أهم الأخبارتقارير

تصنيف (CSRGULF) لأكثر الشعوب العربية أماناً في 2021 مع توقعات 2022

بعض العرب محظوظون هذا العام بتحسن درجة أمان بيئة حياتهم في البلدان التي يقيمون فيها مع نظرة مستقبلية متفائلة للعام المقبل. في حين يواجه جزء كبير آخر من العرب مخاطر محدقة تهدد أمنهم الشامل بسبب عوامل كثيرة. وصنّف الأطفال والشباب كأكثر المتضررين من تحديات انخفاض الأمان في بعض الدول.

وقد غيرت جائحة فيروس كورونا مؤشرات تقييم حالة أمن وأمان الشعوب في العالم والعالم العربي تحديداً. وخلّفت الجائحة تداعيات كبيرة على جودة حياة المواطن. برز تفاوت كبير بين الحكومات العربية في الاستجابة لهذه التداعيات والقدرة على توفير مناخ أكثر أماناً للشعوب وبأدنى المخاطر. وبالإضافة الى تداعيات الجائحة أثّرت أيضاً تغيرات المناخ المقلقة وتداعيات الاحتباس الحراري على تصنيف درجة أمان بيئة عيش العرب.

وبالمقارنة مع تصنيف 2020، توسع مفهوم الأمان ليشمل محددات جديدة، بموجبها تغير ترتيب عدة دول عربية حيث استند تصنيف (csrgulf) في إصداره السنوي الثاني لهذا العام “دليل أكثر الدول العربية أماناً”، الى دراسة مؤشرات مختلفة بلغت 15 مؤشرا وكلها متداخلة مع دراسة ”واقع الأمان الشامل للمواطنين في 2021” مع نظرة مستقبلية لعام 2022.  وأهم المحددات الجديدة المعتمدة ضمن مؤشرات أخرى لتقييم حالة الأمان في تصنيف هذا العام برزت مؤشرات الاستجابة للجائحة (حجم الوفيات[1] ونسب التطعيم[2]) وأيضا المتغيرات المناخية المرتبطة بتقييم المناطق الصديقة للبيئة والأقل تضررا من الاحتباس الحراري والأكثر تميزا بجودة الهواء الصحي[3]. وكلها مؤثرة في تقييم جودة حياة المواطن العربي.

بالإضافة الى المؤشرات التقليدية التي تقيس الفوارق بين حالة أمان الشعوب كدرجة التهديدات الأمنية ومدى الانكشاف على المتغيرات والمخاطر الجيوسياسية والكوارث الطبيعية ومدى هشاشة أو قوة حالة الاستقرار الداخلي على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي فضلاً عن دور مؤشرات التنمية البشرية[4] والتحول الرقمي خاصة في منظومة التعليم وتحسين جودته حيث تم الاخذ بعين الاعتبار مؤشر جودة التعليم عن بعد كإحدى مجالات التي ميزت تفاوت قدرة الدول في التكيف مع قيود الجائحة بالإضافة للتباين في توفير ضمان الأمن الغذائي الذي يعتبر أكثر المجالات التي تأثرت بالوباء، فضلاً عن قياس واقع الحريات الفردية وجهود دمقرطة الأنظمة التي تشمل دراسة نجاعة دولة المؤسسات وحالة انفاذ القانون والمساواة في تطبيقه، مع ادراج مؤشرات أخرى كحجم دخل الأفراد[5] ونسبة البطالة[6].

التصنيف اكتفى بدراسة مؤشرات 20 دولة عربية واستند بالإضافة الى المؤشرات المذكرة على دراسة مؤشرات الأمن والإرهاب والجريمة والسلامة، فضلاً عن رصد المتغيرات السريعة للأحداث في العالم العربي خلال 2021 ودراسة سياسات الحكومات الاقتصادية والاجتماعية والتي لديها تداعيات على أمن المواطنين بالإضافة لدراسة واقع مدركات الفساد وارتباطه بمدى تطبيق القانون والإفلات من العقاب ومدى ترسيخ المحاسبة والمسائلة والشفافية والنزاهة وتقلص البيروقراطية. ومثلت زيادة خطر العنف والاضطرابات السياسية في أجزاء من العالم العربي المحرك الرئيسي لتصنيف المخاطر العامة والداهمة وقياس درجة الأمان التي يحظى بها كل شعب في بلده.

ورغم أنها تقع في منطقة محاطة بمناطق نزاع وتوتر، اكتسحت شعوب الخليج صدارة التصنيف ليس بفضل ملائة حكوماتها المالية فقط وانما بفضل سياسات الدعم الاجتماعي وتنمية خدمات رفاه المواطن وتحسين اندماجه في مجتمع المعرفة. ورغم التحسن الملحوظ في جهود التنمية والبناء والتطوير في القدرات البشرية والبنى التحتية لاستشراف تحديات المستقبل وتحسين رفاه المواطن، الا أن أغلب الدول الخليجية تواجه تحديات تلوث مقلق خاصة على مستوى المدن والعواصم التي تشكو من تركز تلوث هوائي مقلق[7]. وقد يكون التلوث الهوائي والاحتباس الحراري أبرز تحديات الحكومات الخليجية مستقبلا وخاصة المتعلقة بتحويل عواصمها المنكشفة على مخاطر تلوث عالية الى مناطق صديقة للبيئة.

في تصنيف هذا العام، حافظ القطريون للعام الثاني على المرتبة الأولى كأكثر الشعوب العربية أمانا لعام 2021 مع نظرة مشرقة لعام 2022، كما حافظ الاماراتيون عل المرتبة الثانية مقارنة بتصنيف العام الماضي. وارتفع ترتيب الكويتيين الى المرتبة الثالثة مقارنة بالمرتبة الرابعة العام الماضي، وتقدم ترتيب البحرينيين الى المرتبة الخامسة في حين تراجع ترتيب العمانيين الى المرتبة الخامسة، وتأخر السعوديون بمرتبة فقط الى الترتيب السادس، في حين حافظ الأردنيون على المرتبة السابعة مقارنة بتنصيف 2020، وتقدم المغربيون الى المرتبة الثامنة وأيضا الجزائريون الى المرتبة التاسعة مقارنة بالمرتبتين التاسعة والعاشرة على التوالي في التصنيف السابق. التونسيون تأخروا في ترتيب هذا العام الى المرتبة العاشرة، في المقابل تقدم المصريون مرتبة الى الترتيب الحادي عشر.

الموريتانيون لم يحافظوا على ترتيبهم للعام الماضي، حيث تأخروا بمرتبة واحدة في ترتيب هذا العام الى المرتبة الثانية عشرة، أما العراقيون فقد قفزوا في الترتيب من 17 العام الماضي الى 13 هذا العام، كما قفز أيضا ترتيب الليبيين في تصنيف 2021 مقارنة مع تصنيف 2020 بنحو 6 مراتب الى المرتبة الرابعة عشرة، وبدورهم شهد اللبنانيون تراجعا في ترتيبهم ليحلوا في المرتبة الخامسة عشرة هذا العام، أما الفلسطينيون فقد تراجع ترتيبهم الى المرتبة 16 هذا العام مقارنة بتصنيف العام الماضي. في المقابل تحسن ترتيب السوريين هذا العام بحلولهم في المرتبة 17 مقارنة بالمرتبة 18 في تصنيف 2020. السودانيون تراجع ترتيبهم بشكل ملحوظ أيضا من المرتبة 15 في التصنيف الماضي الى المرتبة 18 هذا العام. أما الصوماليون واليمنيون فقد حافظوا على الترتيب نفسه لعام 2020 حيث حل الصوماليون في المرتبة قبل الأخيرة وتذيل اليمنيون تصنيف هذا العام.

 تصنيف أكثر الشعوب العربية أمانا لعام 2021+ 2022
تصنيف أكثر الشعوب العربية أمانا لعام 2021+ 2022

واعتمد تصنيف هذا العام على نحو أكثر من 15 مؤشرا رئيسياً ومؤشرات فرعية، وتركز التقييم على منح أولوية لمؤشرات جديدة مقارنة بالمؤشرات المتبعة في التصنيف الماضي. أغلب المؤشرات الجديدة التي تضمنها التصنيف مرتبطة بمدى الاستجابة للجائحة على جميع المستويات وتداعياتها على حياة المواطن فضلاً عن قياس مؤشر التهديدات الأمنية من خلال مؤشر السلام العالمي[8] والتهديدات المناخية من خلال مؤشر انبعاثات غازات ثاني أكسيد الكربون[9] وتركز التلوث[10]  ونسبة تلوث الهواء[11]، وصولاً الى قياس مؤشرات التنمية البشرية[12] والتعليم[13] وكفاءة التعليم عن بعد[14]، بالإضافة الى المؤشرات التقليدية المتبعة لتصنيف الأمان وهي متعلقة بجودة حياة الأفراد والاندماج المجتمعي والتعايش والتقدم الاجتماعي[15]، وتعتمد على رصد مؤشرات الازدهار والدخل[16] والحريات الفردية[17] والديمقراطية[18] والجريمة[19] مع قياس مؤشرات جهود فرض القانون ومحاربة الفساد[20]. حيث يتضح ارتباط وثيق بين مدركات الفساد وتعزز أو تقلص مؤشرات جودة حياة الفرد واتجاهات الفقر والبطالة[21] والجريمة[22]. بالإضافة الى قياس مدى تأثير الاستقرار الداخلي من خلال مؤشر الهشاشة[23].

وأصبح مؤشر الأمان يشمل عوامل كثيرة متداخلة وذات أبعاد أشمل من مجرد ربطه بالمخاطر الأمنية أو الاستقرار السياسي، حيث أن الأمن القومي يشترط تعزز أغلب المؤشرات المذكورة في جدول المؤشرات المعتمدة لتصنيف تغير درجة أمان الشعوب العربية. كما أن الأمن الغذائي والطاقي والبئي والمائي وتطور التعليم والحريات والديمقراطية ومحاربة الفساد كلها مؤشرات حيوية لا يكتمل تصنيف حالة الأمان بدونها.

وتواجه بعض الدول العربية خاصة المنتجة للطاقة تحديات ضخمة تتعلق بإقامة توازن بين تحقيق تقدم اجتماعي ورفاه وتنمية بشرية حقيقية وخلق مجتمعات متكافئة ومتطورة دون زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عن المستويات المستدامة. البحث على العلاقة بين انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (GHGs) والتقدم الاجتماعي يضمن مستقبل مستدام لأجيال الغد. في هذا الصدد قد تضطر دول متفوقة في مؤشرات التقدم الاجتماعي مثل قطر والبحرين على سبيل المثال لخفض انبعاثاتها بأكثر من 30 طناً للفرد[24].

بشكل عام شهدت شعوب بعض الدول العربية دوناً عن غيرها بعض الظروف الاستثنائية خلال عام 2021 أثرت على حالة الامن والأمان وخاصة المتعلقة بالاستقرار الاقتصادي والسياسي[25] والتي أثرت سلباً بدورها على تردي جودة حياة المواطن وعززت مؤشرات عدم التفاؤل بالنظر خاصة لضعف الاستقرار السياسي والاقتصادي أو لضعف الاستجابة لأزمة الجائحة او لتطلعات المواطنين خاصة لمطالب العمل والدعم الاجتماعي.

وأثرت الأزمة الصحية على تعميق الاختلالات المالية لأغلب الحكومات العربية، حيث شهد مواطني الدول محدودة الدخل ضغوطا أكثر من نظرائهم في دول أخرى إزاء سياسات تقلص دعم السلع الاستهلاكية وتضخم الأسعار مقابل تراجع فرص العمل وزيادة نسب البطالة تزامنا مع ضغوط سياسات التقشف والتخفيض من سياسات الدعم الاجتماعي. وهو ما فاقم ظاهرة التهميش التي تعاني منها شريحة الشباب أكثر من غيرها، حيث ان متوسط نحو 60 في المئة من الشباب[26] عاطلين عن العمل في الدول العربية محدودة الدخل.

وسببت زيادة البطالة بفعل قيود الجائحة في بعض من الدول في ظهور نزعات احتجاجية ومزيد من العنف والجريمة[27]كتعبير عن تردي الوضع المعيشي خاصة بالنسبة للأسر الفقيرة او محدودة الدخل، وهو ما فاقم من ظاهرة الفقر في العالم العربي، اذ من المرجح أن 16 مليون عربي دخل دائرة الفقر منذ 2019[28].

وقد أثر التفاوت الكبير في الاستجابة للجائحة في تعميق الفوارق في حصيلة ضحايا فيروس كورونا بين الدول[29]، وزيادة انكشاف المواطنين على خطر محدودية الرعاية الصحية. كما تعرضت وتيرة تعليم شعوب كثيرة في العالم العربي الى الاضطراب بسبب قيود الجائحة وعدم توفر البنية التحتية الرقمية لتأمين التعليم عن بعد.

وقد تمكنت بعض الحكومات العربية التغلب على ظروف جائحة كورونا وتداعياتها بتوفير ظروف الصحة والرفاه والازدهار لشعوبها، فعلى سبيل المثال حافظت دولة قطر على ازدهار بيئة التعايش والرخاء والرفاه طيلة مدة الجائحة المستمرة الى اليوم، وهي تشترك في ذلك بالتناصف مع الامارات والكويت، حيث تعتبر بيئة هذه الدول بالإضافة الى دول أخرى متقدمة عن غيرها من بقية الدول العربية خاصة محدودة الدخل في توفير عوامل الرفاه للمواطن حتى في ظل الأزمات والكوارث.

1-   قطر: أكثر دولة عربية أمانا وسلامة في 2021 (بيئة مستقرة وواعدة مع تحسن مؤشرات الازدهار وغياب التهديدات المحدقة مع نظرة مشرقة في عام 2022)

تصدر القطريون تصنيف هذا العام. وقد تحسنت مؤشرات الحكومة القطرية في أغلب المجالات، الا أن مؤشرات التقصي الوبائي ونسبة التطعيم (77 في المئة[30]) تبقى محدودة نسبيا مقارنة بالإمارات (91 في المئة) رغم الجهود الناجحة في استيعاب الجائحة والحصيلة المحدودة للوفيات[31]. يبقى معدل التلوث مقلقا نوعا ما خاصة على مستوى نسبة انتاج الفرد لثاني أوكسيد الكربون[32]، وهو من أهم مسببات ظاهرة الاحتباس الحراري.

تميزت قطر في تعزيز مجالات التنمية البشرية وتطوير نظم التعليم[33] والتعليم عن بعد، ورغم التحسن الملحوظ في البنية الرقمية للخدمات تحتاج جهدا حكوميا أكبر لتعزيزها. ويمكن لقطر بدفع من تنظيم كأس العالم أن تعزز بنيتها التحتية الرقمية بشكل مثالي. بشكل عام سجلت قطر في أغلب القطاعات المؤثرة في حياة الفرد القطري تحسنا ملحوظا وهو ما يعود بشكل إيجابي على أمان وتفاؤل المواطن القطري في المستقبل (مستوى الدخل المرتفع وتدني البطالة وتحسن الحريات الفردية والتقدم الاجتماعي[34]).

استفادت قطر بشكل ملحوظ من انفراج أزمتها مع بعض الدول الخليجية ومصر، حيث تراجعت المخاوف خاصة على مستوى عودة حركة السفر والتجارة وسلسة التوريد والتوزيع، وزادت فرص الازدهار وتعززت مؤشرات الثقة أكثر في مستقبل الأمن والازدهار القطري[35]. كما مثلت قمة الرياض التي حضرها أمير قطر منعرجا إيجابيا في ترسيخ آليات التعاون الخليجي ودعم الاستقرار الداخلي بقطر وتقليص المخاطر.

وفي حين أثرت جائحة COVID-19 على إنتاج الغذاء العالمي وإمكانية الوصول إليه مثّل ذلك مصدر قلق كبير وخطر تجاه مختلف الدول وقدرتها على تحقيق الأمن الغذائي المستقر والمستدام. في هذا الصدد، أدارت قطر بشكل جيد تحديات الأمن الغذائي بفضل نجاعة السياسات والبنية الاجتماعية والتدابير الاستباقية[36].

ومثلما عززت الحكومة القطرية سرعة الاستجابة للجائحة وتقليص أعراض الوفاة بفيروس كورونا، عملت أيضا على تحسين مؤشرات التنمية البشرية والتعليم والتقدم في حلول تحديات جودة التعليم ومواكبة متطلبات مجتمع المعرفة والتميز في الاستثمار في الذكاء البشري وضمان مستقبل واعد لأجيال الغد، مع ضمان استقرار رؤية الرفاه على المدى البعيد مع تحسين الاستجابة للتكيف مع التغير المناخي.

يظل تقييم حالة الأمان في قطر متقدم في اغلب المؤشرات[37]. تبقى افاق الازدهار والاستقرار مشجعة في 2022 مدفوعة بتنظيم كأس العالم لكرة القدم، وهو ما قد يمثل تحد مفصلي لقطر قد يقود لزيادة تحسين مؤشرات الحياة الأفضل لمواطنيها وإيجاد حلول للتحديات البيئية والتعليمية.

2-    الامارات:(بيئة مستقرة مع تحسن مضطرد لمؤشرات الازدهار وغياب التهديدات المحدقة مع نظرة واعدة لعام 2022).

حلّ الإماراتيون في المرتبة الثانية بفضل عوامل كثيرة أبرزها تصدر نسب التطعيم ضد فيروس كورونا(91 في المئة من السكان[38]) وسرعة الاستجابة الطبية والتقصي الوبائي فضلا عن تحسن مناخ الاستقرار وتعزز الأداء البيئي بانخفاض طفيف لنسبة مساهمة الفرد في انتاج ثاني غاز أوكسيد الكربون[39] وذلك بفضل تقدم الحكومة نحو ترسيخ اقتصاد أخضر والتخلص من الاعتماد على النفط. كما تصدرت الامارات سباق الدول النفطية العربية على مستوى جهود التخلص من الصناعة التحويلية والنفطية كمصدر لدخل الدولة وتعزيز مناخ الاقتصاد الصديق للبيئة. الى ذلك نجحت الحكومة الإماراتية في تصدر السباق العربي أيضا نحو التحول الرقمي وتفعيل الحكومة الالكترونية لتسهيل معاملات المواطن فضلا عن زيادة الخدمات عن بعد، وتميزت الحكومة الإماراتية في تحسين منظومة التربية وجودة التعليم[40] خاصة التعليم عن بعد وهو ما سهل على الاماراتيين التكيف مع ظروف الاغلاق التي فرضتها جائحة كورونا دون اضطراب الدراسة وتدني جودة التعليم. وبذلك وفّرت الامارات أفضل بيئة عربياً للأمان التعليمي والتحول الرقمي والاندماج في مجتمع المعرفة العالمي[41].

حسنّت الحكومة الاماراتية مؤشرات التنمية في جميع المجالات[42] ومختلف الظروف مثل الكوارث. وأثبتت قدرة في سرعة الاستجابة للجائحة والتقدم في حلول تحديات التغير المناخي ومواكبة متطلبات عالم المعرفة والاستثمار في الذكاء البشري، واستقرار رؤية الرفاه على المدى البعيد. تعتبر الدولة العربية الوحيدة التي خصصت هيئة حكومية لتنمية مؤشرات سعادة المواطن. وتعتبر الامارات ثالث أفضل بلد موفر لعوامل التقدم الاجتماعي وتطور وتحضر الشعوب (SPI)[43].  ورغم ذلك تبقى مؤشرات السيطرة على التضخم ونسبة البطالة من أهم تحديات الحكومة الإماراتية.

وتقدمت كذلك الامارات في جهود مقاومة ظاهرة الفقر والبطالة من خلال تكثيف الجهود مكافحة الفساد في بيئة العمل والإدارة. لكن تبقى نقاط ضعف أخرى على الحكومة الإماراتية تداركها في المستقبل.

لا توجد قيود أو موانع للسفر الى الامارات لدواعي أمنية. وتعتبر بين أكثر الوجهات العربية أمانا والتي يقصدها ملايين الزوار عبر العالم. كما لا يوجد قلق جدي حول احتمالات تهديدات إرهابية محدقة في الامارات في 2022.

حققت الامارات تحسنا ملحوظا في تراجع معدلات الجريمة[44]. يميل معدل تصنيف المخاطر الإجمالي في دولة الإمارات العربية المتحدة الى متوسط ​​منخفض. بلغ ترتيب البلاد في مؤشر السلام العالمي 2021، مرتبة الثالثة عربياً[45]. ويبرر ذلك بوجود احتمالات بدرجة منخفضة للغاية لمخاطر خارجية مرتبطة بالتوترات بين الإمارات وإيران وبين إيران والولايات المتحدة والتي لا تزال مرتفعة والتي قد تؤثر تداعياتها ان حدثت على أمن سكان الامارات. ليست هناك أي توقعات لخطر سياسي داخل قريب حيث تستمر وتيرة التداول السلمي على السلطة.

من جهة أخرى، أدى انفراج الأزمة الخليجية الى تحسن العلاقات مع دول الخليج وخفض خطر تعطل سلسلة التوريد. مستويات الفساد منخفضة إلى حد ما في الامارات، لا سيما مقارنة بالبلدان الأخرى في المنطقة. ومع ذلك، اتخذت الحكومة خطوات لخفض أكبر لمستويات الفساد[46]، مع تنفيذ عدد من الإصلاحات في السنوات الأخيرة لتحسين آليات الإبلاغ والامتثال. علاوة على ذلك، تركز الحكومة على الإصلاحات الملائمة للأعمال التي عززت الثقة وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. المخاطر الاجتماعية على المقيمين محدودة للغاية حيث ان نسب البطالة والفقر بين المواطنين متدنية جدا. نسبة التسامح في المجتمع عالية بسبب سن تشريعات تدعم ذلك. لكن تظل تحديات الصراع الإيراني الأمريكي التهديد الحقيقي للإمارات ودول الخليج.

3-    الكويت: (بيئة مستقرة مع تحسن نسبي لمؤشرات الازدهار الى جانب تصدر مؤشرات التقدم الاجتماعي وغياب التهديدات المحدقة مع نظرة مستقرة لعام 2022)

قفز الكويتيون الى المرتبة الثالثة هذا العام بعد أن كان ترتيبهم في المرتبة الرابعة في تصنيف 2020. نجحت الكويت في إدارة تحديات الوباء وخاصة على مستوى توفير اللقاح وتعميم التطعيم الذي بلغ أكثر من 75 في المئة من سكان البلاد[47]. تحسنت مؤشرات التنمية في البلاد وحافظت الكويت على ريادتها للدول العربية في مؤشر التقدم الاجتماعي[48]. تعتبر بيئة الكويت الأكثر تنافسية وتحفيزا للمواهب على المستوى العربي. مثّل استقرار ديمقراطيتها[49] الدافع الإيجابي للاستقرار المجتمعي. لكن تبقى تحديات محدودية استقرار العمل الحكومي وتأثير الخلاف السياسي في الإدارة من تربك وتيرة تحقيق البلاد لأهدافها التنموية.

الحراك السياسي والعفو عن بعض رموز المعارضة هذا العام وان كان مؤشر إيجابيا على العمل الديمقراطي، الا أن مخاطر عدم التعاون بين السلطتين قد تؤثر بشكل واضح في اضطراب وتيرة الإصلاح وانجاز مشروعات التنمية وقد تحد من كفاءة العمل الحكومي في إدارة مرحلة ما بعد الجائحة.

النظرة لعام 2022 مستقرة على مستوى تقدم المؤسسات الكويتية في تحقيق أهداف التنمية البشرية لكن هناك قلق حول “جودة التعليم عن بعد” كخيار فرضته قيود الجائحة، فضلا عن تحديات مدركات الفساد التي تبقى مقلقة[50] مقارنة بمؤشرات بقية دول الخليج وارتفاع معدلات الجريمة[51] الى جانب التطرق الى تحد تواجهه أغلب دول الخليج والمتمثل في النسب المرتفعة حسب الفرد لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري[52]، وهو ما يدعو الكويت الى ضرورة خفض نحو 20 طن متري للفرد خلال السنوات المقبلة من أجل بلوغ هدف بيئة صحية لأجيال المستقبل.

لم تصدر أي قيود أمنية على السفر الى الكويت منذ بداية العام الجاري. لكن وان تدنت مستويات المخاطر السياسية والأمنية والاقتصادية المحدقة في 2021، رغم ذلك توصي عدد من السفارات بضرورة اتخاذ الحيطة اثناء زيارة الكويت بسبب مخاوف من احتمالات تداعيات الحرب الباردة بين إيران والولايات المتحدة.

ورغم التحديات المذكورة، تحسنت بيئة العيش الآمن ومناخ السلام في الكويت[53]. ولا يواجه المقيمون فيها أي أخطار أو تهديدات قريبة تطال سلامتهم في 2022.  وقد مكّنت سياسة الكويت المعتدلة من تعزز ترتيبها في مؤشر السلام العالمي (GPI) الى المرتبة الثانية عربياً[54]. حيث تراجعت مؤشرات المخاطر الداهمة الداخلية أو الخارجية. وعلى الرغم من توقعات حرب باردة بين إيران والولايات المتحدة في المنطقة، فليس هناك أي ترجيح لمخاطر حتى وان اندلعت على أمان الكويتيين والمقيمين في الكويت بسبب ناي السياسة الكويتية عن الدخول في صراعات، ناهيك عن علاقتاها المتوازنة مع جميع القوى وتعزز قدراتها الدفاعية. ويعتبر معدل المخاطر الداخلية في الكويت  بين ضعيف ومتوسط ومرتبط بمستقبل الصراع السياسي والحراك الداعي للتغيير ومحاربة الفساد، بينما زادت توقعات وجود حراك سياسي معارض او احتجاجات بين الكويتيين أو فئة البدون خلال 2022 بسبب عدم حسم حلول لعدة قضايا تعمد سياسات التهدئة والاستيعاب التي يميل اليها النظام السياسي الى تأجيل حلها.

الكويت متقدمة عربيا وعالميا في ترسيخ مقومات التقدم الاجتماعي حيث يميل مؤشر السلم المجتمعي الى الاستقرار في 2021 بفضل تعزز السياسات المشجعة لوحدة مكونات المجتمع ومناهضة التفرقة والتمييز ودعم المحاسبة والمساواة امام القوانين وممارسة الحياة الديمقراطية ديون قيود قاهرة.

على صعيد آخر، شهدت البنى التحتية في الكويت تطورا ملحوظا رغم بعض الانتقادات لها خاصة في تعاملها مع الكوارث الطبيعية كالفياضات والسيول الا ان هناك تدارك للإصلاح، بينما تعتبر اهم المرافق الحيوية كالموانئ والمطارات والجسور والطرقات آمنة في ظل مشاريع تحسين البنى التحتية. وما قد يكون مقلقا هو الارتفاع السنوي للمستمر لدرجات الحرارة في فصل الصيف. كما تعتبر نسبة الفقر بين المجتمع متدنية في ظل معدل قدرة شرائية أكثر من المتوسط. لكن هناك قلق حول نسبة البطالة واحتمالات خفضها دون تسييس الحلول.

وعلى صعيد آخر، يرتبط الأمن الداخلي باتجاهات الأمن الاجتماعي للمواطن المرتبط أساسا بالتنمية. فرغم أن الكويت دولة غنية، إلا أن جهود تنويع إيراداتها محدودة بسبب الدور السلبي لمجلس الأمة في الحد من تنفيذ مشاريع واصلاحات لتنويع الايرادات. ونظرًا لأن القطاع العام لا يزال يلعب دورًا رئيسيًا في الاقتصاد، فإن خطر التدخل السياسي من متوسط إلى مرتفع.

وتتخلف الكويت عن نظيراتها من دول الخليج من على مستوى الاستثمار، حيث ان معدل المخاطر القانونية والتنظيمية بين متوسط الى مرتفع. وعلى الرغم من ثروة الكويت النفطية الهائلة، يؤدى الشلل السياسي إلى تباطؤ الاستثمارات العامة، حيث ركزت النفقات على زيادة الرواتب والمزايا. وتواجه الكويت إصلاحات كبرى على مستوى سياسات الدعم والتوظيف والتي من شأنها ترشيد الإنفاق والتي قد يكون عليها خلاف كبير بين الحكومة ومجلس الأمة. ومع ذلك، فقد أدت سياسات البلاد المالية إلى زيادة كبيرة في المدخرات التي تديرها الهيئة العامة للاستثمار (صندوق سيادي) وبلغت نحو 700 مليار دولار[55]. وعلى صعيد آخر، هناك قلق من أن الجمود في ديمقراطية الكويت قد يقوض النمو ويبطئ التغيير التنظيمي. اذ تعتبر الكويت بطيئة في تنفيذ أي اصلاحات من شأنها تقليص العقبات التنظيمية ودعم الاستثمار. ومع ذلك، من المحتمل أن تظل البلاد متمتعة بملائة مالية واستقرار على المدى المتوسط بفضل انتعاشة أسعار النفط، مما يوفر لها مرونة مؤقتة لمواجهة أي صدمات خارجية.

وتبرز نقاط ضعف وجب على الحكومة الكويتية تداركها بسرعة أبرزها استمرار معدل الجريمة المرتفع، فضلا عن ظاهرة المخدرات، وهي ظواهر مؤثرة على السلم والامن الاجتماعي. وتتداخل أيضاً حالة السلم المجتمعي في جزء منها مع إشكاليات عمالة هامشية مرتفعة، ووضعية فئة غير محددي الجنسية “البدون” غير المحسومة والتي قد تتحول الى بركان متفجر في المدى المتوسط. ينضاف الى ذلك زيادة تحسين قدرة البنى التحتية لمواجهة تغيرات مناخية مستقبلية قد تكون حادة ومتقلبة. الى ذلك يشار الى ان نسبة تراجع حيازة المدنيين لأسلحة خفيفة غير كافية رغم حملات التقليص منها.

4-    البحرين: (بيئة مستقرة مع تحسن في مؤشرات الازدهار وغياب التهديدات المحدقة مع نظرة مستقبلية مستقرة لعام 2022)

ارتفع تصنيف البحرين هذا العام الى المرتبة الرابعة في قائمة أكثر الشعوب العربية أمانا مقارنة بتصنيف العام الماضي 2020. حيث نجحت البحرين في تحسين ترتيبها بفضل حسن ادارتها للجائحة وتشجيع سياسات التطعيم ضد فيروس كورونا التي بلغت نحو 69 في المئة من السكان مع تحفيز جهود التقصي الوبائي من أجل رفع مستوى الأمن القومي الصحي.

رغم انكشافها على مخاطر تداعيات الجائحة خاصة على مستوى تراجع إيرادات البلاد، الا أن الحكومة سعت للسيطرة على تضخم معدلات البطالة وتجنب تفاقمها بشكل كبير حيث ارتفعت بشكل طفيف من 4.7 في المئة في 2016 الى نحو 5 في المئة[56] في 2020-2021 مدفوعة بسبب قيود الجائحة وتأثيراتها على الاقتصاد والاستثمار واتجاهات سوق العمل.

وفي هذا الجانب تفوقت البحرين على سلطنة عمان على سبيل المثال على مستوى كبح نمو البطالة التي ارتفعت في السلطنة بنحو 2 في المئة منذ 2017 والتي صعدت الى نحو 19 في المئة بفعل الجائحة[57].

ومثّل قطاع التوظيف ووتيرة التطعيم المحدودة نقطة ضعف السلطنة التي تفوقت فيما عدا ذلك على مستوى بقية المؤشرات على البحرين خاصة عل مستوى التلوث والتنمية البشرية والسيطرة على الجريمة وعلى مستوى متانة الدولة والاقتصاد وحتى على مستوى التقدم الاجتماعي[58]. الا أن الأمان الصحي والوظيفي محددان رئيسيان في التصنيف.

لا تواجه البحرين تهديدات ارهابية جدية وليس هناك قلق تجاه السفر اليها حسب دراسة تحديث تحذيرات وكالات الأسفار العالمية والسفارات الأجنبية لكن تبقى التوصيات بتوخي الحيطة والحذر أثناء خشية احتمالات تأثر المملكة بتداعيات الصراع الإيراني الأمريكي. كما تجدر الإشارة الى أنه لا تواجه مملكة البحرين مخاطر داخلية سياسية أو أمنية أو اجتماعية داهمة في 2022. اذ ارتفع معدل الأمان فيها في حين انخفض معدل الجريمة. ويستمر انتشار السلاح بين المدنيين في البحرين الأقل خليجياً. اذ لا يمتلك سوى نحو 12.8 في المئة من البحرينيين أسلحة خفيفة.

على مستوى الأمن الداخلي، يبقى مؤشر السلامة مرتفعاً.  وتتمتع المملكة ببنية تحتية جيدة وأنظمة سلامة في أغلب قطاعاتها الحيوية وخاصة المساكن ومواطن العمل والمرافق الحساسة. وسجلت البحرين تراجعا ملحوظا لدرجة القلق من احتمالات تصاعد مخاطر الاستقطاب المتزايد وحساسية العلاقات المتوترة بين المنامة وطهران، هذا التراجع أثّر إيجابا على ترتيب البحرين في مؤشر السلام الدولي الذي أصبح عند 102 في قائمة أكثر دول العالم أمنا[59] مقارنة بمرتبة 124 عالمياً في 2020. هذا التحسن الملحوظ انعكس إيجابا أيضا على مناخ الاستثمار رغم تحديات الجائحة. وقد يتضح أكثر في 2022. وبذلك تراجع تصنيف معدل المخاطر العام في البحرين الى منخفض مقارنة بمتوسط العام الماضي.

ويعتبر ترتيب البحرين متقدما في مؤشر التنمية البشرية (HDI[60])، رغم ذلك هناك قلق من استمرار ترتيب البحرين المرتفع نسبيا في مؤشر مدركات الفساد عند 78 عالميا تناصفا مع الكويت.  كما تعاني بعض مؤسسات البحرين من ضعف هيكلي وبيئة أعمال هشة مع وجود مخاوف من قلق حول الوضع الاجتماعي والاقتصادي الداخلي الذي يعزى بشكل رئيسي إلى عجز مالي متفاقم في البحرين في السنوات الأخيرة عمقته تداعيات الجائحة، مما أدى إلى ارتفاع الدين الحكومي من نحو 100 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2019 الى نحو 129 في المئة في 2020[61].

5-    : سلطنة عمان (بيئة مستقرة مع تحسن نسبي لمؤشرات الازدهار وغياب التهديدات المحدقة مع نظرة مستقرة وإيجابية ومحفزة في 2022)

حلّ العمانيون في المرتبة الخامسة في تصنيف أكثر الشعوب العربية أماناً هذا العام متراجعين بمرتبة عن تصنيف العام الماضي بسبب ضعف بعض المؤشرات المرتبطة بإدارة الجائحة أو بالأمان الوظيفي. حيث تعتبر عمان الأقل خليجياً في نسب التطعيم (56.6 في المئة[62]) وأكثرها في نسب البطالة (19 في المئة[63]) التي زادت بنحو 2 في المئة في العامين الأخيرين منذ انطلاق جائحة فيروس كورونا.

وماعدا تأخر السلطنة في هذين المؤشرين، تحسنت بيئة الأمان في جل المجالات أبرزها متانة الدولة والتنمية البشرية والتقدم الاجتماعي ومكافحة الفساد والحريات الفردية والتحول الديمقراطي[64].

مؤشرات الأمان والسلامة والاستقرار السياسي تعززت أيضا خلال 2021 ومن المنتظر أن تستمر في العام المقبل. فالعمانيون لا يواجهون أي مخاطر خارجية محدقة، فسجل سلطنة عمان يشير الى 0 تهديدات حسب آخر تحديث للمؤشر الدولي للإرهاب. كما لم تصدر أي تحذيرات أو قيود للسفر الى عمان في 2021. وبفضل تعزز مناخ السلام في عمان، صنفت في المرتبة الخامسة عربيا في مؤشر السلام العالمي[65]. وعلى الرغم من امتلاك نحو 16.7 في المئة من العمانيين أسلحة خفيفة أغلبها بهدف الحفاظ على الموروث الشعبي والتقاليد القبلية، استمرت معدلات الجريمة في السلطنة في الانخفاض بسبب تعزز ثقافة التعايش وتطبيق القانون وتعتبر الثالثة عربياً في قائمة أقل الدول تسجيلاً لمعدل الجريمة[66]. كما ارتفع مؤشر السلامة داخل السلطنة. وتتمتع عمان ببنية تحتية من متوسطة الى جيدة مع توفر مرافق السلامة في أغلب الأنشطة التي يزاولها العمانيون أو المقيمون.

وتتميز سلطنة عُمان بدرجة تميل الى الانخفاض من المخاطر، على الرغم من التوترات المستمرة في المنطقة. وتبقى خارج دائرة صراعات جيرانها بفضل سياسة الحياد. وبعد الانتقال السلمي للسلطة، تعزز النظرة الايجابية للاستقرار السياسي للسلطنة.

لكن تبقى مستويات متوسطة من المخاطر المؤسسية، مع اداء منخفض لفعالية الحكومة. رغم ذلك، تبقى المخاطر القانونية والتنظيمية في الوقت الحالي متوسطة، ولأجل تقليصها يحاول صناع السياسة في عمان زيادة كفاءة البيئة التنظيمية كجزء من جهد أوسع لتنويع الاقتصاد بعيدا عن إنتاج النفط.

6-    السعودية (بيئة مستقرة مع تحسن لمؤشرات الازدهار وغياب التهديدات المحدقة مع نظرة مستقرة لعام 2022)

جاء السعوديون في المرتبة السادسة في تصنيف هذا العام لأكثر الشعوب العربية أمانا متأخرين بمرتبة واحدة عن تصنيف 2020. اذ تأثرت السعودية ببعض الهجمات الحوثية المحدودة وبظروف جائحة فيروس كورونا. الا انها نجحت في إدارة تحديات الوباء وراهنت على التطعيم الذي بلغ نحو 66 في المئة من سكانها[67]، الا ان تداعيات الجائحة خفضت بشكل طفيف نمو سوق العمل حيث ارتفع معدل البطالة ولكنه سرعان ما استقر عند 11.7 في المئة[68].

بقيت السعودية متأخرة نوعا ما في مسار التقدم الاجتماعي مقارنة ببقية دول الخليج الا انها نجحت بشكل ملفت للنظر في القفز في مؤشرات التنمية البشرية وراهنت على نهضة المجتمع السعودي من خلال تحسين جودة تعليمه حيث تصنف الثانية عربيا في مؤشرات التنمية البشرية والتعليم[69].

أثرت التهديدات والهجمات الصاروخية من الميليشيات الحوثية وان بشكل محدود على بعض المدن السعودية على مؤشر أمان السعوديين هذا العام، ورغم هذه التهديدات زاد مؤشر الثقة في القيادة السياسية في إمكانية ردع مثل هذه المخاطر. ودعم النظرة المستقرة للسعودية تعزز الخيارات الديبلوماسية للمملكة في التعامل مع حلفائها او مع مصادر المخاطر. ومثّل تدخل السعودية في حلّ الأزمة الخليجية وحرصها على انهاء الصراع اليمني وإيجاد حل للأزمة السورية ودعم ديبلوماسية الوساطة في تهدئة التوتر في أكثر من منطقة عربية كتونس وليبيا فضلا عن دعم حلول الحوار والسلام لخفض التوتر بين المغرب والجزائر على خلفية الصراع القديم الجديد على سيادة الصحراء الغربية، ومثل تركيز الديبلوماسية السعودية على خيارات حل النزاعات سلميا دليلا على تعزز صداقات المملكة مع محيطها والمجتمع الدولي وهو ما ينعكس إيجابا على تعزيز مناخ السلم الداخلي وتقلص المخاطر المحدقة بالمملكة.

وتبقى المملكة آمنة ضد التهديدات الإرهابية الداخلية، اذ ليس هناك قلق جدي لاحتمال أعمال عدائية تهدد المقيمين حسب آخر تحديث للمؤشر الدولي للإرهاب، لكن تصاعدت تحذيرات وكالات الأسفار والسفارات الأجنبية بضرورة توخي الحذر إزاء احتمال توتر الصراع الإيراني الأمريكي. ورغم استمرار التوتر مع الحوثيين في اليمن، تحسن ترتيب المملكة في مؤشر السلام الدولي من 129 العام الماضي الى 125 هذا العام[70].

تجدر الإشارة الى عدم وجود مخاطر خارجية او داخلية داهمة في 2022 على السعوديين. حيث تعزز الامن الداخلي ومكافحة الجريمة[71] المنظمة والتطرف.

رغم التحسن، يبقى مؤشر السلامة الداخلية متوسطا بسبب حالة البنى التحتية ومرافق السلامة التي تبلغ درجة جودتها من متوسطة الى منخفضة. الى ذلك لا توجد مخاوف من مخاطر على السلم الاجتماعي حيث تبقى مكونات المجتمع مترابطة وتسعى الحكومة لزيادة تعزيز الدعم الاجتماعي للمواطنين خاصة من خلال زيادة فتح أسواق العمل لاستيعاب البطالة. حيث تعتبر البطالة أكثر عامل ضغط يؤثر سلبا على الأمن الاجتماعي، وقد دفعت ظروف الجائحة نسبة البطالة الى الارتفاع الى نحو 11.7 في المئة[72].

من جهة أخرى لا تزال التوترات بين المملكة العربية السعودية وإيران قضية مهمة وتداعياتها أكثر أهمية على مستقبل الامن القومي السعودي. وقد خفضت مساعي كل من إيران والمملكة لحل الخلاف المشترك سليما وعبر المفاوضات من مخاوف المواجهة العسكرية.

انخفضت درجة المخاطر المؤسسية من مرتفعة إلى متوسطة بسبب تحسن جهود مكافحة الفساد[73] ويعكس ذلك تحسن مؤشرات الحوكمة رغم استمرار البيروقراطية المفرطة التي تؤثر سلباً على بيئة الازدهار والعمل. في مقابل ذلك تبذل الحكومة السعودية جهودا للقيام بالإصلاحات الضرورية لحل هذه الإشكاليات في ظل رؤية السعودية 2030.

7-    الأردن: (بيئة مستقرة مع تحسن نسبي لمؤشرات الازدهار وغياب التهديدات المحدقة مع نظرة مستقرة في 2022)

حافظ الأردنيون على المرتبة السابعة في قائمة أكثر الشعوب العربية أمانا في تصنيف 2021. ورغم تداعيات الجائحة التي أودت بحياة نحو 12 ألف أردني وتعرض البلاد لأكثر من موجة عدوى بمتحورات فيروس كورونا، الا أن البلاد نجحت في السيطرة على حدة الوباء وتداعياته رغم ارتفاع مقلق لنسبة البطالة الى نحو 25 في المئة[74]، حيث يعتبر الأمان الوظيفي أكثر المجالات التي تأثرت بالجائحة.

على صعيد آخر، حظي الأردن بمؤشرات مشجعة في محاربة ظاهرة الاحتباس الحراري وتحويل اقتصاد البلاد الى صديق للبيئة، الا أن البلاد تعاني اجهادا في مصادر المياه. وحقق الأردن تحسنا لافتا في مؤشرات مكافحة العنف والجريمة[75] ترسيخ ثقافة التعايش والسلم الداخلي. ويتنافس الأردن مع المغرب على الترتيب، الا انه رغم بطء سياسات التطعيم (38 في المئة[76]) الامر الذي تفوقت فيه المغرب، الا ان الأردن تدارك في مؤشرات أخرى أساسية أهمها مكافحة الفساد والحريات الفردية والتقدم الاجتماعي والتعليم والتنمية البشرية[77]، في حين تميزت خاصة في تقليص مخاطر التهديدات الخارجية حيث لا تواجه علاقاتها الخارجية أي توتر مع محيطها الإقليم او العربي او الدولي حسب مؤشر السلام الدولي[78].

ويبقى الأردن وجهة آمنة وغير مهددة بشكل جدي باي مخاطر خارجية او داخلية في 2022. فليس هناك تحذيرات جدية بتهديدات إرهابية محدقة حسب اخر تحديث للمؤشر الدولي للإرهاب. ويعتبر تصنيف المخاطر الإجمالي في الأردن متوسط وسط التطورات الجيوسياسية المتدهورة في جميع أنحاء المنطقة والعبء المستمر لإيواء أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين. هذه العوامل تساهم أيضًا في ارتفاع خطر الاضطرابات. وفي نظرة تفاؤلية أكثر إشراقًا حول الأمان، ارتفع مؤشر السلامة بفضل تحسن مرافق الأمان في المجالات الحيوية لعيش وعمل المواطن وأيضا على مستوى تحسن البنى التحتية.

على صعيد آخر، يبقى هناك قلق حول انتشار السلاح بين المدنيين وان كان بدواعي الحفاظ على العادات والتقاليد القبلية، حيث يمتلك نحو 18.7 في المئة من الأردنيين أسلحة خفيفة. ورغم ثقافة التعايش السلمي المنتشرة في المجتمع الأردني، تبقى معدلات الجريمة مقلقة.

وتظل معدلات المخاطر القانونية والتنظيمية من متوسطة إلى مرتفعة بسبب انخفاض مستوى جودة فعالية الحكومة. كما تراجعت بشكل طفيف مخاطر التدخل السياسي في الأنشطة الحيوية كالاقتصاد الا انها مجال على الحكومة الأردنية تداركه. الى ذلك هناك قلق جدي حول مخاطر الاضطرابات الاجتماعية بسبب ارتفاع معدلات البطالة والغلاء وارتفاع الدين الحكومي، مما يؤدي إلى عدم قدرة الحكومة على ادارة برنامج تنموي تحفيزي طويل المدى. ومع ذلك، فإن مستويات احتياطي العملات الأجنبية قوية، مما يمنح الأردن مزيدًا من المرونة تجاه الصدمات الخارجية. على الرغم من ذلك، ماتزال الأردن تتكبد تداعيات النزاعات المستمرة في دول الجوار كالعراق وسوريا.

8-    المغرب: (بيئة مستقرة مع تحسن لمؤشرات الازدهار والتسامح وغياب التهديدات المحدقة مع وجود توتر في علاقة الجوار ونظرة مستقرة في 2022)

قفز المغاربة أو المغربيون الى المرتبة الثامنة في تصنيف هذا العام مقارنة بتصنيف 2020 رغم تداعيات الجائحة وتصعيد التوتر على الحدود المغربية الجزائرية. تحسن ترتيب المغاربة في قائمة أكثر الشعوب العربية أماناً يعود الى تحسن مؤشرات المغرب في إدارة أزمة جائحة فيروس كورونا (covid19) وخفض حجم تداعياتها على الاقتصاد والمجتمع. حققت المغرب خطوات إيجابية في تعزيز الانتعاش الاقتصادي الأمر الذي ينعكس على زيادة الثقة في القيادة السياسية وترسيخ الاستقرار السياسي، كما حققت المغرب الصدارة على المستوى العربي في جهود كفاءة إدارة التحديات البيئية وزيادة تشجيع الاعتماد على الطاقة المتجددة. وتعتبر بيئة المغرب بين الأقل تلوثا عربيا والأكثر تقدما نحو مرحلة الاقتصاد الصديق للبيئة.

تصدرت المغرب على مستوى منطقة المغرب العربي نسبة التطعيم ضد فيروس كورونا حيث بلغت نسبة تطعيم سكانها أكثر من 62 في المئة[79] مع تعزيز جهود التقصي الوبائي. لكن تبقى هناك نظرة مقلقة لمستويات مدركات الفساد ومعدلات الجريمة المرتفعة[80]. الى ذلك يبرز تحد كبير امام الحكومة المغربية لتحسين مؤشرات التقدم الاجتماعي والتنمية البشرية والنهوض بجودة التعليم[81]. كما تبرز السيطرة على نسبة البطالة[82] احدى اهم تحديات الحكومة المغربية في المستقبل، حيث ان عدم السيطرة عليها قد تكون عامل خلق اضطرابات اجتماعية.

كما يبقى الصراع على الصحراء الغربية عامل عدم استقرار حول مستقبل الازدهار في المغرب والمنطقة المغاربية بأسرها، اذ ان تسوية هذا النزاع قد يقفز بمؤشرات التنمية المغربية والجزائرية معا.

وتبقى المغرب تصنف بين أهم وجهات السفر والسياحة الآمنة على مستوى العالم العربي. في 2022 ترجح التقديرات ألا تواجه المغرب أي أخطار خارجية أو داخلية ملموسة أو داهمة حيث لا تواجه المملكة مخاطر إرهابية جدية محدقة حسب آخر تحديث للمؤشر الدولي للإرهاب.

وفي ظل الاهتمام المتصاعد بالأمن والسلم الاجتماعي، تسعى قوات الأمن المغربية الى زيادة تأمين أهم المرافق الحسّاسة وجل المدن، لكن تبقى هناك بعض التحديات الأمنية في المناطق الحدودية. وان كانت المغرب تستحق أن تصنف بين أوائل الدول العربية الأكثر أماناً الا أن معدل الجريمة المرتفع نوعا ما حسب تحديث المؤشر الدولي للجريمة، يضغط سلبا على تريب المغرب. وتعتبر مكافحة الجريمة بين اهم التحديات المستقبلية للمغرب للقضاء على مسبباتها. ورغم انتشار السلاح المحدود بين المدنيين في المغرب، حيث لا يتعدى نحو 4.8 في المئة من المدنيين الممتلكين لأسلحة خفيفة، يبقى رهان تحقيق الامن الشامل في المغرب أحد اهم أولويات الحكومات المغربية المتعاقبة، اذ ان اهتمامها بان تكون بلدا آمنا ومستقرا يطغى على كل الاولويات. حيث ارتفع مؤشر سلامة مرافق بيئة الحياة والعمل في الداخل المغربي. على سبيل المثال تعرف البنية التحتية للنقل جودة آخذة في التحسن. اذ ارتفعت الجودة الجيدة للموانئ والطرق وفقًا للمعايير الدولية.

في المجمل، تصنف درجة المخاطر العامة في المغرب من منخفضة الى متوسطة، مدفوعة جزئياً بخطر الجريمة المنظمة والاحتجاجات وتداعيات التوتر على الحدود مع الجزائر. حيث تواجه البلاد نزاعات حدودية ضد جبهة البوليساريو التي تطالب بحكم ذاتي في ظل “نزاع الصحراء الغربية” المستمر منذ عام 1973.

9-    الجزائر: (بيئة مستقرة مع وعود بتحسين مؤشرات الازدهار وغياب التهديدات المحدقة مع توتر العلاقات مع المغرب بالإضافة الى نظرة مستقبلية مستقرة لعام 2022)

تقدم الجزائريون في تصنيف أكثر الشعوب العربية أماناَ هذا العام. هذا التقدم يعزى الى السياسات الوقائية الاستباقية الصارمة التي اتخذتها حكومة الجزائر في مقاومة وباء فيروس كورونا رغم انخفاض مستويات التطعيم (12.7 في المئة[83])، الى ذلك سعت الحكومة الجزائرية لخفض مستويات تداعيات الجائحة على المواطن باستمرار الدعم الاجتماعي. كما تحسن ترتيب الجزائر في مؤشرات التنمية البشرية وكفاءة جودة التعليم. كما تقدمت الجزائر في جهود تحسين مؤشرات الاندماج والتقدم الاجتماعي[84].

ورغم توتر العلاقات مع المغرب على خلفية الخلاف حول قضية الصحراء الغربية، لا تواجه الجزائر مخاطر خارجية محدقة. اذ يبقى معدل مخاطر التهديدات الإرهابية عند درجة المتوسط، حسب مؤشر الإرهاب[85]. وبالتالي ليس هناك احتمال تهديدات جدية أو قيود أمنية على السفر الى الجزائر في 2021. لكن وكالات الأسفار العالمية استنادا على تقارير أمنية منذ انطلاق الحراك الشعبي والاحتجاجات وصولا الى توتر العلاقات مع المغرب، تصدر بيانات تتضمن دعوة لأخذ الحيطة والحذر خشية التعرض لاحتمالات تهديدات مختلفة على الرغم من استقرار السيطرة الأمنية على جل التراب الجزائري. وعلى الرغم من محدودية انتشار السلاح بين افراد المجتمع حيث لا يمتلك سوى 2.1 في المئة من الجزائريين أسلحة خفيفة، يبقى معدل الجريمة[86] مقلقاً.

بشكل عام، تراجعت حدة المخاطر الأمنية في الجزائر عقب انتخاب رئيس جديد والتداول السلمي على السلطة، الا ان المطالبة بالتغيير والمحاسبة مستمرة. ونظرا لتحديات كثيرة يصنف الجزائر كبلد متوسط المخاطر، حيث توجد مستويات عالية من احتمالات خطر وجود الجماعات المتطرفة على الحدود وهو ما أخر تصنيف الجزائر في مؤشر السلام الدولي هذا العام من مرتبة 111 عالمياً في 2020 ليرتفع الى 120[87].

على مستوى المخاطر الأخرى على أمن الجزائريين، أثرت الحرائق التي اندلعت بالجزائر صيف هذا العام 2021 والتي أدت الى ضحايا على مستوى سلامة البنية التحتية للطوارئ ومواجهة الكوارث الطبيعية. على صعيد آخر، يمثل الاعتماد المفرط على إيرادات النفط والغاز بنحو 94 في المئة من عائدات الصادرات تحديا كبيرا، وبالتالي لا تزال مستويات العيش والاستحقاقات الشعبية في الجزائر معرضة لتقلبات أسعار النفط على الرغم من خطط تنويع الاقتصاد المحدودة. كما تزال البلاد تعاني من مخاطر قانونية وتنظيمية عالية مع تدخل سياسي في الاقتصاد. ويعزى ذلك إلى ارتفاع مستويات الفساد[88]، وضعف بيئة الأعمال والبنية التحتية السيئة.

10-           تونس: (استقرار نسبي مع نظرة مقلقة حول مستقبل الاستقرار السياسي والوضع الاقتصادي والاجتماعي الهش في 2022 ومخاوف من اضطرابات اجتماعية وغياب التهديدات الأمنية المحدقة)

تأثرت تونس بشكل كبير بجائحة فيروس كورونا صحياً وسياسيا واقتصادياً. هذا التأثير خفّض ترتيبها في تصنيف هذا العام لأكثر الشعوب العربية أمانا مقارنة بتصنيف 2020. حيث تأخر ترتيب التونسيين الى المرتبة العاشرة مقارنة بالمرتبة الثامنة في تصنيف 2020. هذا التأخر يعزى الى الكلفة البشرية الضخمة لضحايا جائحة فيروس كورونا حيث تصدرت تونس عدد وفيات الفيروس عربيا وافريقيا[89]. وأدى تدخل السياسة في إدارة الجائحة الى تفاقم كلفة التداعيات، كما أثر الصراع بين الرئاسات الثلاث على الصلاحيات والسلطة في فقدان السيطرة على الجائحة التي عمقت الأزمة الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية ودفعت الى متغيرات سياسية جوهرية قادت البلاد الى اعلان حالة التدابير الاستثنائية التي اتخذها رئيس الجمهورية بهدف اصلاح اختلالات عمقها الفساد وعدم الاستقرار السياسي وعلى اثرها قام بتجميد أعمال البرلمان واقالة الحكومة وتلتها إجراءات عطّلت بموجبها الدستور وأصبحت إدارة البلاد وفق المراسيم الرئاسية وصولاً الى اعلان الرئيس خارطة طريق سياسية أعلنت عن تنظيم استفتاء حول دستور جديد ونظام سياسي وانتخابي جديدين فضلا عن تحديد موعد لانتخابات تشريعية مبكرة في ديسمبر العام المقبل.

وقد عاشت البلاد حالة استقطاب كبيرة وحادة انقسام في الشارع بين مؤيد ومعارض لخول البلاد الحالة الاستثنائية. في الاثناء اهتزت ثقة جزء من التونسيين في الطبقة السياسية. في المقابل زادت معارضة النخب السياسية لتوجهات الرئيس مدفوعة بمخاوف حول وضع الحريات والمسار الديمقراطية والتنمية الاقتصادية. وتشهد البلاد حالة الاستقرار الحذر في ظل تخوفات من عدم اليقين حول مستقبل البلاد السياسي مع زيادة القلق الشعبي حول ضعف الاستقرار الاقتصادي ومخاوف من شبح ركود عام في ظل نمو مقلق لنسبة المديونية ومحدودية مصادر تمويل العجز وموازنة العام القبل.

وعرف التونسيون حالة مزدوجة بين التشاؤم والتفاؤل مع زيادة القلق حول عدم وضوح رؤية التغيرات ومصير التصعيد بين الرئيس والطبقة السياسية المعارضة له.

ونتيجة تداعيات الجائحة وعدم الاستقرار السياسي، شهدت البلاد ارتفاعا مقلقلا لنسب البطالة[90] والفقر. هو ما أثّر سلبا على ترتيب التونسيين في تصنيف هذا العام. رغم ذلك تداركت تونس انخفاض عدد من المؤشرات المرتبطة بتداعيات الجائحة بتحسين أدائها في مؤشرات أخرى كتحفيز سياسات التطعيم ضد فيروس كورونا والتي بلغت نحو 47 في المئة[91] من سكان البلاد. الى ذلك حسنت الدولة التونسية من مؤشر تعزيز الحريات الفردية واستمرار المنظومة الديمقراطية مع نظرة مقلقة فضلا عن تحسن مؤشرات محاربة الفساد والتنمية البشرية والتعليم والتقدم الاجتماعي[92].

ورغم الحراك الشعبي والاحتجاجات التي عرفتها تونس سواء مدفوعة بشعارات سياسية او مطالب اجتماعية واقتصادية، يبقى مستوى الأمان في تونس مرتفعاً. ويتحدد مستقبل الأمن في البلاد بأداء الحكومة وأيضا بآفاق الصراع الليبي. لكن تبقى تونس وجهة آمنة اذ لم تسجل حوادث خطيرة خاصة في الموسم السياحي الماضي. وبالتالي تقلصت درجة المخاطر الخارجية. ويشير آخر تحديث للمؤشر الدولي للإرهاب الى محدودية التهديدات الإرهابية الجادة على تونس في 2022، مع وجود نظرة مقلقة حول تداعيات أي احتمال لصراع مسلح في ليبيا على الأمن القومي الداخلي للتونسيين.

وبسبب حالة الاحتقان السياسي والاجتماعي والمخاوف من الاضطرابات وتجميد عمل بعض المؤسسات الدستورية مؤقتا، ارتفعت المخاطر في تونس التي أثرت سلبا على ترتيب البلاد في مؤشر السلام العالمي، حيث ارتفع ترتيب البلاد في قائمة الدول التي بيئة السلام فيها أكثر هشاشة من 82 العام الماضي الى 96 هذا العام[93]، وهو تغيير مثير للقلق.

كما تبقى معدلات الجريمة مقلقة وان وصفت بالمتوسطة، حيث تبرز مخاطر الجريمة المنظمة ونشاط العصابات وقطع الطريق والسلب من أهم تحديات الأمن الداخلي. ونتيجة عدم استقرار العمل الحكومي تعطلت مشاريع إصلاحية كثيرة لتحسين مستويات الامن الاجتماعي. ويميل اغلب التونسيون الى السلم وثقافة التعايش حيث لا توجد بالبلاد النعرات الطائفية او الفئوية، كما يعتبر التونسيون أقل العرب امتلاكاً للسلاح حسب مؤشر إحصاء الأسلحة لدى المدنيين.

وعلى مستوى النظرة العامة للأمان في تونس في 2022، يوجد في تونس مستوى خطر عام يميل من متوسط الى ​​مرتفع، مع خطر اضطرابات سياسية واجتماعية من متوسط الى مرتفع، مدفوعاً بعدم الاستقرار السياسي والضعف المؤسسي. كما تجدر الإشارة الى ان المؤسسات السياسية ليست قوية بالشكل الكافي، لكنها تتفوق على معظم نظرائها في العالم العربي. وتكافح تونس اقتصاديًا منذ ثورة 2011، والتي نتجت عن زيادة عدم المساواة وارتفاع معدلات البطالة، لا سيما بين الشباب. وقد أدى تشديد الحدود الخارجية لأوروبا إلى تفاقم بعض هذه التحديات. حيث من المرجح ان تواجه تونس مخاطر تعثر سداد الديون. كما أن النمو الضعيف يعرض الميزانيات الحكومية للخطر ويمثل المحرك الأساسي لأي احتجاجات شعبية.

11-           مصر: (بيئة مستقرة مع تحسن ملحوظ لمؤشرات الازدهار وغياب التهديدات المحدقة وتراجع مخاطر الارهاب) مع نظرة مستقبلية مستقرة لعام 2022

تحسن ترتيب المصريين في تصنيف أكثر الشعوب العربية أماناً هذا العام مقارنة بتصنيف 2020. وحلّ المصريون في المرتبة الحادية عشرة بدلا من المرتبة الثانية عشرة العام الماضي. ويعزى هذا التحسن لأسباب مختلفة أغلبها مرتبطة بتحسن مضطرد للأمان الوظيفي وطفرة في الاستثمارات استطاعت تقليص نسبة البطالة بشكل كبير وفي وقت وجيز.

ورغم تحديات جائحة فيروس كورونا اعتبرت مصر الدول العربية الوحيدة الذي سجل اقتصادها نموا على عكس حالة العجز الذي عرفته أغلب بقية الدول العربية بسبب ظروف قيود الجائحة وركود الاقتصاد العالمي وخاصة في مجال التبادل التجاري.

وانخفضت مخاطر الاضطرابات والاحتجاجات بشكل لافت في هذا العام، حيث زاد تدخل الدولة في دعم الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد رغم زيادة التدخل السياسي في الاقتصاد. ورغم اللجوء أحيانا للحلول الأمنية في رفع التحديات والمخاطر، الا ان نسبة التعايش والسلم المجتمعي في تحسن.

ورغم إدارة مصر وان بكفاءة محدودة لجائحة فيروس كورونا وتداعياتها، الا أن وتيرة التطعيم تبقى بطيئة ومقلقة حيث لم تشمل سوى نحو 19 في المئة فقط من السكان[94].

يبقى وضع مصر في خارطة الدول المسببة للتلوث من متوسط الى مقلق. لكن تبقى مؤشرات مصر باعثة للقلق في مجالات محاربة الفساد ومؤشر التقدم الاجتماعي[95]. حيث تعتبر مصر متأخرة جدا في رفع تحديات الفساد الى جانب وجودها متأخرة في الترتيب العالمي للتقدم الاجتماعي[96] ما يعني وجود مشاكل مختلفة مرتبطة بجودة التعليم[97] والتمتع بالخدمات الأساسية والاندماج المجتمعي. الى ذلك يبقى مؤشر الحريات الفردية[98] بين المجالات التي تحتاج الى زيادة التحسين.

تعتبر بين أهم الوجهات السياحية المفضلة للزوار القاصدين العالم العربي، تعتبر وجهة آمنة نظرا لتحسن مؤشرات الامن الداخلي. وبفضل ذلك تحسن تصنيف مصر في مؤشر السلام الدولي من 136 العام الماضي الى 126 هذا العام[99]. على صعيد آخر، رغم تعزز الأمن الداخلي في مصر، تبقى معدلات الجريمة مقلقة. وعلى الرغم من بعض الاحتجاجات التي تتجدد من حين الى آخر، يبقى مستوى العنف في مصر متوسط بفضل صرامة الامن ومحدودية انتشار السلاح، اذ يمتلك فقط نحو 4.1 في المئة من المصريين أسلحة خفيفة.

ورغم الإصلاحات الضخمة للمؤسسات والبنى التحتية التي تقوم بها الحكومة المصرية، تبقى إشكالية البنية التحتية وخاصة السكك الحديدية احدى اهم المخاطر التي أودت في أكثر من حادثة بضحايا مدنيين وأغلبها جراء تصادم قطارات او نتيجة مشاكل فنية في السكك أو في القطارات نفسها. ولأجل علاج هذه المشكلة، اقتنت الحكومة المصرية عشرات القطارات الجديدة وقامت بمشروعات اصلاح هيكلي للسكك الحديدية.

بشكل عام، يمثل خطر العنف والاضطرابات السياسية في مصر المحرك الرئيسي لتصنيف المخاطر في البلاد، مع تقلص عدد الصراعات خاصة بين قوات الامن والحركات الإسلامية المتطرفة والسياسية وهو ما يولد مظاهر عنف من حين لآخر في عدد من أنحاء البلاد.

كما لا تزال المخاطر القانونية والتنظيمية والبيروقراطية عالية. ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى محدودية نجاعة المؤسسات التنظيمية ومدركات الفساد التي تعمل الدولة على محاربته، وكلاهما يقلل من فعالية الحوكمة. الا ان مصر قد تقبل على مستقبل أكثر أمانا مدفوعا بنمو تمت ملاحظته في الفترة الأخيرة، حيث يواصل الاستثمار الأجنبي ونمو الصادرات القوي دعم آفاق النمو الاقتصادي، وهو ما قد يقلص عوامل التوتر الاجتماعي الداخلي.

12-           موريتانيا: (بيئة مستقرة نسبياً مع تحسن نسبي لمؤشرات الازدهار وغياب التهديدات المحدقة مع نظرة مستقرة نسبيا لعام 2022)

تأخر ترتيب الموريتانيين في تصنيف هذا العام متراجعاً بمرتبة واحدة مقارنة مع تصنيف 2020. وحلّ الموريتانيون في المرتبة الثانية عشرة هذا العام ويعزى التأخر في الترتيب بسبب الوضع المقلق لمؤشرات الفساد وضعف الاندماج والتقدم الاجتماعي[100]، حيث يعتبر تنصيف موريتانيا بين اقل الدول العربية في مؤشرات التقدم المجتمعي[101] والتي تشمل مؤشرات الوصول الى الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطن.

ورغم أن موريتانيا تعتبر بين أقل الدول العربية تضررا من جائحة فيروس كورونا، الا أن مستويات التطعيم المحدودة والتي لم تشمل سوى 15 في المئة[102] تعتبر مقلقة خاصة في ظل التخوفات من موجات جديدة لمتحورات الفيروس. في المقابل نجحت موريتانيا في خفض تداعيات الجائحة مؤقتا على المستوى الاجتماعي، اذ سيطرت على معدل البطالة الذي لم يتجاوز 11 في المئة[103]. على صعيد آخر، حافظت الحكومة الموريتانية على بيئة اقتصاد صديق للبيئة، اذ تميزت بمستويات متدنية من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري[104].

وتحسّن وضع موريتانيا في مؤشر الأمان والخلو من المخاطر. اذ تعتبر دولة متسامحة لا توجد بها تفرقة عنصرية أو كراهية طائفية أو مسارات تطرفية ما عدى بعض التوترات العرقية والتهديدات الارهابية. ولأجل ذلك تحسن ترتيبها في مؤشر السلام الدولي هذا العام الى 118 [105]مقارنة مرتبة 122 عالمياً العام الماضي. كما ان هناك ميول لتعزيز ثقافة التسامح. نتيجة ذلك حصلت على مؤشر صفر تهديدات إرهابية حسب آخر تحديث للمؤشر الدولي للإرهاب.

ونتيجة لدعوات التعايش السلمي وشعارات ضد التعصب والعنف القائم على الكراهية، تقلّصت معدلات الجريمة[106] بشكل عام، حيث تراجع نسبة انتشار السلاح بين المدنيين. اذ استمرت نسبة امتلاك الموريتانيين للسلاح دون 3 في المئة فقط، وهذا يعتبر إنجازا مقارنة بالدول الأفريقية المجاورة لها. لكن رغم التحسن في بيئة التعايش والامن الداخلي، تراجع مؤشر السلامة بسبب ضعف مستوى البنية التحتية.

تعتبر موريتانيا واحدة من أفقر دول العالم، ولديها مستوى عال من المخاطر السياسية الشاملة. تتفاقم احتمالات اندلاع الاضطرابات السياسية بسبب التوترات العرقية والتهديدات الإرهابية التي يمكن أن تكون ناجمة عن اختراقات لحدود البلاد مع الجزائر ومالي. كما ان هناك توتر طفيف بين جبهة البوليساريو وموريتانيا.

يتأثر الأمن الاجتماعي والاقتصادي في موريتانيا بخطر التدخل السياسي، ويعزى إلى حد كبير إلى انتشار الفساد على نطاق واسع. من ناحية أخرى، فإن المخاطر القانونية والتنظيمية في موريتانيا مرتفعة للغاية، ويعود ذلك في الغالب إلى الحماية السيئة للغاية لحقوق الملكية وضعف سيادة القانون وانخفاض مستويات فعالية الحكومة.

13-           العراق: (استقرار هش مع تحسّن في درجة مخاطر ومتانة الدولة مع نظرة مستقبلية لاستقرار محدود لعام 2022)

تقدم العراقيون في تصنيف أكثر الشعوب العربية أماناً لعام 2021 وحلّوا في المرتبة الثالثة عشرة مقارنة بتصنيفهم المتأخر في 2020. ويعزى هذا التقدم لعوامل مختلفة أبرزها مرتبطة بتحسن الوضع السياسي الهشّ، حيث نجحت البلاد في تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة استجابة لدعوات المحتجين العام الماضي. سعت الدولة العراقية لاستعادة مكانتها الإقليمية والدولية بعد سنوات طويلة بقيت فيها الدبلوماسية العراقية منكفئة على ذاتها بحكم الظروف المحلية. شكّلت زيارة بابا الفاتيكان إلى العراق في مارس 2021 بارقة امل جديدة للعراقيين وحافز على التعايش. كما عزز العراق مكانته إقليميا باستضافة قمة عربية، ومن ثم ليستضيف مؤتمرًا دوليا، بالتعاون مع فرنسا، برز فيه كوسيط بين الرياض وطهران بحكم العلاقات المتوترة بين الطرفين.

على صعيد آخر، تضرر العراق بشكل مأساوي من الجائحة التي أودت بنحو أكثر من 24 ألف عراقي ضحايا الفيروس. وانتقد العراقيون ضعف دور الدولة في إدارة ازمة الجائحة وتداعيتها الصحية والاجتماعية والاقتصادية. تراجع مؤشر السلامة الداخلي، وكان الحريق الذي اندلع في مستشفى ابن الخطيب في العاصمة بغداد، والذي أودى بحياة العشرات، وبعده بشهور اندلع حريق آخر أودى بحياة 92 مريضا في جناح كورونا، دافعا لاندلاع احتجاجات في الناصرية جنوبي البلاد.

يرمي أغلب العراقيين باللوم على محدودية كفاءة دور الدولة وانتشار مدركات الفساد. حل العراق في المرتبة 160 عالميا في مدركات الفساد[107] وهو من بين أكثر دول العالم المتضررة من الفساد، كما تأخر ترتيب العراق في مؤشرات التنمية البشرية والتعليم والتقدم الاجتماعي[108]خأـااخخه\ت     ااععه\ه.

المخاطر المؤسسية تبقى مرتفعة للغاية، حيث يتفشى الفساد وسيادة القانون غير موجودة في بعض المناطق. كما تعاني البلاد من تضرر البنية التحتية. ورغم تعهد الحكومة بتنفيذ الإصلاحات العاجلة التي تستجيب لتطلعات المحتجين لكن لم يتحقق تقدم بعد. وعلى صعيد متصل، يعتبر مناخ الأعمال العام أيضا سيئاً للغاية نسبيا.

على مستوى المخاطر الخارجية، تعتبر أكثر دولة عربية معرضة لتهديدات ارهابية محدقة حسب مؤشر الإرهاب الدولي، مع تحذيرات منع السفر اليها من سفارات دول اجنبية بسبب التصعيد الأمريكي الإيراني المستمر. وصنفت العراق بين أقل بيئات العالم أماناً، حيث حافظت على المرتبة 159 عالميا[109] في مؤشر السلام الدولي للعام الثاني. أما على مستوى المخاطر الداخلية، يبقى قلق كبير حول اليات التداول السلمي على السلطة. فاستمرار الاحتجاجات وغياب حكومة اتحادية ناجعة ينذر بتراجع مؤشرات الامن الداخلي وزيادة معدلات العنف. الى ذلك يستمر معدل الجريمة في العراق مرتفعا. كما زاد انتشار السلاح بين المدنيين، حيث يمتلك نحو 20 في المئة من العراقيين المدنيين أسلحة خفيفة.

ويعاني العراق من مستوى عالٍ للغاية من المخاطر السياسية الشاملة، بما في ذلك يواجه اعلى مستويات مخاطر العنف والفوضى والصراع السياسي في العالم. ويعتبر تهديد الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء البلاد مرتفع للغاية. ويتفاقم مؤشر العنف والسخط الاجتماعي بدرجة أكبر بسبب التأثر بارتفاع مستويات المخاطر السياسية في البلدان المجاورة، مثل إيران وسوريا. كما ان التوتر بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الفيدرالية له القدرة على زعزعة الاستقرار السياسي.

14-           ليبيا: (بيئة استقرار حذر ونسبي مؤقت مع بدء مسار سياسي لحل سلمي وقيام انتخابات مع نظرة مستقرة نسبيا لعام 2022)

قفز الليبيون في تصنيف أكثر الشعوب العربية أمانا هذا العام بحلولهم في المرتبة الرابعة عشرة مقارنة بالمرتبة 19 في تصنيف العام الماضي. يعزى هذا التحسن رغم تداعيات وظروف جائحة فيروس كورونا الى تقدم الحوار السياسي بين الليبيين والتوافق على انتخابات رئاسية رغم تأجيلها. وقد طغى التوافق على الخلاف بين الفرقاء الليبيين وتحسن بموجبه الاستقرار السياسي من استقرار محفوف بمخاطر عالية جدا وصراع مسلح الى استقرار هش يمكن ان يتطور إذا نجحت الانتخابات الى وضع مستقر يستتب مع استكمال ترسيخ دولة القانون والمؤسسات وتنظيم انتخابات تشريعية نزيهة.

تميزت إدارة أزمة الوباء بنجاعة محدودة مع مستويات منخفضة من تطعيم السكان ضد فيروس كورونا حيث بلغت نسبة التطعيم نحو 11.4 في المئة فقط[110]. الى ذلك قفزت نسبة البطالة الناجمة عن قيود الوباء وعدم استقرار الوضع السياسي أو الاقتصادي الى نحو 19 في المئة[111]. حيث يعتبر الأمان الوظيفي متدنٍ لكن سياسات الدعم الاجتماعي التي تتبعها الدولة الليبية تساعد في تحسين وضع محدودي الدخل.

لكن تبقى عملية الحوار محفوفة بمخاطر التدخل الأجنبي في الشأن الليبي، وتظل ليبيا وفق مؤشر السلام الدولي مصنفة ضمن اللائحة الحمراء لأخطر الدول المهددة بالإرهاب والحروب والصراعات في 2022 إذا فشلت مسار الحوار السياسي. حافظت ليبيا على المرتبة 156 في مؤشر السلام الدولي[112] وتعتبر بين أكثر الدول مهدد السلام فيها. منذ تشكيل الحكومة والمجلس الرئاسي انخفضت مؤشرات التوتر والتهديدات.

تستمر التحذيرات وان انخفض احصائها من السفر الى ليبيا بمبرر زيادة المخاطر، رغم ذلك انخفض قليلا تصنيف ليبيا كوجهة اجتذاب للمتطرفين والمجرمين حيث زادت عمليات مراقبة تسلل الراغبين في المشاركة في الصراع الدائر في الأراضي الليبية في ظل أمن منفلت. ويمتلك نحو 13.3 في المئة من المدنيين أسلحة خفيفة، وهو ما يذكي المخاوف من مسارات صراعات أهلية إذا فشلت المسار السياسي.

وتعاني ليبيا أيضًا من سوء الإدارة والبنية التحتية للنقل والطاقة منخفضة الجودة، مما يؤثر بشكل كبير على بيئة العيش والأعمال في البلاد. ويشير المستوى المنخفض لفعالية الحكومة لزيادة مخاطر الفساد، حيث تعتبر بين أكثر دول العالم تسجيلا لمدركات الفساد[113]. كما تشكو التنمية البشرية من ضعف أداء الدولة في تحسين مؤشراتها. الى ذلك تواجه ليبيا صعوبة في استغلال مواردها (بما في ذلك احتياطيات النفط الخام الوفيرة والأصول السيادية). كما أن عدم قدرة الحكومة على السيطرة على البلاد وعدم قدرتها على الحكم بشكل فعال قد يضر بشكل أكبر إمدادات النفط وإيرادات البلاد، مما يجبر الحكومة للجوء الى احتياطاتها من العملات الأجنبية للحفاظ على رواتب القطاع العام.

15-           لبنان: (تواجه أزمة اقتصادية وسياسية مزدوجة مع عدم يقين حول مصير استقرارها السياسي المؤثر في احتمالات بلوغ كساد اقتصادي مع نظرة مستقبلية غير مستقرة لعام 2022)

تراجع اللبنانيون في ترتيبهم في تصنيف أكثر الشعوب العربية أمانا لعام 2021، مقارنة مع تصنيف العام الماضي. ويعزى هذا التراجع الى عوامل عديدة في مقدمتها عدم الاستقرار السياسي وتضخم أزمة اقتصادية واجتماعية مزدوجة.

عمقت الجائحة أزمة لبنان الاقتصادية وطالت تداعيتها أغلب شرائح المجتمع، حيث قفزت معدلات البطالة والفقر بشكل مقلق وغير مسبوق. اذ ارتفعت على سبيل المثال نسبة البطالة الى 37 في المئة[114]. وقفزت نسبة الفقر الى نحو 70 في المئة خاصة عند شريحة محدودي الدخل. زادت نسبة الجريمة بنسبة 137 في المئة عن العام 2020، كما ارتفعت بشكل مقلق ظاهرة الهجرة الشرعية وغير الشرعية، ويعزى ذلك إلى ارتفاع إلى الأزمة الاقتصاديّة والمعيشيّة وارتفاع نسبة البطالة.

ارتفعت مدركات الفساد وحلت لبنان في مراتب متأخرة في مؤشر مكافحة الفساد. وتعاني لبنان أيضا من عدم انتظام الأمن الغذائي فضلا عن هشاشة البنية التحتية الصحية. تعتبر البلاد متأخرة في وتيرة تطعيم سكانها ضد فيروس كورونا حيث لم يشمل التطعيم الا 26 في المئة فقط من السكان.

رغم ذلك نجحت لبنان في الحفاظ على استقرار مؤشرات التنمية البشرية والتعليم والتقدم الاجتماعي وتعزز الحريات الفردية. أثرت صعوبات تشكيل حكومة على زيادة سلبية مؤسسات الدولة وضعف قدرتها خاصة في إدارة أزمة الجائحة ورفع التحديات التي خلقتها. وبعد تشكيل حكومة في سبتمبر بعد عام من الفراغ، حاولت الدولة تدارك تداعيات الجائحة وخفض نسبة من العبء على المواطن دون جدوى، حيث يعاني اللبنانيون من تضخم غير مسبوق في العملة والأسعار مقابل مديونية عالية جدا مع مخاطر استثمار مقلقة.

سعت الحكومة الجديدة لإنعاش الاقتصاد من خلال توفير مصادر تمويل من داعمي لبنان، لكنها بقيت عرضة للضغوط الدولية والتأثير على سياساتها. استمر تأثير التدخل الخارجي في الشأن اللبناني في زيادة ضبابية افق استقراره. كما أدى تعمق الخلاف بين الفرقاء السياسيين في عدم انسجام رؤية الإصلاح وعبور أقسى أزمات لبنان المعاصرة. حيث يعاني أكبر أزمة اقتصاديّة في تاريخه، انعكست على نمط الحياة اليومي للبنانيين. وكان البنك الدولي وصف الأزمة في لبنان، بأنّها “الأكثر حدّة وقساوة في العالم”، وصنّفها ضمن أصعب ثلاث أزمات سُجّلت في التّاريخ منذ أواسط القرن التّاسع عشر.

رغم ذلك تبقى لبنان من أهم الوجهات السياحية العربية. لكن بيانات السفارات الأجنبية ووكالات الأسفار العالمية على ضوء بعض الاحتجاجات والاضطرابات، رفعت مستوى التهديدات ومخاطر الاضطرابات والفوضى في لبنان، وباتت في قائمة الدول التي لا يفضل السفر اليها نظرا لارتفاع المخاطر خاصة الجريمة والاختطاف. وترافق مع تصاعد مؤشرات مخاطر الفوضى، ارتفاع معدل الجريمة[115]. رغم ذلك استمرت لبنان وجهة سياحية مهمة في خارطة السياحة العربية.

وقد صنفت لبنان على ضوء الاحتجاجات وعدم استقرار الوضع السياسي والأمني في مرتبة متأخرة في مؤشر السلام الدولي 147 عالميا. لكن رغم كل ذلك ارتفع مؤشر سلامة مرافق الحياة والعمل في الداخل اللبناني.

وفي نظرة مستقبلية عامة، يواجه لبنان حالة من عدم الاستقرار السياسي الداخلي والإقليمي المستمر في 2022. على صعيد آخر، تصنف المخاطر القانونية والتنظيمية عالية. وعلى الرغم من وجود قدرات بشرية ومؤسسية قوية، فإن التماسك الاجتماعي غالباً ما يتوتر بسبب الانقسامات العرقية والدينية. من جهة أخرى، يعتبر خطر ممارسة الأعمال التجارية بين متوسط ​​الى مرتفع حيث يعاني الاقتصاد من مستويات عالية من التدخل السياسي. ويبقى المناخ السياسي الضبابي والضعيف يقوض جهود الإصلاح اللازمة لتعزيز المالية العامة وتحسين الوضع الاقتصادي. كما يضغط عدد كبير من اللاجئين السوريين على المساكن وسوق العمل والوضع الأمني في لبنان ويزيد من الضغوط التضخمية. تعاني الحكومة من عجز مالي كبير يتم تخفيفه إلى حد ما بدعم من تحويلات المغتربين في الخارج ودعم دول مجلس التعاون الخليجي بصفة خاصة. ويعتبر أي تخفيض في الدعم الإقليمي للحكومة اللبنانية مصدر توتر أكبر مستقبلاً.

16-            فلسطين: (بيئية استقرار متقلب تحت تهديد الصراع والحصار مع نظرة مستقبلية مقلقة لعام 2022)

تراجع ترتيب الفلسطينيين في تصنيف أكثر الشعوب العربية أماناً في 2021 بسبب تداعيات مواجهة مسلحة ونوعية بين الإسرائيليين والفلسطينيين. حيث اثرت هذه المعركة على مؤشر الأمان أكثر من تداعيات جائحة كورونا التي زادت تضييق حصار على الشعب الفلسطيني.

واعتبرت معركة “سيف القدس” التي اندلعت في مايو الحدث الأبرز فلسطينياً خلال العام 2021، وما زالت تداعياتها لم تنتهي بعد. حيث ان جرائم الاحتلال في القدس والمسجد الأقصى، وتهديد اسرائيل بترحيل عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح في القدس، دفعت المقاومة الفلسطينية إلى تنفيذ تهديدها، وإطلاق عشرات الصواريخ تجاه القدس المحتلة، الأمر الذي فجر معركة استمرت 11 يوماً، تميزت بكثافة النيران الصاروخية التي وصلت إلى نحو 4000 صاروخ، ما يعتبر العدد الأكبر في تاريخ الكيان الإسرائيلي. وقد نجم عن هذه المعركة أضرارا مادية ضخمة في الجانب الفلسطيني.

على مستوى مواجهة تحديات الجائحة، انحصرت جهود السلطة الفلسطينية في تطعيم نحو 30 في المئة من الفلسطينيين. لكن تبقى المخاوف عالية تجاه مواجهة أي موجة جديدة لمتحورات فيروس كورونا.

يمر الاقتصاد الفلسطيني بمشاكل ضخمة تشارف على الركود وقد انعكس سلبا على نمو مؤشرات البطالة خاصة بين الشباب. ويؤثر تراجع الدعم الدولي والعربي للفلسطينيين على زيادة عجز موارد الدولة في التنمية والتوظيف والتعليم.

تبقى فلسطين احدى أكثر الدول العربية تسجيلاً لمستويات مخاطر خارجية وداخلية مرتفعة. كما ان التهديدات الارهابية أو الاعمال العدوانية ضد فلسطين متغيرة ومرجحة في 2022 ان تنحصر بين معدل متوسط الى مرتفع. لكن رغم أهم المخاطر المحدقة بفلسطين كالتدخلات العسكرية للجيش الإسرائيلي وتوسع رقعة الاحتلال صنفت فلسطين في المرتبة 138 عالميا في مؤشر السلام العالمي منخفض ترتيبها مقارنة بمتربة 142 العام الماضي. حيث تتمسك قيادات فلسطين بحل الصراع مع إسرائيل من خلال المفاوضات السلمية.

ولا تزال “الضفة الغربية” و”غزة” تعانيان من مخاطر سياسية شاملة. اذ يستمر تعثر المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل حول الوضع الدائم لهذه الأراضي. كما أن الصراع المستمر مع إسرائيل، وسيطرة حماس الفعلية على قطاع غزة، يسهم في ارتفاع خطر الاضطرابات السياسية والعنف. رغم ذلك تحافظ فلسطين منذ سنوات قليلة على مستوى معدل مخاطر مؤسسية شاملة عند درجة المتوسط. كما تعتبر المخاطر القانونية والتنظيمية متوسطة إلى حد كبير بسبب عدم فعالية الحكومة بشكل عام وضعف سيادة القانون. ولا يزال الفساد يمثل قضية رئيسية على الرغم من جهود السلطة الفلسطينية لتنفيذ قوانين مكافحة الفساد. كما أن المخاطر الاقتصادية لفلسطين تتراوح من متوسطة إلى عالية حيث أن الاقتصاد مقيد بشدة بسبب سيطرة إسرائيل على الحدود. ويتم فرض قيود على حركة البضائع من خلال أنظمة التصاريح وقيود الاستيراد / التصدير. وعلى صعيد متصل، تعتمد فلسطين بشدة على المساعدات الخارجية لدعم تطوير البنية التحتية المتهالكة وتمويل ميزانية الحكومة.

17-            سوريا: (في حالة استقرار حذر مع معاناة ملايين السوريين من ظاهرة اللجوء والنزوح بسبب الصراعات مع نظرة تميل للاستقرار المحفوف بالمخاطر في 2022)

صعد السوريون في تصنيف أكثر الشعوب العربية أمانا لعام 2021، ويعزى تحسن ترتيب السوريين الى بعض التحسن الملحوظ على مستوى استئناف استباب الأمن والاستقرار الداخلي وتقلص الصراعات والنزاعات. بقي الاقتصاد السوري مقيدا بعقوبات عربية ودولية وهو ما يؤثر على تأخير انتعاشة الاستثمار وتحسن إيرادات البلاد.

تراجعت مؤشرات الازدهار الاقتصادي والاجتماعي بفعل ظروف الجائحة والتي لم تؤثر بشكل كبير مثل بقية الدول، وهو ما جعل الحكومة السورية تتهاون مع سياسات التطعيم التي لم تشمل الا 4.4 في المئة فقط من السكان. وبذلك فان السوريين عرضة لمخاطر صحية عالية في خال تعرض البلاد لانتكاسة وبائية.

تأتي سوريا قائمة أكثر الدول في العالم التي تعاني من مدركات الفساد حيث ان ترتيبها المتأخر جدا (178 عالميا) يعتبر مؤشرا يبعث على القلق حول بيئة الاعمال والإدارة في البلاد التي تشكو من زيادة التدخل السياسي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية. وتعتبر نسبة زيادة البطالة الأعلى عربيا وإقليميا حيث تشير التقديرات الى وجود نحو 55 في المئة[116] من السوريين عاطلين عن العمل. تعتبر سوريا من أقل الدول تصنيفا في مؤشر الديمقراطية والحريات الفردية. كما انها في اواخر ترتيب العالمي لمؤشر التقدم الاجتماعي. ورغم حالة المخاطر والتهديدات العالية، تحسن ترتيب سوريا في تصنيف مؤشر السلام الدولي ونزلت الى مرتبة 161 مقارنة بمرتبة 162 العام الماضي. ويعزى ذلك لتماسك الدولة وسعيها لتقليص مستوى المخاطر عبر حلول ذات أولوية سياسية وليست أمنية.

وتصنف سوريا كثاني أكثر دولة عربية معرضة لتهديدات إرهابية جدية في 2022 حسب مؤشر الإرهاب الدولي. تحذر وكالات الاسفار والسفارات عبر العالم من السفر اليها. ورغم دحر تنظيم الدولة الإسلامية من عدد كبير من الأراضي السورية يستمر الصراع على أشده في عدد من المناطق الحدودية. كما ان التدخل التركي الأمريكي الايراني يذكي استمرار صراع دولي على الأراضي السورية. بسبب عقد من الصراعات المسلحة في سوريا زاد انتشار السلاح بين المدنيين حيث يمتلك نحو 8.2 في المئة من السوريين المدنيين أسلحة خفيفة، وهو ما دفع بشكل رئيسي زيادة احداث العنف وارتفاع معدل الجريمة[117]. كما تراجع مؤشر سلامة المرافق الحيوية والمساكن ومواطن العمل والبنى التحتية بفعل مخلفات الصراع.

تتمتع سوريا التي مزقتها الحرب بتصنيف إجمالي للمخاطر بات يميل من مرتفع للغاية الى مرتفع ومتوسط خاصة مع توقعات بعودة سوريا للحضن العربي ومشاركتها المرجحة في القمة العربية المقبلة بالجزائر. المخاطر المؤسسية مرتفعة للغاية، مع وجود مستويات عالية جدًا من التدخل السياسي والمخاطر القانونية والتنظيمية. تم تدمير جزء كبير من البنية التحتية للبلاد في النزاع، مما جعل شبكات النقل والاتصالات بالكاد تعمل. الحوكمة ضعيفة أيضًا، مع وجود قدر كبير من البيروقراطية المتأصلة في النظام. خطر عدم الدفع السيادي هو أيضا عالي جدا. تسبب الصراع في أزمة كبيرة للاجئين. حيث يوجد ملايين الأشخاص داخل سوريا وخارجها مهجرين من مساكنهم.

18-           السودان: (حالة طوارئ وعدم استقرار سياسي واجتماعي واقتصادي مع منظرة مقلقة لعام 2022)

تراجع ترتيب السودانيين هذا العام في تصنيف أكثر الشعوب العربية أمانا ليس بسبب محدودية الاستجابة لتداعيات الجائحة وضعف وتيرة التطعيم (2.8 في المئة) او مؤشرات تلوث البيئة، ولكن بسبب الاضطرابات السياسية و الأمنية والاجتماعية، والتي توجت بانقلاب عسكري حدث في 25 أكتوبر 2021، حيث قام الجيش السوداني بانقلاب ضد الحكومة المدنية. تم فرض حالة الطوارئ. واعتُقل كبار الشخصيات في الحكومة السودانية، بمن فيهم رئيس الوزراء المدني عبد الله حمدوك. كما أُبلغ عن انقطاع الإنترنت على نطاق واسع. احتج لاحقا آلاف المتظاهرين من المؤيدين للديمقراطية ضد الانقلاب، مطالبين الجنود “بالعودة إلى ثكناتهم” وداعيين إلى الانتقال إلى الحكم المدني.

وبسبب اضطراب الحياة السياسية، يبقى السودان في النظرة المستقبلية لعام 2022 عرضة لتهديدات إرهابية وأعمال تخريبية وصراعات مسلحة. ويعتبر السودان المنقسم وقسمه الجنوبي خاصة وجهة لا ينصح بالسفر اليها حسب وكالات الاسفار والسفارات الأجنبية. اذ ارتفع معدل انتشار الجريمة والسلاح بين المجتمع[118]، حيث يمتلك نحو 6.6 في المئة من السودانيين المدنيين أسلحة خفيفة. وهذا ما يسبب قلقاً حول ارتفاع احتمالات العنف والجريمة. لكن معدل المخاطر الإجمالي للسودان يبقى مرتفعاً للغاية حيث ارتفع تصنيف البلاد ضمن المراتب الأخيرة في آخر تحديث لمؤشر السلام الدولي ليصعد مرتبة 153 عالمياً[119] مقارنة مع 151 العام الماضي.

ويعتبر السودان واحدا من أكثر بلدان العالم تسجيلاً لأعلى مستويات الفساد[120]. وتهدد المخاطر المؤسسية بيئة الأمان والسلامة والعمل وهي مخاطر مرتفعة للغاية، لا سيما مخاطر التدخل السياسي والمخاطر القانونية والتنظيمية. كما لا يزال السودان يعاني من عجز مالي ضخم، في حين يستمر الدين الحكومي في النمو.

ويعتبر السودان من أقل دول العالم العربي تحسينا لجهود التنمية وخاصة البشرية والتعليم[121] والوصول الى الخدمات الأساسية. كما تذيل السودان دول العالم قبل اليمن والصومال في مؤشرات التقدم الاجتماعي والازدهار. الى ذلك يعتبر دخل السودانيين السنوي الأدنى بين نظرائهم العرب (595 دولار) ويأتي ترتيبهم قبل الأخير مباشرة قبل الصوماليين الذي يبلع مدل اجرهم نحو 313 دولار سنويا[122].

19-           الصومال: (دولة غير مستقرة مع تدني جل مؤشرات الازدهار وارتفاع التهديدات المحدقة مع نظرة غير مستقرة)

حافظ الصوماليون على المرتبة قبل الأخيرة مقارنة بتصنيف العام الماضي. وحلت كثاني أكثر وجهة محفوفة بالمخاطر في العالم العربي على مستوى مؤشرات الأمن والتهديدات الداخلية. حيث تعتبر وجهة خطرة وغير مستقرة. فهي سادس وجهة على مستوى العالم لاحتمالات تهديدات إرهابية جدية حسب آخر تحديث لمؤشر الإرهاب.

رغم انخفاض تداعيات الجائحة على الصومال، والمستوى المتدني جدا لتطعيم السكان ضد فيروس كورونا (4.7 في المئة[123])، يبقى الصوماليون عرضة لمخاطر مرتفعة جدا في حال انتكاسة وبائية. اعتبرت الصومال من أكثر دول العالم هشاشة بسبب مدركات الفساد العالية[124]. كما ان الصومال حلت في آخر ترتيب مؤشرات التنمية البشرية والتعليم والتقدم الاجتماعي[125]. يعتبر معدل نمو الجريمة[126] مقلق جدا في الصومال.

تحذر بيانات وكالات الأسفار والسفارات عبر العالم من السفر الى الصومال نظرا لارتفاع معدل المخاطر خاصة الإرهاب والخطف. معدل الجريمة بها مرتفع. في المقابل انخفض معدل السلامة. حيث لا تتوافر بأغلب مرافقها ومجالات الحياة فيها شروط السلامة وفق المعايير الدولية وخاصة المساكن والبنى التحتية ومواطن العمل. وتتذيل قائمة دول العالم في المرتبة قبل الأخيرة في مؤشر السلام العالمي. كما حلت في آخر ترتيب مؤشرات التنمية البشرية والتعليم والتقدم الاجتماعي.

وفي النظرة المستقبلية لعام 2022، لدى الصومال درجة عالية من المخاطر الإجمالية. كما أن خطر اندلاع اعمال عنف او احتجاجات بدواعي سياسة تبقى واردة ومرتفعة للغاية بسبب النزاع المستمر، والذي يتركز في المنطقة الجنوبية من البلاد.

المخاطر المؤسسية مرتفعة للغاية، ويعزى معظمها إلى نظام عدالة هش وضعف فعالية الحكومة. الأطر الاجتماعية والبنية التحتية تكاد تكون معدومة وفي حاجة ماسة إلى الاستثمار والإصلاحات. وإلى جانب المخاوف الأمنية، تعاني البلاد أيضًا من انتشار الفقر والكوارث الطبيعية، مثل الجفاف والفيضانات. وبالتالي، لا تزال المخاطر الاقتصادية مرتفعة وتنجم عن الافتقار إلى أنظمة الإدارة المالية أو الإيرادات الحكومية.

20-           اليمن: (دولة في حالة صراع مسلح وتواجه شبح مجاعة مع نظرة مقلقة للغاية ومخاطر عالية في 2022)

حافظ اليمنيون على الترتيب الأخير في تصنيف هذا العام 2021 مقارنة بتصنيف العام الماضي 2020. وبالرغم من الأرقام التي تعكس محدودية تضرر اليمن من الجائحة، اعتبرت نسبة المستفيدين من التطعيم بين الأقل في العالم (1.2 في المئة[127]). ورغم أن مؤشرات التلوث البيئي منخفضة، اعتبرت اليمن أخطر وجهة عربية وأقلها أمانا في 2021 نتيجة الصراع المسلح والقصف وعدم وجود أفق قريب لحل الازمة بين الفرقاء.

وحلت اليمن في المراتب الأخيرة في أغلب المؤشرات خاصة محاربة الفساد، والتقدم الاجتماعي والتنمية البشرية والتعليم[128]. ويواجه اليمنيون شبح مجاعة بعد ارتفاع عدد المحتاجين للغذاء وتفاقم نسبة الفقر والتهميش. وتعتبر مستويات الأمن الغذائي والصحي في اليمن الأدنى في العالم. وتنذر بخطر كارثة إنسانية.

كما تذيلت اليمن ترتيب مؤشر السلام العالمي في المرتبة 162[129] نتيجة استمرار المخاطر والصراع المسلح. لا تنصح السفارات ووكالات الاسفار بالسفر اليها على الرغم من توفر مخزون ثقافي وتراثي ضخم في اليمن وكلها مهددة بالتدمير جراء الصراع على السلطة. وعلى الرغم من ان الشعب اليمني من أكثر الشعوب العربية طيبة وضيافة وميلا للسلام، الا ان واقع الصراع حوّل اليمن الى وجهة يتصاعد فيها الإرهاب والخطف. فهي تعتبر رابع أكثر بلد في العالم معرض لتهديدات إرهابية جدية حسب آخر تحديث لمؤشر الإرهاب. الى ذلك يعتبر اليمنيون بين أكثر العرب امتلاكا للسلاح حيث يحوز نحو أكثر من 52.8 في المئة من اليمنيين المدنيين على أسلحة خفيفة. ونظرا لاستمرار الصراع والدمار الذي خلفه تراجع مؤشر السلامة المرتبط بأنشطة الحياة اليومية للمواطن اليمني.

ويعتبر تصنيف اليمن العام للمخاطر في 2022 مرتفع للغاية، مدفوعًا بمخاطر عالية جدًا من العنف السياسي الذي تغذيه الحرب المستمرة بين المتمردين الحوثيين والحكومة المعترف بها دولياً، إلى جانب الهجمات التي تشنها القاعدة وتنظيمات أخرى متطرفة، أضرت بالاستقرار السياسي في اليمن.

لا تزال المخاطر المؤسسية الناجمة عن التدخل السياسي مرتفعة للغاية، حيث لا يزال سوء الحكم يعرقل بيئة الحياة والاستقرار والعمل. كما زاد حجم الأضرار بالبنية التحتية المتهالكة للبلاد نتيجة الحرب الدائرة، حيث تعتبر شبكات النقل والاتصالات شبه مدمرة، مما فاقم أزمة إنسانية وكبيرة دفعت حوالي 20 مليون شخص إلى شفا المجاعة. والمخاطر الاقتصادية التي تواجه اليمن ما زالت مرتفعة للغاية وستعتمد بشكل كبير على تطور الوضع السياسي والأمني. بالإضافة إلى ذلك، فإن تدمير البنية التحتية لموانئ البلاد أضر بالتجارة الخارجية. لا تزال أرصدة حسابات اليمن في حالة حرجة وتعتمد البلاد الآن بشكل كبير على المساعدات الدولية

لتمويل إنفاقها، حيث تقدم المملكة العربية السعودية مساعدات نقدية للبنك المركزي اليمني لمنع الانهيار التام للدولة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى