أهم الأخباركتاب

ضحكاتٌ راسخة … للشاعرة خولة سليقة

كلما اشتقتُ إليها استحضرتُ رنين ضحكتها الذهبيّ، نقيّا صافياً لا يشوبهُ اللحظة إلا الغيابُ الطويل.

قدّر الله لنا لقاءات أقلّ من أصابع اليد الواحدة عقب أن اختار كلّ منا دربه، و كلما حظينا بفرصة عدنا كأنا ولدنا من جديد. تزوجتْ صديقاً لنا و هي صديقةُ العمر، كلّ ما فيه كان مميزاً حتى فوضاه التي أفشاها بين أبنائه، فأجهدتْ نفسها تدعوهُ إلى الانضباط أمامهم ليكون قدوة، غير أنه يخطبُ فيهم و يخرق المبادئ قبلهم.

حضرتُ مواقف عدة بينهم أحسستُ معاناتها في دفعه إلى النظام و الترتيب، ليكون بمقدورها محاسبة الصغار الذين كانوا يبدون بمظهر مضحكٍ كلما أخافتهم بقدومه، ليهرعوا إلى تنظيم غرفهم و ارتداء نعالهم البيتية كما يريد والدهم. و لأن عيوننا ولدت قبل عدسات التصوير التقطت مشهداً من وحي لحظات كوميدية عايشناها معاً و كتبت على لسانها نصاً، لما أسمعتها إياه عبر الهاتف لكثرة ما أبهجها، مضتْ عشرون سنة لكن صدى ضحكتها عالق في رأسي. قلت فيه:

يا فتيتي .. إنّ النظيفَ إلى الجنانِ مآلهُ

هذا سريركَ و الوسائدُ لمّها

إلا الأناقة لا تؤجلْ فعلَها

و أصيصٌ وردٍ مَنْ أمامَهُ يصمدُ؟

لا شيءَ مثل العطرِ قلبكَ يسعدُ

من حصّة الغرقِ اللذيذة يُستفزّ النائمُ

حكمٌ مواعظ و النصائحُ تصطلي

جَلْدٌ صباحيّ خطابٌ دائمُ

إن أظهروا مللاً من الدرسِ الطويلِ

هزّ العصا و اللّحظُ سيفٌ مفردُ

هل في كلامي ما يخيف؟

 قولوا و لا تترددوا

….

أيامُ تعدو لا انضباطٌ لا التزامْ

لو يلمحونهُ قادماً لتناثروا

قمحٌ تراشقَ ذعرُهُ خلفَ الحَمام

و يحاولون يرتّبون ينظّمونَ

لا فوضى تظهرُ أو حطامْ

كلُّ الشقاوةِ بينهم تتبدّدُ

رتلاً ملائكة بأجملِ انسجامْ

……….

 أما أنا في مطبخي

بين القدورِ مؤقتُ العمرِ الذي لا يُجهَدُ

في كلّ ركنٍ صوتهُ يتجدّدُ

أصغي و زوجي ثائرٌ مستأسدُ

لأخاتلَ الصّمتَ العصيّ بحكمةٍ

و لسانُ صبري هائجٌ بلْ مزبدُ

فيصيحَ من ضجرٍ و يأسٍ خاطري

يكفي نخرتَ رؤوسَنا بمبادئك

انظرْ إلى فوضاكَ و اهدأ .. سيدُ

فهنا قميصُكَ بائسٌ يتمدّدُ

و حذاؤكَ المرميّ خلفَ البابِ أيضاً يشهدُ!

………………………………………………………………………………….

خولة سامي سليقة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى