رحى … بقلم منى السعدى
التغييرمن سنن و نواميس الكون ولكن عندما يأتي التغيير على هذا النحو وبهذا التسارع لا بد أن نتساءل
لم تغير كل شيء….. الكون…… النفوس و… و….؟
فلم يعد الشتاء شتاء ، ولا الصيف صيفا ، ولم يعد يسحرك تعاقب الفصول الأربعة .
فالمظاهر والظواهر التي اعتدنا عليها ، لم يعد لها وجود أو بقاء .
فالدنيا صار يتخبطها التغير المخيف في شتائها وصيفها ، في ليلها ونهارها وفي هبوب الهواء .
أسئلة تضرب صميم عقولنا ، فنقف عاجزين عن المعرفة نحن البسطاء ، ربما لقلة علمنا أو انحسار ثقافتنا أو لأننا نجهل الأسباب فلا نجد جوابا ، أو …… لعلنا نعرف الجواب .
قائلين وكلنا يقين ” إن كل ما يدور في رحى الكون يكمن فيه الجواب ، فها هو الدخان المتصاعد بظلاله الرمادية وهاهي المدن الحجرية وهاهو إسفلت الشوارع الذي وشح الطرقات بالسواد . كشبح خنق رحم الأرض ومنع عنها الماء والهواء ، بعد أن كانت الطرقات تتلون بلونها الذهبي الموشى بالخضرة الناعمة و الألوان المنمنمة الهادئة الزاهية ، تستقبل الماء والغذاء وتنتعش بالهواء فتمنح الكون الولادة الجديدة ، ليتنفس الصعداء ، فتجعلنا سعداء .
فنلقي إليه نظرة تمتد مع المدى خلف الأفق الحالم الواسع ، فتحملنا الأحلام الى مكاننا قبل بلوغ المكان . فأنت عندما كنت تسير كان يرافقك صديقك اليومي ذلك النهر الصغير على يمينك يحاذيك فتسمع خرير مائه العذب ، حديثا رقراقا ، وتقبّلك قطراته الناعمة لتعيد إليك التوازن ، فتبعد عنك الوسن والإرهاق . وعلى يسارك تحث الخطا مع خطواتك ، شجيرات تمتد أفرعها الصغيرة لتصافحك وتحدثك أحاديث الصباح ، فتتحول نسماتٍ عليلة عطرة ، تتناغم مع تغريدات عصافير فرحة ، تهيم من شجرة إلى شجرة فتنسج لك بلغتها حديثا يدثرك فيقيك حر الصيف ، وبرد الشتاء .
حديث تملؤه السعادة بانبلاج الصبح ، فتوقظ القلب ؛ ليتمطى مسبحا من أبدع الكون المنير بالضياء .
هذه الذكريات تكمن فيها العوامل كلها فلو عادت الى الكون لأنجبت لنا الأرض الكثير من الخيرات.
لكن هي الأيام تتبدل ورحاها تطحن النفوس وتطحن التراب لتُصيّره إسفلتا أسود كالغراب ويبقى الأمل بعودة الماضي سرابا سراب .