أهم الأخباركتاب

بابا في الخارج … بقلم الشاعرة خولة سامي سليقة

 

ترفعها بكل ما أوتيت من جهدٍ لتنهض من السرير، بنصف عين ترمقها يمان، تتمتم: إلى أين؟

دعيني أنام قليلاً أرجوك. يؤلمني بطني، ظهري، رأسي، حتى …لا أدري ما الذي لا يغرز أنيابهُ في لحمي.

تتذكر أن لا أحد يفهم لغتها فتصمت.

ترد الممرضة بكلمات لا تعرف يمان معناها، لكن تبدو من حركات يديها و تعابير وجهها مصممة على

سحبها إلى جهة ما، و فمها لا يني يشرح للأخيرة المطلوب المجهول. كلمة واحدة، لا لا بل كلمتان هربتا

من حيز الغموض و عرفتهما: “بابا” مع إشارة تدل على أنه في الأسفل، و “ماما” و أرفقتها بإشارة صوب

النافذة.

ردّدت بابا بذهول. كيف وصل أبوها إلى هنا؟ أيعقل حقاً أنه جاء ليطمئن عليها أم هذه الممرضة مصابة

بلوثة؟

كررت: بابا؟ كيف قطع هذه المسافات الموجعة و طوى البحار؟ متى و أين؟ و من أوصله إلى هذه الأرض

المتجمدة؟

نسيت نفسها، نسيت أنها أمضت الليل مخاضاً عسيراً،  نسيت وليدها، و خطواتها الثقيلة جرّت الزمنَ

بطيئاً، وصلت قرابة النافذة تعضدها الممرضة، رأت بياضاً ناصعاً قاسياً يغمر المشهد في الأسفل، و زوجها

يلوح بحركات جنونية، يشرح لها شيئاً ما عاد يعنيها أن تعرفه.

 

…………………………………………………………….

” رشة حلا ”

أغلقت الأوراق أمامها و كلمات الإطراء تلفها عقب حديث أدبيّ مطوّل، كان التركيز على النقطة نفسها

الآن و قبل هذا مرات كثيرة: صوتك إذاعيّ. أما جرّبت تقديم أوراقك إلى الإذاعة أو التلفاز؟

ابتساماتها كانت تنهي برقّة حديثاً بدأ يجيش في صدرها منذ عشرين سنة، حين أخبرت والدتها أنها تنوي

تجهيز الأوراق المطلوبة لإعلان التوظيف الخاص بالإذاعة و التلفاز، كونها تمتلك مؤهلات علمية مناسبة.

لم يفاجئها هدوء ما قبل العاصفة، لكن صدمتها العاصفة نفسها: اجلسي اجلسي. المذيعة يجب أن تكون

جميلة.

تفهم اليوم أنها أنثى عادية جداً، لكنها ستظل تعتب على قدر بخل عليها بـ “رشّة حلا “.

 

خولة سامي سليقة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى