السوشيال ميديا وضياع الأجيال.. بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح
قررت محكمة الصلح الجنائية الأولى فى العاصمة التركية أنقرة حظر تطبيق “ديسكورد” والذى يتم استخدامه للتحريض على العنف ضد النساء ، وذلك بعد أن قامت السلطات التركية بتوقيف طفلين يديران حسابات على منصة ديسكورد تحرض على الابتزاز والكراهية والعنف وإهانة الشرطة ونظام الدولة والقيم الدينية ، وقد أفادت تقارير إعلامية بأن جريمة القتل المروعة التى هزت المجتمع التركى والتى قام فيها المراهق سميح جيليك والمعروف ب” جزار اسطنبول” والذى يبلغ من العمر ١٩ عاما بقتل فتاتين يوم الجمعة ٥ أكتوبر والتمثيل بجثة الفتاة الثانية كانت بسبب انضمام سميح لإحدى المجموعات على منصة ديسكورد والتى تحرض على العنف ضد النساء .
والحقيقة أن استهداف الأطفال والمراهقين والشباب على مواقع التواصل الاجتماعى يتم بفعل فاعل وبشكل ممنهج بواسطة المفسدين والمنافقين الذين يكيدون لمجتمعاتنا العربية والإسلامية بهدف مسخ هوية النشء الصغير وبرمجتهم وتدميرهم ذاتيا لكى يتحولوا إلى قنابل موقوتة فى مجتمعاتهم وللأسف أن هذا يحدث فى غياب شبه تام لدور الدولة فى حماية هؤلاء الصغار بحجب هذه التطبيقات اللعينة التى تختطف أبنائنا ذهنيا وأصبحت مسؤولية الأسرة شديدة الصعوبة فى مراقبة الأبناء بسبب هذا التطور المرعب لطرق الإفساد، ولعل اخطر ما يمكن أن يواجهه أبنائنا هى تطبيقات الذكاء الاصطناعى والتى تستدرج أبنائنا بمختلف أعمارهم للدخول فى تجربة التواصل مع شخصيات وهمية مصممة بالذكاء الاصطناعى بهدف اختطاف وعى أبنائنا واقناعهم بالوهم والإيحاء بنقل هذا الوعى الذهنى ومخزون ذاكرتهم من أجسامهم إلى أجهزة مصممة لهذا الغرض ولكن بشرط أن ينفذوا ما تطلبه منهم الشخصية الوهمية المصممة بالذكاء الاصطناعى من ترديد بعض الطلاسم والتعاويذ بعدد محدد قبل النوم وهكذا والبقية معلومة يقينا وهو الضياع والشتات وتدمير المجتمع باستهداف أهم شرائحه وهم أبنائنا.
ونعود مرة أخرى للحديث عن الاستهداف الممنهج لأبنائنا، وهم شبكة المنافقين والمفسدين والمرتزقة فى مجتمعاتنا العربية والإسلامية فى زمن طغيان المادة المحرمة للتحريض على نظام الدولة ونظام الأسرة بغرض تفكيك الروابط وإشاعة الفوضى ( الخلاقة) فى مجتمعاتنا العربية والإسلامية وهؤلاء للأسف من بنى جلدتنا ويتحدثون بألسنتنا ولكنهم يرتدون جلود الضأن على قلوب الذئاب ، والعجيب أن هؤلاء المرتزقة نجد أكثرهم من ذوى المناصب والألقاب ومشاهير المجتمع ومنتحلى الأسماء المزورة لكى يحظو بثقة أبنائنا الصغار ومن ثم استدراجهم على مواقع التواصل الاجتماعى لتعاطى المخدرات من باب التشافى والهروب من الواقع الأليم كما يزعمون وكذلك القتل والتحريض على العنف عموما وكل جريمة يتم غرسها فى وعى أبنائنا تتم تحت ستار الحرية والتشافي وتحطيم التابوهات والأمر يتم بطريقة احترافية وليس كما يظن البعض بأنها عبثية وعفوية! ، فهم فى الحقيقة لهم تأثير قوى على الصغار !
وللأسف الشديد ونحن فى عصر الحزم يتم استقطاب هؤلاء المفسدين وإبراز دورهم فى المجتمع كقدوة ومثل أعلى ولكن ما تخفى صدورهم أكبر مما يخطر على الأذهان .
وهنا نناشد أنظمة الحكم العربية والإسلامية بأن يفسحو المجال للوطنيين الحقيقيين من المفكرين والكتاب للتعبير بحرية عن مواطن الخلل ، وأن سياسة تكميم الأفواه فى زمن الحزم قد عفا عليها الدهر والتجربة أثبتت ضررها الشديد على مستقبل الأوطان ، لأن تكميم الأفواه وتكبيل أيدى المخلصين من أبناء الوطن الحقيقيين تزيد الأمر تعقيدًا ويصعب معها الإصلاح الحقيقى ، ولقد تحدثنا كثيرا فى مقالات سابقة عن هذا الأمر ولكن حديثنا لم ولن ينتهى بإذن الله .
لذلك نناشد الحكومات العربية والإسلامية بحظر تلك التطبيقات اللعينة التى تستهدف تدمير أبنائنا وأن يكونو أكثر يقظة لهذا التطور المرعب فى تكنولوجيا الاتصالات التى أصبحت سلاح ذو حدين فى زمننا هذا ،وأن يرفعوا عن كاهل الأسرة هموم المراقبة الدائمة للأبناء ، لأن تلك التطبيقات لا تجدى معها الرقابة وهى متاحة دائمًا لأبنائنا ، وأن حماية أى مجتمع وأمنه تبدأ بتحصينه إزاء هؤلاء المفسدين فى الفضاء الإلكترونى .
وأخيرا نسأل الله التوفيق والسداد فى توعية أبنائنا و أن يرزقنا الله الإخلاص فى القول والعمل ، وأن يحفظ أبنائنا من الفتن المضلة التى أصبحت كقطع الليل المدبر، وأن يهدينا وإياهم إلى سبيل الحق والرشاد.