كتاب

سر مدينة الزهراء القرطبية … بقلم الدكتورة أفراح ملا علي

تبكي بنات أفكاري عندما تعود بي الذاكرة الى مدينة الزهراء و أطلالها، هذه الاطلال التي تذكرني بجنة خلفاء قرطبة، أطلال المدينة ذات الطابع العربي بكل ما تعنيه الكلمة من معاني. كان هناك، في زمان غير زماننا، و في أحد هذه الازقة الضيقة جدا حي يهودي، تقطن فيه أمراه عبرانية تسحر عين كل من رآها. و من بين كل هؤلاء نرى شاب الطبقة النبيلة و المشهور بغطرسته دون بيدرو دي اوريفي. و بالرغم من محاولاته الكثيرة للتقرب من الشابة الجميلة الا ان محاولته باءت بالفشل حتى وصل بالعبرانية التزامها منزلها و عدم خروجها منه، وكانت النافذة هي الاطلالة الوحيدة على العالم الخارجي.

باتت الاشهر ثقيلة على دون بيدرو دي اوريفي و الهوس بجمال العبرانية اثقل. لا أحد يعلم عنها شيئا، ماضيها و حاضرها، كل ما كان يعرفه أهل الحي أن العبرانية تسكن مع أمراه عجوز تحميها بشراسة، حتى وصل بالناس الحال تأليف القصص عنها بأنها زوجة نبيل من النبلاء و فارس محارب و البعض قال أنها في طريقها لتصبح راهبة! لم يأبه دون بيدرو بكل ما قيل حتى أصبح جنون الحب سيد الموقف، و دخل الى منزلها متسللا في ليلة من ليالي سان خوان السحرية.

حال رؤية دون بيدرو تهرب الفتاة ممتطية جوادها وصولا الى اطلال احصنة مدينة الزهراء. فيتبعها حتى اختفت ما بين أطلال مدينة الزهراء. من أنت؟ يسألها دون بيدرو.

– أنا روح الماء تعال معنا لا تخاف!

– من أنت؟ يكرر سؤاله.

– أنا روح الرياح.. تعال معنا و سوف تكون على عرش مملكتنا.

– ماهي مملكتكم؟

– الماء … الرياح..

– من بعثكم؟

– أنها أنا الزهراء! من تناديك.. تعال معنا.. روحي غير محرره بسبب أحدهم. تعال معنا!
بنظرات الخوف و رجفة الجسد يحاول ان يمسك بها ولكنها كانت بين السماء و الارض! نعم دون بيدرو وجد المملكة ، مملكة الحزن و الوحدة في هذا المكان.

غابت الشمس فسكت القسيس الذي كان يروي الحكاية الغريبة التي حدثت في هذا المكان لي و قال أن كل شيء زائل. الغنى و السلطة. فسالته لماذا تقول ذلك الان؟ فثقبت نظراته قلبي و قال – لأنني أنا بيدرو دي اوريفي!! لم أصدق ما سمعت و ما يحصل لي و كيف لها أرجلي كأحجار مدينة الزهراء جامدة بدون أي حركة! عند العودة للمنزل كان من المستحيل النوم فانتظرت حتى تصحو الشمس و اذهب الى مكتبة لرجل دين بها مخطوطات قديمة تعود لهذا النوع من الروايات الغريبة. – نعم هذا صحيح كل شيء متطابق! يرد علي صاحب المكتبة مكملا – القسيس بيدرو دي لا ترينيداد كان من عائلة اوريفي ! وكان رجلا صالحا متدينا كرس حياته للرب! – ولكن منذ متى؟ السؤال كاد يخنقني…و بعد هدوء لدقائق باتت و كأنها ساعات و بتأتأة يرد علي – منذ 300 عام !!

عدت الى مدينة الزهراء و انا أنتظر قدوم هذا القسيس الملقب بدون بيدرو! اسرح تارة في أطلال مدينة الزهراء و اسمع تارة صرير الريح و تارة اخرى اتخيل وكأن عقلي يأمرني بالرحيل من هنا بشكل او بآخر … غابت الشمس و لم يأتي أحد…

دمتم بعشق و هوى أندلسي …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى