يتامى الحروب..وصمة عار فى جبين الإنسانية… ..بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح
الأطفال هم زهور الحياة والثروة البشرية وبارقة أمل الإنسانية وهم النور فى نهاية نفق الحاضر المظلم بالحروب والنزاعات والفتن، هم الذين يضفون البسمة على وجوهنا الحزينة لواقع مؤلم يصم الآذان عن صراخ المستضعفين فى الأرض الذين أنهكتهم المحن وأعيتهم الأزمات حتى صار الحديث عن الحرية والأمن والسلم الاجتماعى وحقوق الإنسان فى حياة كريمة مجرد أحلام يقظة لا تجد للواقع سبيلا ! ،
وعلى الرغم مما تخلفه الكوارث الطبيعية على مستوى العالم من ضحايا فى الأرواح وخسائر فى الممتلكات إلا أن أعداد ضحاياها لا يشكل إلا رقما قليلا مقارنة بما ينتج عن الحروب والنزاعات التى يشعلها البشر فيما بينهم فى سباق التسلح وصراع الهيمنة العسكرية والسياسية والإقتصادية والتحالفات الشيطانية التى لا تقيم وزناً للقيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية فى حق الحياة بشكل آمن وكريم ،
وأبرز ضحايا هذه الحروب القذرة ولا سيما فى القرن الماضى هم الأطفال الأبرياء الذين فارقوا الحياة فى مقتبل أعمارهم والذين تُقدر أعدادهم بالملايين إما فى الحربين العالميتين أو فى النزاعات العسكرية بين دول متجاورة فى حروب أهلية أو فى مجاعات و أوبئة نتيجة ما سبق أو بسبب الألغام الأرضية والتى تحصد سنوياً أرواح عشرة آلاف من الزهور البريئة حسب الإحصائيات الرسمية ،ومن نجا من القتل لم ينجو من الإعاقة أو الجروح أو اليتم ، فالأرقام التى تعلنها المنظمات الدولية المعنية بحقوق الطفل حول الأطفال اليتامى مفزعة وكارثية والتى بلغت حتى الآن ١٦٥ مليون طفل يتيم أكثرهم فى شرق آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا الجنوبية ، وهنا يتبادر إلى الأذهان السؤال المنطقى فى مثل تلك الأوضاع المأساوية التى يحياها أكثر أطفال العالم وهو أين إتفاقية حقوق الطفل والتى تحولت إلى مسمى جديد وهو حقوق الإنسان ؟!
أين هذه الإتفاقية التى أقرتها منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة عام ١٩٨٩ والمعنية بالإغاثة الإنسانية عامة وحقوق الطفل خاصة ؟!! ماذا قدمت وماذا فعلت لكى يلقى هؤلاء المساكين وهم فى عمر الزهور هذا المصير المأساوى ما بين قتل وتشريد وإعاقة ويتم .. ماذا فعلوا وبأى ذنب قُتلوا أو تشردوا ؟!! وهل حكومات دول العالم الطاغية وشعوبهم التى تغط فى سبات عميق والمرتزقة الذين يحاربون بالوكالة لتأجيج الصراعات الطائفية والعرقية والسياسية والإقتصادية فى مناطق عديدة وخاصة فى الشرق الأوسط وأفريقيا يدركون حجم المعاناة التى يعيشها ملايين الأطفال المحرومين من أبسط حقوق الطفل فى حياة آمنة كريمة ؟!! ..
لقد حسنا فعلت منظمة (نجدة الأطفال المحرومين ) sos enfant en detresse وهى منظمة فرنسية غير حكومية معنية بحقوق الطفل بقيامها بتخصيص السادس من يناير من كل عام كيوم للتذكير بحقوق الطفل وذلك بالتعاون مع اليونيسيف ومخاطبة أصحاب الضمائر اليقظة من حكومات دول العالم وشعوبها بحماية الأطفال اليتامى والمشردين من مآسى الحياة وفقدان الأمل ، يجب التعاون بين اليونيسيف والتى يوجد لها فروع فى أكثر دول العالم وحكومات هذه الدول ومنظمات المجتمع المدنى و الجمعيات الخيرية ومنظمتى الهلال الأحمر والصليب الأحمر والمفكرين والإعلاميين ورجال الأعمال والوزارات والهيئات المعنية بالتضامن الإجتماعى ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعى ، هى مسؤولية جماعية لحماية هؤلاء الأطفال وأن لا نبخل عليهم بالحب والعطف والرحمة والرعاية حتى ينشؤوا نشأة سوية تفيد مجتمعاتهم وهم محاطين بالكرامة والستر والإنسانية ،
علينا أن نوقف هذا النزيف الدموى لكى لا ينضم ملايين الأطفال الجدد إلى هذه الإحصائيات المفزعة والتى أصبحت وصمة عار فى جبين الإنسانية لن يمحوها إلا العزم فى تغليب الأمن والسلم المجتمعى الدولى .. نسأل الله العلى العظيم أن يتجلى على قلوب هؤلاء الأبرياء المحرومين بأسمى آيات الرحمة والمودة وأن يتغمدهم بواسع رحمته فى الدنيا والآخرة وأن يرزقنا اليقظة لتقفى أثر عفوه ورحمته ،ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.