الأسبوعية

مستقبل العمل الوطني … بقلم محمد حبيب المحميد

العمل النقابي هو ذاك العمل التطوعي الجماعي المنظم المستقل ، للتعريف والعمل بالواجبات والتوعية والمطالبة بالحقوق ، ومثل هذا العمل يوجد في العديد من المؤسسات في الدولة مضافًا إلى العديد من المجالات بشكل عام ، إما على شكل نقابات عمالية أو على شكل جمعيات نفع عام ، وأما في الجامعة فالإتحاد الوطني للطلبة هو النقابة الموكول إليها مهمة العمل نقابيًا لمصلحة الطالب .

ولعل من أهم أساسيات العمل النقابي هو حرية اختيار من يمثل المعنيين فيه على شكل انتخابات حرة يتنافس فيها المختلفون أيدلوجيًا ونقابيًا ، مما يرسخ الوعي السياسي والفكر التعددي في النفوس والعقول ، ليكون الفرد فاعلًا في محيطه الجامعي آنيًا وفي محيطه المجتمعي آنيًا ومستقبليًا .

ولأهمية الشباب في الواقع السياسي عادةً ما تكون النقابات الجامعية في الدول جهة ضغط سياسية ، بل ومحرك أساسي في العملية السياسية ، ولذلك تدخل الأيدلوجيات الكبرى عبر الشباب إلى بوابة العمل النقابي الجامعي وتتنافس في إطاره .

ولكن من المهم جدًا أن يكون هذا التنافس النقابي والأيدلوجي تنافسًا ديمقراطيًا حقيقيًا في تقبل الآخر ، ولا يمكن قبول الخيار الديمقراطي كآلية فقط دون ترسيخ ثقافة التعددية التي حتمًا تثري الواقع النقابي والسياسي ، لأن التعددية لا تقبل أن تكون نتائج الخيار الديمقراطي هي نهاية العمل النقابي والسياسي .
ولابد من الإشارة إلى الأدوار المتكاملة بين الدراسة الأكاديمية والعمل النقابي ، كون التعليم الأكاديمي يؤسس لفكر ناقد قابل للتعددية إلا أن واقع الحال يعكس خلاف ذلك على مستوى الدراسة الأكاديمية وبالتالي على مستوى العمل النقابي إذ ” كشفت دراسة أكاديمية حول التعصب القبلي والطائفي في الحرم الجامعي أعدها الأستاذ في كلية التربية د. عيسى الأنصاري عن قناعة الطلبة لمحاباة المجتمع الكويتي من التعصب القبلي بنسبة تأييد بلغت 69،1%. وتبين الدراسة ان التعصب القبلي للأساتذة يبلغ أشده في كلية الشريعة بنسبة 77،9%، كما يسجل طلاب الشريعة النسبة الأعلى بممارسة الطائفية لأساتذتهم بنسبة 56،5%، وبالمقابل كان طلاب الصيدلة والطب يقيمون أساتذتهم الأدنى في الممارسة الطائفية بنسبة 48،6 وبرغم القناعات المخيفة يطمح 84،7% من الطلبة لاستئصال ظاهرة التعصب من الجامعة.”

وهذه النسب تعد كارثة في الحرم الجامعي ، الصرح العلمي الأعلى في البلاد وانعكاسها واضح جدًا على العمل النقابي الجامعي والعمل السياسي الوطني ، فتحولت الممارسة النقابية إلى ممارسات قبلية وطائفية ، والمقصود قطعًا ثقافة التقييم على هذين الأساسين وثقافة الإقصاء على هذين الأساسين وإلا فإن الطائفة والقبيلة من المكونات الإجتماعية والعقدية للمجتمع وينبغي أن يمارسا دورهما في العمل النقابي انصهارًا في المجتمع كوحدة واحدة .
والقضية الأخرى في العمل النقابي هي قضية الجانب الخدماتي الذي أحيانًا يعرف بها هذا العمل ويحصر بها ، إلا أن هذا التعريف ليس جامعًا مانعًا ولا هذا الحصر دقيقًا ، الجانب الخدماتي في العمل النقابي هو تحصيل حاصل ضمن إطار التوعية والمطالبة بالحقوق ، ولكن العمل أيضًا معني بالواجبات التي تقع على عاتق الطالب الجامعي في الإطار الجامعي وفي الإطار المجتمعي ، فلنقابات الجامعة دورًا سياسيًا كما سلف الذكر ، وهذا الدور يتجاوز حتى حدود الوطن إذ يعنى بقضايا الأمة العربية والإسلامية وعلى رأسها قضية القدس الشريف ، ومثل هذه القضايا مضافًا إلى القضايا الجامعية التي تهم الطالب هي واجبات تقع على عاتق النقابي من حيث التعريف والعمل بها وعلى الطالب من حيث معرفتها والعمل بها .
ومن هنا كان للعمل النقابي أثرًا واضحًا في رشد العملية السياسية آنيًا ومستقبلًا ، أما آنيًا من كونه إحدى هيئات المجتمع المدني ، ومستقبلًا من حيث الأفراد المتخرجين من هذا العمل ودورهم في رشد العمل السياسي ، والتناسب في الرشد بين العمل النقابي والسياسي هو تناسب طردي كلما ازداد الرشد في العمل النقابي الجامعي ازداد الرشد في العمل السياسي الوطني ، وكلما نضجت المفاهيم والحركة الطلابية كلما نضج المجتمع السياسي بشكل أكبر ، والعكس صحيح تمامًا حيث للعمل السياسي والمجتمع دورًا في ترشيد العمل النقابي الجامعي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى