما دمت جاهلا ولا أفهم في أصول الشريعة ولا المنطق والتفكير على بالتكفير»، مثل هؤلاء لا يبحثون ويتعبون أنفسهم بالبحث والتفكير بل يكتفون بالتكفير للتخلص مما يجهلون وما يرونه مخالفاً لآرائهم، هذا هو الخطر الذي يأتي من وراء الجهل على المستوى الديني، فالديني هو أخطر من الجهل على المستوى الدنيوي، واذا اجتمع الجهل وحب الدنيا ظهر لنا أمثال هؤلاء التكفيريين والمتهورين والمتنطعين والغلاة والهدف واضح لا يحتاج إلى بيان.
فالجهل ثقافة منغلقة تدعو إلى ملحمة مأساوية باسم مجتمع ووطن، وطامة عندما يكون لهذا الجهل قطيع متنقل، وصوت عال وهذيان جماعي باسم العائلة والقبيلة والطائفة.
ما أثقل الحياة مع الجهلاء والمتجاهلين!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى