أهم الأخبارالأسبوعية

العقيدة الوطنية كُتبت بدماء الشهداء… بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح

تمر علينا الذكرى ال٣١ للغزو العراقي الصدامى البعثى الغاشم لوطننا الحبيب وهو الحدث الذى يجب أن يتوقف التاريخ أمامه طويلاً لما يمثله من نقطة محورية ومرحلة تاريخية مفصلية ليس محلياً فقط ولكن على المستوى الإقليمى والعالمى ولا نريد أن نسهب كالعادة فى بشاعة هذا الإحتلال عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا وإنسانيًا ولكننا هذه المرة نريد أن نركز على الإيجابيات والسلبيات وما استخلصناه من دروس وعبر لكى ننقلها لأبنائنا وأحفادنا حتى لا يترسخ فى أذهانهم أنه كان مجرد حدث تاريخى مر والسلام ! ، فمن عاش مرارة هذه الأيام ليس كمن سمع عنها ! ، وبصفتى شاهدة عيان على هذا الحدث المرير وبالتالى عندما أكتب عنه يجب أن أتحلى بالمسؤولية التاريخية والشجاعة الأدبية لننقل بكل أمانة الموقف التاريخى للشعب الكويتى ومعدنه الأصيل قيادة وشعبا ونضالهم على قلب رجل واحد لدحر هذا العدوان السافر وهو ليس احتلال عسكرى فحسب ولكن انعدام للأخلاق وحقوق الأخوة والجوار فى أبشع صورة ! لقد توحد الشعب الكويتى ضد هذا العدوان كما توحد من قبل فى معركة الصريف والغزو العراقى فى عهد عبدالكريم قاسم ، وأثبتت لنا هذه المعارك التاريخية أن الوطن هو الأصل وأن الكويت لن تكون قوية إلا بوحدة جميع أبنائها على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم ، ولن ننسى دور مجموعة المسيلة بقيادة سيد هادى سيد محمد علوى ومعركة بيت القرين بين ١٩ من رجال المقاومة الباسلة بأسلحة خفيفة فى مواجهة قوات الجيش العراقى بأسلحتهم الثقيلة وهى المعركة التى سطرها التاريخ بأحرف من نور وخلد التاريخ شهداءها كمثال واقعى لمعدن الشعب الكويتى الأصيل وتلاحمه ، ولن ننسى دور المرأة الكويتية ممثلة فى مناضلات من شباب الكويت قادوا الجموع للثورة والعصيان المدنى كالشهيدة سناء الفودرى والدكتورة هند البحر حفظها الله وغيرهم من خيرة شباب الوطن الذين لم يمكنوا المحتل الغادر من وطنهم حتى وإن واجهوا رصاص الإحتلال بقلوب يملؤها اليقين بالانتماء وعدالة القضية ، ولن ننسى النضال الدبلوماسى لقادتنا العظماء وعلى رأسهم المغفور له حضرة صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد أمير البلاد والمغفور له سمو الشيخ سعد العبدالله ولى العهد و رئيس مجلس الوزراء والمغفور له سمو الشيخ صباح الأحمد وزير الخارجية وما بذلوه من جهد دبلوماسى بالتعاون مع أشقائهم قادة دول مجلس التعاون الخليجى حتى تم طرد المحتل وتطهير تراب الكويت من دنس الغدر والخيانة ، ومع ذلك يبقى السؤال الأهم الذى يجب أن نواجه به أنفسنا فى هذه الذكرى الهامة وهو أننا كيف نجعل أبنائنا يعيشون هذا التاريخ بكل تفاصيله وأحزانه وأفراحه وبطولاته وقيمه للحفاظ على مكتسبات النضال الشعبى وأن نجعل قادة الكويت المناضلين وأبطال معركة الصريف و السيدة الجليلة المناضلة موضى العبدالله البسام وسناء الفودرى ومجموعة المسيلة وغيرهم من أيقونات التاريخ النضالى للكويت فى القلوب والأذهان وأن نتخذهم قدوة ومثل أعلى وخاصة أننا نعيش واقع سياسى واجتماعى واقتصادى مهترئ يفتقد للعقيدة الوطنية الخالصة التى كانت حاضرة فى تاريخ الكويت المجيد ، وكما ذكرت فى بداية المقال أن المسؤولية التاريخية تحتم علينا أن ننبذ الخلافات والتحزبات وأن نستلهم الروح الوطنية العظيمة لوطن عرفه العالم كنموذج للتلاحم الشعبي  والعطاء الإنسانى و دور فاعل فى الأمن والسلام الإقليمى والعالمى، يتحتم علينا أن نحافظ على طهارة وطن ارتوت أرضه بدماء الشهداء لا أن نتركه يتدنس بالفساد وغسيل الأموال لبعض معدومى الإنتماء والضمير ذوى الأنفس الشحيحة من القيم الأخلاقية والحس الوطنى المسؤول والذين يتخذون من الوطن ومقدراته محطة لقطار فسادهم فى خيانة واضحة للشهداء ولوطن عظيم سقيت أرضه بدمائهم الزكية ، ما هى التركة التى سنتركها للأجيال القادمة ونحن نتهاون فيما نملكه من تركة الآباء والأجداد ؟! كيف نحصن أبناءنا من غزو مواقع التواصل الاجتماعي والمخدرات وكل ما يفسد علينا قيمنا وتراثنا من عادات دخيلة وفتن ؟! وكيف نجعل من هذه الأحداث التاريخية ودروسها المستفادة واقع نعيشه من خلال المدارس والجامعات ووسائل الإعلام المختلفة ودور الأسرة الهام فى غرس الروح الوطنية بدلا من الحفلات الغنائية والمهرجانات الاحتفالية فى ذكرى التحرير وفقط ؟! الحقيقة أننى أشعر بمرارة الواقع وأحلم بتغييره ، لأن حب الوطن والإنتماء إليه ليس مجرد شعار سياسى ولكنه إنكار للذات وتضحية وحفاظ على مكتسباته واستلهام أرواح وطنية عظيمة ضحت بأنفسها فى سبيل رفعته وتقدمه من خلال إحساس صادق بالمسؤولية التاريخية لكل جيل يسلم الراية العظيمة لمن يخلفه ، حفظ الله الكويت من كل مكروه وعاش وطنى حرا كريما ، ونسأل الله العلى العظيم أن يلهمنا التوفيق والرشاد إنه رؤوف بالعباد .

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى