أهم الأخبارتقارير

الحرب على الماء في الشرق الاوسط

كتبت : رباب عبيد

الماء جنة الارض وأصل حياة الانسان وحضارة الأمم , وهى اصل الصراع على البقاء ويتخوف العالم اليوم من نقصان المياه بدل الاستقرار والحفاظ على منابعه والبشر هم أكثر المتضررين , اشارت الاحصائيات وفق دراسات ان اكثر من مليار ونصف المليار , من البشر مصابون بأمراض مرتبطة بالمياه و نسبة الوفيات في هذا العدد من المصابين كبيرة هي الأخرى وفق احصاءيات منظمة الصحة العالمية وان مساحات شاسعة من الأراضي احترقت عطشا وتشققت جفافا لندرة المياه , كما اشارت الدراسات حول الماء ان في 200 سنة او اكثر زادت سرعة النقصان للمياه بشدة وبطريقة ملحوظة موازة باستهلاكها وبكلفة اكبر , وبالفعل بدأ التخوف من جفاف الكوكب مستقبلا  .

مناطق كثيرة عانت بسبب قلة وندرة المياه وذلك مما ينذر بخطر حقيقي في السنوات المقبلة , لجفاف هذه المنابع مستقبلا , وبالمقابل فان كثير من البلدان اتخذت احتياطها ضمن خططها الاستراتيجية لاوطانها عبر استغلال ما لديها من مياه بطرق عقلانية تضمن بقاءها أطول مدة ممكنة واعادة استخدامها عبر الطرق الحديثة كالتطهير او تحلية المياه المالحة او ابتكار افكار أخرى للحفاظ على الحياة .

أزمة المياه في الشرق الأوسط

الطلب على الماء اصل الحضارات في الشرق الاوسط لاعتبارات كثيرة ومنها حفظ الحياة وتحسن حياة الانسان وتطوره الاقتصادي , مما يؤكد ان له أهمية خاصة لحفظ السلام والأمن .

وكان الطلب على الماء , لما تواجهه المجتمعات من زيادة بعدد السكان مصحوبة بتضاعف الطلب على الماء وبشكل خاص بين بلدان الشرق الأوسط، الذي يعاني من شح المياه , وفي الشرق الأوسط القديم، استوطن البشر حول الفرات ودجلة، وفي مصر القديمة، حول النيل. وبعد سقوط الإمبراطورية العثمانية، كان للمواقع التي تتوفر فيها المياه، وبشكل خاص نهر الأردن، تأثيرا كبيرا في رسم حدود النفوذ الفرنسي والبريطاني، والتي أصبحت فيما بعد الحدود بين لبنان وسورية والأردن. وكان لكل من أحواض هذه الأنهار حصتها في الصراعات.

الماء والاتفاقيات السياسية

 

 

 

 

 

 

عام 1979وبعد توقيع اتفاق السلام مع إسرائيل قال الرئيس المصري أنور السادات بأن بلاده لن تذهب للحرب بعد الآن بهدف لأجل حماية مواردها المائية.

أما الملك حسين عاهل الاتردن  : أن المياه السبب الوحيد الذي قد يدفعه لخوض الحرب مع الدولة العبرية. بينما حذر الأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس غالي بوضوح من أن الحرب القادمة في المنطقة ستكون لأجل المياه.

من تركيا إلى أوغندا، ومن المغرب إلى عمان، تسعى البلدان التي لديها بعض أعلى معدلات الولادة في العالم لإيجاد مياه كافية لمواصلة نموها السكاني ولتلبية متطلبات الزراعة، والتي تعتبر السبب الرئيسي في استنفاذ الموارد المائية في المنطقة.

وتعتمد جميع هذه البلدان على منظومات أنهار ثلاثة كبيرة تقوم على معدل تجدد يراوح بين 18 يوم وثلاثة أشهر، أو على أحواض مائية جوفية متنوعة قد تتطلب قرونا لإعادة ملئها بالماء.

تشترك في مياه النيل، أطول نهر في العالم، تسعة بلدان التي من المحتمل أن يتضاعف عدد سكانها خلال عقدين من الزمن؛ ومع ذلك فإن مستوى المياه التي يقدمها النيل اليوم ليست أكثر مما هي عليه حين وجد موسى في نبتة العليق.

إن قائمة البلدان “القليلة المياه” في الإقليم تزايدت على نحو ثابت من ثلاثة عام 1955 إلى ثمانية عام 1990، مع سبعة أخرى يتوقع أن تضاف خلال 20 سنة، من بينها ثلاثة بلدان على النيل.

والقانون الدولي غير كاف لتحديد وتنظيم استخدام ومشاركة الموارد المائية. تم التوصل إلى عدة اتفاقات حول كيف يجب أن تتم المشاركة بالمياه.

ومنذ مؤتمر مدريد عام 1991، تعثرت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، والمفاوضات السورية الإسرائيلية، المجمدة حاليا حول مسألة المياه المشتركة. مع وجود الجيش الإسرائيلي في موقع السيطرة مانعا الفلسطينيين من ضخ المياه، وبوجود المستوطنين الذين يستخدمون معدات ضخ متقدمة، يشتكي الفلسطينيون من “السرقة اليومية” لما يقارب 80 % من مياههم الجوفية ومن خلال البحث يمكن القول أن المياه كانت الخطة الخفية للصراعات الماضية وأحد أكبر العوائق في التوصل إلى حل نهائي ودائم في المنطقة , ان كل الحروب التى تخوضها المنطقة العربية مع الاستيطان الاسرائيلي بعد الاستقلال من النفوذالغربي  هي لاجل منابع الماء أولا وآبار النفط ثانيا .

اسرائيل وحرب الماء

الماء والسيطرة على منابع الماء رسمت السياسات الخارجية للمنطقة وهذا ما بات يطلق عليه اسم “دبلوماسية المياه” منذ عام 1949  وحين بدأت الصهيونية تستعد لبناء دولة اسرائيل , كونه شأنا بيئيا .

 

ووضع ” (بن غوريون، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول) منظورا أيديولوجيا بأن المياه تشكل “عصب الحياة” للنظام، “ومطلب أساسي للمجتمع الجديد” و” لتجذر الأمة في أرضها” عكس هدف الحركة في “جعل الصحراء تزهر , ارتبط الأمر بشدة بالمصلحة الوطنية عن طريق الزراعة، والأمن، والأيديولوجية التي أعلنها رئيس الوزراء السابق وشيه شاريت: “إن الماء بالنسبة لنا هو الحياة بحد ذاتها”. وقد دفعت هذه الملاحظات بعض المحللين مثل ناف وماتسون إلى استنتاج أن “إعادة صياغة المنظور الإسرائيلي لمشكلة المياه سيكون صعبا جدا”.

ولكن سياسة اسرائيل المائية تحولت بمرتكزاتها التكتيكية بينما لم تتغير استراتيجتها الاساسية , جعلت اسرائيل المساومة على الماء مرحلة أولى عبر احتلال الموارد المالية في الشرق الاوسط انهار سوريا ولبنان وفلسطين والسيطرة على أهم المضائق المائية في المنطقة وذلك تلبية لحاجة المستوطنين الذين يتزايدون في المجتمع الاسرائيلي .

 

فترة المساومة على المياه (1918 – 1948)

طالب اليهود بعد الحرب العالمية الأولى مباشرة عام 1918، وبعد وعد بلفور حول الوطن القومي لليهود في فلسطين، بأن تعدل دول الحلفاء بعض الحدود المذكورة في اتفاق سايكس بيكو لجعلها تشمل منابع وروافد نهر الأردن، ونهر الليطاني ونهر اليرموك، وتضمين كامل الأراضي الفلسطينية، والمناطق الجنوبية من لبنان وسورية، ووادي الأردن.

وقد ذكر اول رئيس لاسرائيل  شاييم وايزمن، هذه المسألة في رسالته إلى وزير الخارجية البريطاني، اللورد كويزون، بعد اتفاق سان ريمو.

وقال إن “مسودة الاتفاق الذي تقدمت به فرنسا لا يفصل فلسطين عن نهر الليطاني فقط، بل يحرم فلسطين من موارد نهر الأردن، والساحل الشرقي لبحيرة طبريا وكامل وادي اليرموك شمال خط سايكس بيكو. وأنا متأكد أنك على اطلاع على المستقبل السيئ الذي يتوقع أن يواجهه الوطن القومي اليهودي عند تطبيق هذا الاتفاق , إنك مدرك لأهمية نهر الليطاني، ونهر الأردن وروافده، ونهر اليرموك لفلسطين”. وعندما فشل الزعماء الصهاينة في ضم الليطاني ومنابع نهر الأردن، حاولوا تأسيس مستوطنات في سورية ولبنان، لكن المعارضة الفرنسية أحبطت تلك المحاولات أيضا.

لكن الموقف الفرنسي، مع ذلك، لم يمنع قيام تحريات وتقديرات مائية شاملة للإقليم. ومن بين عدة دراسات جرت في هذه المجال، ومنها تقرير إيونيدس عام 1939، وتقرير هاييس في العام ذاته، وتقرير لاودرميلك عام 1944، ودراسة كلايب عام 1949، ودراسة مكدونالد عام 1950، “رحبت الصهيونية بخطة لاودرميلك واعتبرتها دستورها المائي”.

وقد اقترح لاودرميلك استخدام مياه الأردن واليرموك وبانياس والحاصباني ودان والزرقاء، وهو نهر شرقي الأردن، ضمن خطة شاملة لري وادي الأردن، ومعظم منطقة شمالي طبريا، وشمال فلسطين , واقترح تحويل مياه الليطاني في جنوب لبنان لتشكيل بحيرة صناعية في شمال فلسطين التي ستضخ مياهها باتجاه الجنوب لري صحراء النقب وقد تضمن اقتراحه نسخة مبكرة من مشروع قناة بين البحر المتوسط والميت.

ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، أصبحت تلبية حاجات المهاجرين اليهود الجدد المحتشدين في فلسطين مشكلة ملحة، وقد أدت الحرب العربية الإسرائيلية لعام 1947-48، والتي انتهت بقيام إسرائيل، إلى تعقيد الجهود لإيجاد للمياه الإقليمية , وبهذا  أصبحت الدولة الإسرائيلية الجديدة مصممة على استقصاء، وتنمية، واستخدام أي مورد مائي متوفر.

2- فترة تنمية الموارد المائية الوطنية والمشتركة (1948-67)

وضع الاتفاق العسكري عام 1949 بعد الحرب العربية الإسرائيلية الأولى حدودا جديدة ومناطق منزوعة السلاح بين هذه الدول المتجاورة ,وبسبب التفسير المختلف للوضع القانوني لهذه المناطق، شهد الشرق الأوسط نزاعات مستمرة وتحركات انتقامية بين الدول. وقد لعب نهر الأردن دورا هاما واستراتيجيا في تلك النزاعات.

عام 1950 وبعد تأسيس دولتهم والموافقة على قانون العودة ,  والذي يسمح ليهود العالم بالإقامة الدائمة في إسرائيل، شهدت البلاد موجات من المهاجرين اليهود , وقد تطلبت الهجرة المتوقعة موارد مائية ضخمة لتلبية الحاجات المتزايدة، لكن كميات المياه الموجودة في إسرائيل لم تكن كافية لتلبية حاجات القادمين الجدد ,  كان مجمع مياه الأردن واليرموك وقتها مشتركا بين أربع دول ذات سيادة، وأية تغيرات في ذلك ستكون “لعبة محصلتها صفر”, لم تكن المياه العربية فائضة عن حاجة تلك الدول، ومع ذلك كانت الموارد التي اعتمدت عليها مشاريع التنمية في الدول العربية وفي إسرائيل نفسها. ومنذ تلك الفترة ولاحقا، اكتسب الماء بعدا إضافيا. فبالإضافة لارتباطه بالتغير الديموغرافي، والقومية، والأمن، والتنمية الاقتصادية، والإيديولوجية، أصبح الماء قضية في السياسة الخارجية.

على أثرها دخلت الولايات المتحدة الامريكية اللعبة فاقترحت انشاء خطة موحدة لازالة التوتر ولان هناك حاجة لضمان خطة تنمية للإقليم، تشمل إدارة منشآت المياه في حوض نهر الأردن.

خطة لازالة التوترات : بالتعاون بين الحكومة الأمريكية  آنذاك ومنظمة الأونروا في الأمم المتحدة في آب 1953. واقترحت الخطة الرئيسية إنشاء قنوات تحويل لري الأراضي الواقعة في حوض الأردن الأعلى ,  وكذلك دعمت الاستفادة من بحيرة طبرية كخزان للمياه المتدفقة من نهري الأردن واليرموك. ورفضت الخطة الرئيسية بعض المقترحات القديمة، مثل استخدام سد مقرين للري، ولم تشر الخطة إلى نهر الليطاني في لبنان على الإطلاق.

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى