أهم الأخبارتقارير

دراسة: علم النفس الإيجابي يساعد المصابين في الكويت والعالم على التعافي من الأمراض الخطيرة والمعدية كوباء #كورونا والسرطان

عديد من مرضى وباء كورونا المستجد في العالم وفي الكويت يعانون من صدمة نفسية بسب مشاعر الخوف وتراجع الثقة والاكتئاب الشديد. ونسبة كبيرة أيضاً من الطواقم الطبية وعاملي الرعاية الصحية قد تكون تحت تأثير ضغوط شديدة قد تنتج مشاعر قلق وسلوكيات سلبية عند زيادة الشعور بالتوتر أثناء مواجهة مرض خطير يتهدد حياة الناس.

وقد أثبتت بعض التجارب في الكويت وبعض دول العالم أهمية دور السلوك الإيجابي للطواقم الطبية في انقاذ مصابين كثر بفيروس كورونا من مصير محتوم. حيث أنقذت مبادرات وسلوكيات فردية إيجابية من بعض الطواقم الطبية في الكويت أرواحاً كثيرة، وبات من المهم تعميم ثقافة الإيجابية بين عموم الطواقم الطبية والعاملين والاداريين في القطاع الخاص أو الحكومي وبصفة خاصة في وزارة الصحة المشرف الأول على تنمية الرعاية الصحية في البلاد.

وحسب دراسة قام بها مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf) حول دور علم النفس الإيجابي في دعم الرعاية الصحية لمرضى كورونا والأمراض عالية المخاطر واحتواء التداعيات النفسية في الكويت، فقد تبين أن الرفاه النفسي بات مكملاً حيوياً للتدخل الاكلينيكي الذي يقوم به الطاقم الطبي لمعالجة المرضى بهدف ضمان أكثر النتائج الإيجابية، في المقابل يمثل انعدام الرفاه النفسي لدى المرضى من جهة أو بين الطواقم الطبية من جهة أخرى عاملا سلبيا قد يؤدي الى تعكر حالات المصابين خاصة بأمراض مرتبطة بقوة جهاز المناعة.

وقد كشفت جائحة فيروس كورونا المستجد أن كثيرا من المرضى داخل المستشفيات أو خارجها تتعكر حالتهم لأسباب بينها العامل النفسي والسلبية في التعامل مع الارشادات الوقائية أو تعليمات الأطباء. الى ذلك فان سلوك الأطباء والمرضى مع المصابين بالفيروس داخل المستشفيات أو في الحجر الصحي الذاتي في المنازل يشير حسب رصد كويتي ودولي الى أهمية تأثير السلوك الإيجابي لدى بعض الطواقم الطبية على تحسين احتواء الصدمة النفسية للمصابين وتعزيز قدراتهم المناعية وتماثل جزء كبير منهم للشفاء.

وأثارت أزمة التعامل مع الوباء في وزارة الصحة أهمية دور علم النفس الإيجابي سواء في العلاج أو في الوقاية من الأمراض الخطيرة كالفيروسات أو الأمراض المزمنة كالسرطان. وهنا تبرز الحاجة لتحسين تطبيقات علم النفس الإيجابي داخل المستشفيات وفي وزارة الصحة خاصة أثناء المحن كالتي تتعرض لها الكويت جراء الجائحة العالمية.

ومن المرجح في المستقبل أن يتعزز دور علم النفس الإيجابي في تحسين القدرة المناعية وتخفيف الضغوط ومشاعر القلق المتزايدة سواء بين المرضى أو بين الطواقم الطبية التي تُعتبر جنود الصف الأول في مواجهة الأمراض الخطيرة كالأوبئة.

وقد أظهرت أزمة وباء كورونا في الكويت أهمية الحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى لتوفير خدمات الرفاه النفسي للمصابين والطواقم الطبية كأحد أنجع السبل العلمية الجديدة لتقليص السلوكيات السلبية خلال إدارة الأزمات الصحية وأيضا كحل آمن يعزز التعافي الذاتي للمريض والسلوك الإيجابي للطاقم الطبي. حيث أثبتت دراسات دور سلوكيات علم النفس الايجابي في دعم زيادة نسب التعافي وزيادة مقاومة الأمراض وتحسين العلاقة بين الطبيب والمريض.

وأظهرت دراسات نتائج مشجعة في استخدام علم النفس الإيجابي لاستيعاب الانفعالات السلبية لمصابين بالأمراض الخطيرة خاصة أمراض السرطان أو الفيروسات الخبيثة وقدرتهم على تجاوز الانتكاسات بسبب تعزز قدتهم المناعية بفضل الرفاه النفسي.

وبتغير السلوك وتحوله الى إيجابية سواء لدى المريض أو الطبيب زادت فرص التعافي والوقاية بفضل زيادة الرفاه النفسي وتعزز السلوك الإيجابي ما سيؤثر إيجابا على الصحة العامة. كما بات من الضرورة توفير احاطة نفسية حيوية وتعزيز الفكر الإيجابي خاصة للمرضى في المنازل بالأمراض الخطيرة كالأورام الخبيثة على غرار السرطان أو فيروس كورونا المستجد، وتأتي هنا أهمية تدخل علم النفس الإيجابي لوقاية المصابين خاصة كبار السن خاصة من انعكاسات سلبية لزيادة الضغوط النفسية اثنا العلاج أو الحجر الصحي من مرض كورونا على سبيل المثال. ويمثل الهدف إعادة التأهيل النفسي للمتعافين أو للطواقم الطبية للعودة للحياة مجددا بعد تجربة صعبة في تعامل غير مسبوق مع مرض خطير.

الرفاه النفسي والشعور بالسعادة يدعمان وظائف جهاز المناعة لمقاومة الأمراض وانعكاساتها

قد يكون الشخص الذي يركز على المعلومات الإيجابية أكثر من المعلومات السلبية أكثر قدرة على التعامل مع المواقف العصيبة، وقد يأخذ نظرة أكثر إيجابية على المدى الطويل للحياة، وقد يحافظ على تفاعلات اجتماعية إيجابية، وبالتالي يجني فوائد مناعية أكثر من غيره، وهذه النتائج تثير احتمالية تطور البشر ليصبحوا أكثر إيجابيين في وقت متأخر من الحياة من أجل تعزيز اطالة حياتهم[1].

وفي حال مازال تأثير علم النفسي الإيجابي على تسريع التعافي من الامراض الخطيرة تحت الاختبار العلمي، فان الحالات السلبية مثل الإجهاد والوحدة على سبيل المثال توجه الاستجابات المناعية من خلال قيادة برامج واسعة للتعبير الجيني، وتشكيل قدرة الانسان على مكافحة المرض. وإذا صحت هذه الفرضية، فإن الطريقة التي يرى بها الناس العالم يمكن أن تؤثر على كل شيء حتى على طريقة مقاومتهم وتفاعلهم مع مختلف الامراض والأخطار كخطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري وأمراض القلب وصولا إلى تطور حالات مثل فيروس نقص المناعة البشرية والسرطان، لكن في غضون ذلك يبقى مسار الانتقال من المزاج السلبي إلى منطقة السعادة، الأكثر غموضاً[2]. الا أن مفهوم التفاؤل والسعادة وعلاقته بالصحة الجسدية، في حين لا يزال يحظى باهتمام كبير يستحقه بسبب روابطه الراسخة بالسلامة العاطفية والسلوكيات الصحية، يقع ضحية لقضية التعريف والمنهجية[3]العلمية.

يقدم علم النفس الإيجابي ما يبدو في البداية أنه فرضيات قابلة للاختبار حول الحالات النفسية الإيجابية وعلاقتها بأمراض خطيرة مثل فيروس كورونا المستجد (covid 19) ومرض السرطان على سبيل المثال. ومن الفرضيات المطروحة أولاً: إمكانية تأثر السرطان بموقف الروح القتالية لدى المريض، والتكيف الإيجابي والتعبير الإيجابي عن المشاعر والتفاؤل والدعم الاجتماعي، وثانياً: تأثير التدخلات النفسية الإيجابية على النتائج الطبية في حالة مرض السرطان عن طريق تقوية جهاز المناعة[4].

وبفضل منح اهتمام أكبر لتدخل علم النفس الإيجابي مستقبلاً في الرعاية الصحية والوقاية من الأمراض وتعزيز القدرة لمقاومتها، من المتوقع أن يصل عدد الناجين من السرطان على سبيل المثال في جميع أنحاء العالم إلى 21.3 مليون بحلول عام 2030[5]. لعلاج هذا العدد المتزايد من المرضى، يتم استخدام التدخلات النفسية خاصة بواسط الطاقم الطبي وبشكل متزايد وتتطلب دعمًا تجريبيًا لتقييم فعاليتها.

زيادة ارتباط علم النفس الإيجابي بالحياة الصحية

قد تكفي زيادة جرعات من الرفاه النفسي والسعادة لدى مرضى كورونا وبقية المصابين بالأمراض المزمنة أو الخطيرة لزيادة تسريع وتيرة تماثل المرضى للشفاء وتمكنهم من زيادة نسبة المقاومة والمناعة الذاتية لمختلف مراحل انتقال وتفاعل الفيروس كوفيد 19 في الجسم. حيث تبين من خلال أبحاث مختلفة أنه في ظل عدم وجود لقاح للعدوى يبقى جهاز المناعة أكبر مضاد حيوي للفيروس.

وحسب خلاصة أحدث الدراسات فان السعادة تزيد من اكتساب الفرد الشجاعة لمقاومة المرض والالتزام بالدواء والنظام الغذائي والاستجابة لنصائح وإرشادات الأطباء والوقاية على غرار إرشادات الحجر الصحي الذاتي عند مرضى فيروس كورونا الذين من المحتمل أنهم بأشد الحاجة بعد تعافيهم الى برامج تحفيز الإيجابية عندهم خاصة بعد تجربة عسيرة خاض بعضها صراعاً بين الحياة والموت. وقد أثبتت دراسات أن حافز الخوف يسرع من استسلام المريض وانهزامه معنوياً ضد المرض الأمر الذي يسرع من زيادة تعكر أعراضه إكلينيكياً ويعقد مسيرة شفائه اذ أثبتت الأبحاث أن قوة المناعة وإرادة المرضى كفيلة بهزيمة نسبة كبيرة منهم للمرض أو الفيروس في مراحله الأولى.

وتجدر الإشارة الى أهمية دور برامج علم النفس الإيجابي وخاصة التي تحث على الرعاية النفسية التي من شأنها أن تطور شعور وسلوك الإيجابية في الأفراد خاصة أثناء المحن والمرض. اذ أثبتت الأبحاث أهمية الحاجة لتطبيقات علم النفس الإيجابي لتعزيز مقاومة بعض الأفراد للأمراض الخطيرة كالسرطان أو الأوبئة، أو لإعادة تأهيل بعض الناجين من إصابات في الحروب أو كوارث أو جوائح. فالمصابون والناجون من كوارث كالأوبئة يكونون بحاجة ماسة لبرامج تعزيز الإيجابية عندهم أثناء تجربة المرض وبعدها.

ويعتبر تأثير سلوكيات الإيجابية التي قد يتحلى بها الطاقم الطبي من أطباء وممرضين وعاملين في قطاع الصحة مهم وحيوي، حيث بقدر احساسهم بالرفاهية النفسية بقدر ما زاد عطائهم ونقل الإيجابية الى المرضى. اذ أن المريض عند دخوله المستشفى أو العناية المركزة يزيد شعوره بالعزلة والضعف والاستسلام والخوف والذعر وهو ما يؤثر سلباً على وظيفة جهاز المناعة لديه.

وتكشف دراسات أأانن زيادة مشاعر الخوف والاكتئاب تؤثر على ارتفاع ضغط الدم وتسارع احتمالات النوبات القلبية. كما أن مشاعر الخوف تصيب خلايا جهاز المناعة بالخمول وعدم النشاط وهو ما يمكن أن يستفيد منه فيروس كورونا في حال لم تكن استجابة الخلايا المناعية قوية وفعالة. وقد فحصت أكثر من 17 دراسة تأثير الرفاهية النفسية والتأثير الإيجابي والرضا عن الحياة على نسبة التعافي والبقاء على قيد الحياة بين المرضى الذين يعانون من أمراض عضوية. وان كشفت بعض التحليلات عن تأثير صغير ولكنه مهم، تأكد أن المستويات العالية من الرفاهية العاطفية مفيدة للتعافي والبقاء على قيد الحياة[6].

علم النفس الإيجابي يساعد الأفراد على التعافي من الأمراض الخطيرة والمعدية

مريض فيروس كورونا على سبيل المثال سواء المصاب القابع في الحجر الذاتي أو في المستشفى أو المتعافي بأشد الحاجة لمتابعة نفسية ولنوع من الرفاه الإيجابي بهدف تجاوز محنته. حيث أن المشاعر الإيجابية تعزز الصحة العامة وتخلق روابط أقوى للمرضى مع المجتمع المحلي والأسرة وتخفض الضغوطات الناتجة عن الأمراض بنسبة 10 في المئة[7]. وقد أثبت تطبيق علم النفس الإيجابي في المستشفيات وهيئات الصحة خاصة بين الأطباء والممرضين نتائج فعلية خاصة على مستوى تعزز نوعية الرعاية المقدمة للمرضى أو المصابين والتي تؤدي في النهاية الى تقليص التفاعلات النفسية السلبية التي قد تولد في أغلب الأحيان اكتئاباً يؤثر سلباً على وظيفة جهاز المناعة ويضعف من قدرة مقاومة الأمراض.

ونظرا للدور الحيوي والإنساني الملح في هذه الظرفية للطواقم الطبية وعاملي الرعاية الصحية، أصبح تعزيز (تطبيقات علم النفس الايجابي) بين العاملين في قطاع الصحة خاصة الأطباء والممرضين ضرورة ملحة من أجل تعزيز دورهم العلاجي للمصابين، حيث ثبتت أهمية تأثير علم النفسي الإيجابي في تحسين علاقة الطبيب بالمريض وضمان أكثر نسبة محتملة من النتائج الصحية الجيدة المرجوة. وفي العموم يهدف علم النفس الإيجابي لصناعة الفرق في التفكير والسلوك والصحة[8].

وعلى الرغم من النقص النسبي في الأبحاث التجريبية حول دور علم النفس الإيجابي في حياة الأفراد المصابين بأمراض خطيرة تهدد حياتهم كالسرطان أو الأوبئة، أظهرت بعض الدراسات النوعية أهمية الجانب الروحاني كالدين على سبيل المثال في الشفاء من الأمراض المزمنة، حيث يتعلق جزء كبير من الشفاء منها بمدى قوة جهاز المناعة المرتبط بتحفيز الإرادة الذاتية للمصاب للتحمل والتغلب على المرض.

وقد أظهرت الأبحاث أن “وازع الإيمان” احدى الطرق يعتمد عليها الأفراد للسيطرة خاصة على الأزمات في حياتهم. وبينت الدراسات أن التركيز على تحفيز وازع الايمان لدى الفرد يعاون على إنعاش ثقة المريض في نفسه. وبذلك فان فكرة الاعتماد على العقيدة الدينية يسهم في التعافي والتكيف النفسي الإيجابي[9].

تطبيق علم النفس الإيجابي على الصحة واعد

علم النفس الإيجابي هو الدراسة العلمية لحياة صحية ومزدهرة. فالهدف من علم النفس الإيجابي هو استكمال وتوسيع علم النفس التقليدي. اذ أن علم النفس الإيجابي معني بالحالات النفسية الإيجابية على سبيل المثال السعادة، والسمات النفسية الإيجابية على سبيل المثال المواهب، الاهتمامات، نقاط قوة الشخصية، العلاقات الإيجابية.

وقد أظهرت الأبحاث أن ركائز الصحة النفسية (مثل العواطف الإيجابية، والرضا عن الحياة، والتفاؤل، والغرض من الحياة، والدعم الاجتماعي ترتبط مستقبليًا بالصحة الجيدة التي يتم قياسها بطرق متنوعة. وان ليس من المعروف بعد ما إذا كانت تدخلات علم النفس الإيجابي تحسن بشكل فعّال الصحة البدنية، الا أن الاتجاهات المستقبلية لتطبيق علم النفس الإيجابي تتركز على الصحة، حيث تستنتج دراسات أن تطبيق علم النفس الإيجابي على الصحة واعد[10]. وقد أقرت منظمة الصحة العالمية بأن “الحياة النفسية والاجتماعية السعيدة ليست مجرد نتيجة للصحة الجيدة، بل هي ما يدفع الناس إلى العيش حياة صحية وطويلة. اذ ان الصحة هي حالة من الرفاه البدني والعقلي والاجتماعي الكامل وليس مجرد غياب المرض أو العجز”.

وافترضت عدد من الأبحاث وجود مسارات متعددة من البيولوجية إلى العاطفية إلى المعرفية إلى السلوكية إلى الاجتماعية. على سبيل المثال، في حالة التفاؤل، من الناحية البيولوجية، يتم ربطها بعمل جهاز المناعة بشكل أفضل، ومن الناحية السلوكية، يشارك الأشخاص المتفائلون في سلوكيات صحية أكثر، حيث يأكلون بشكل صحي، ويمارسون الرياضة، ولا يدخنون أو يشربون، ويطلبون الرعاية الطبية عندما يحتاجون إليها، أما اجتماعيًا، يتمتع المتفائلون بتواصل اجتماعي أفضل، وكل هذه الميزات ترتبط بالفوائد الصحية[11].

على سبيل المثال، تحفز العواطف الإيجابية على تعافي القلب والأوعية الدموية بعد حدث مرهق[12]. ويمكن أن يعزز التدريب على التأمل الذهني وظيفة المناعة[13]. كما أن تدريب المرونة النفسية الاجتماعية الذي يستهدف العواطف الإيجابية والمرونة الإدراكية والدعم الاجتماعي ومعنى الحياة والتكيف النشط، يقلل من الكوليسترول الكلي بين البالغين في منتصف العمر[14].

وقد بدأ الباحثون في التحقيق في دراسة التأثير الإيجابي على النشاط البدني والالتزام بالأدوية بين المرضى الذين يعانون من أمراض كمرض الشريان التاجي [15]والربو[16] وارتفاع ضغط الدم[17]. ويسعى الباحثون لإظهار أن مثل هذه التدخلات لعلم النفس الإيجابي تزيد من الصحة الجيدة وذلك باستخدام تجربة سريرية، حيث طورت مجموعة من الباحثين استراتيجية تدخل تعزز التأثير الإيجابي وطبقتها على 3 مجموعات سريرية مختلفة عالية المخاطر (مثل ارتفاع ضغط الدم والربو وأمراض الشريان التاجي) لتغيير سلوكياتهم المتعلقة بالصحة[18].

تأثير الرفاه النفسي على تعزيز مقاومة المرضى من كبار السن

يمكن أن يساعد الموقف الإيجابي في تحسين نظام المناعة وقد يساعد على العيش لفترة أطول، وفقًا لدراسة أجرتها جامعة كوينزلاند. وقد وجد بحث منشور يتطرق لعلاقة “علم النفس بالشيخوخة”[19] أن كبار السن الذين ركزوا على المعلومات الإيجابية كان لديهم أجهزة مناعة أقوى من غيرهم. وقالت الباحثة الرئيسية الدكتورة إليز كالوكيرينوس من كلية علم النفس بجامعة كوينزلاند إن الموقف الإيجابي لعب دورًا مهمًا في الشيخوخة الصحية.

ولكون أغلب المرضى المهددين بخطر فيروس كورونا هم من كبار السن كما تؤكد ذلك دراسات منظمة الصحة العالمية[20] باعتبار ضعف جهاز المناعة لديهم، برزت أهمية الاهتمام بالدعم النفسي لهذه الفئة. فعلاوة على دور الاسرة الحيوي في الإحاطة بهم، يبقى دور الأطباء والممرضين في المستشفيات في حال علاجهم أكثر أهمية وقد يكون دورهم الإيجابي تتعلق عليه حياة المريض او استسلامه للموت. فعلى الرغم من أن الناس عادة ما يعتقدون أن الحياة في سن الشيخوخة هي فترة ترمز للهلاك والكآبة، إلا أن الحقيقة عكس ذلك فكبار السن غالبًا ما يكونون أكثر إيجابية من الشباب[21]. وتشير الأبحاث إلى أن هذا التركيز على الإيجابيات قد يساعد كبار السن على حماية صحتهم المتدهورة وتماثلهم للشفاء أثناء تلقيهم للعلاج في المستشفيات.

وحسب دراسة شملت اختبار مناعة 50 بالغًا تتراوح أعمارهم بين 65-90 عامًا لمدة عامين، فقد عُرض على المشاركين سلسلة من الصور الإيجابية والسلبية، وطُلب منهم لاحقًا تذكرها، وثبت أن المشاركين الذين تذكروا صورًا أكثر إيجابية من الصور السلبية أظهروا أيضًا أداء مناعياً أفضل[22]. حيث أن المشاركين الذين تذكروا صورا أكثر إيجابية من الصور السلبية لديهم أجسام مضادة في دمهم مما يوحي بأن أجهزة المناعة أقوى من نظرائهم. وبتذكر الإيجابيات بشكل انتقائي، يبدو أن كبار السن يعززون وظائفهم المناعية عندما يكونون في أمس الحاجة إليها.

علم النفس الإيجابي يحسن العلاقة بين الطبيب والمريض

تدعم تطبيقات علم النفس الإيجابي وظيفة الأطباء والممرضين أثناء العلاج الاكلينيكي، وذلك من خلال توفير رفاه نفسي يقلص مشاعر الهلع والخوف لدى المرضى، ويظهر هذا البحث أن التركيز على المعلومات الإيجابية قد يوفر رفاهاً نفسياً وتعزز وظيفة جهاز المناعة ويكون التأثير نفسه بالنسبة للشباب كما لكبار السن. وهذا التأثير مرتبط بمدى علاقة الطبيب بالمريض.

وتؤثر العوامل النفسية في العلاقة بين الطبيب والمريض على نتائج وجودة الرعاية الطبية، وتحسين الامتثال للعلاج، ويلعب علم النفس الإيجابي دورًا أساسيًا في تأهيل الطاقم الطبي لزيادة نجاعة عملية الرعاية الطبية. حيث تعتبر مهارات الاستماع والتواصل عناصر أساسية لإجراء التشخيص والعلاج، وتنشأ بعض النتائج الإيجابية من حقيقة أن العلاقات بين المريض والطبيب مرتبطة بالعواطف التي تحتوي على ركيزة فسيولوجية. فالسلوكيات النفسية المختلفة للمريض والطبيب (مثل التواصل اللفظي وغير اللفظي، السلوك العاطفي، المعتقدات، التعاطف، الاستماع، تصور الأعراض، القرار المشترك، التفاوض، المعلومات، الإقناع، إلخ)، تعطي أنواعًا مختلفة من العلاقات اما السلبية أو الايجابية[23].

وبدراسة العلاقة بين (الطبيب –الممرض) ومرضى فيروس كورونا على سبيل المثال، تبرز أهمية اكتساب الطاقم الطبي لمهارات علم النفس الايجابي، حيث يعتمد العلاج في مراحله المختلفة على تلك العلاقة من خلال التأثير على الأفكار والعواطف والسلوكيات. ويمكن تلخيص الوظيفة العلاجية للطاقم الطبي المشرف على مرضى كورونا أو الامراض الأخرى المزمنة والحرجة في تعزيز الاتزان النفسي للمريض واستعداده لإزالة السموم العاطفية أولاً، وثانياً حاجته للتوضيح المعرفي حول اصابته وخطورتها وطرق العلاج، وعادة ما تكون الحاجة ملحة جدا لتوفير الرفاه النفسي للمريض في المرحلة الأولى من الإصابة والتي تمثل صدمة استيعاب المرض وتحفيز قدرة مناعة الانسان لمقاومته. ويمكن وصف العلاقة بين الطبيب والمريض بالعلاقة النفسية-الفسيولوجية[24]. وقد بات يتشكل وعي تدريجي بين الاخصائيين والباحثين في مجال الصحة بأهمية التواصل بين الطبيب والمريض لتحقيق الأهداف الصحية المرغوبة كالامتثال الطوعي للعلاج وفهم الارشادات والتي تؤدي الى نتائج صحية إيجابية[25].

وحرصاً على ضمان أكبر قدر من النتائج الإيجابية للجهود الصحية في مكافحة الأمراض والحالات الخطيرة قياساً لمرضى وباء فيروس كورونا (covid 19) سواء الحالات التي تستجوب دخول المستشفى أو تلك التي تخضع للحجر الصحي الذاتي، أصبح من المهم توفير الرفاه النفسي الايجابي أولا للطاقم الطبي المشرف والذي يتعرض لضغوط عالية سواء أثناء اسعافه للمصابين أو خوفاً من اصابته بالعدوى.

وثانياً تبرز الحاجة الأكثر الحاحاً لتعزيز الإيجابية لدى المصابين أو المتماثلين للشفاء من فيروس كورونا. حيث تذكر دراسات علمية أن عددا كبيرا منهم قد يعاني من اضطرابات نفسية للتداعيات المصاحبة التي يتركها الوباء لدى المصاب والتي قد توثر على سلوكه وتقلص من فعالية دوره الاجتماعي او الاقتصادي مستقبلاً.

الاستنتاجات والتوصيات:

عبر برامج الدعم والتثقيف النفسي الايجابي، يمكن لمسؤولي الرعاية الصحية (الأطباء والممرضون) في المستشفيات وخارجها تحفيز الإيجابية لدى المصابين بأمراض خطيرة كفيروس كورونا المستجد على سبيل المثال مع تحفيز الرفاه النفسي لدى المرضى وهو ما سينعكس إيجاباً على توقع زيادة الالتزام بالحياة الصحية.

وتكمن هنا فرضيات أهمية مشاركة مكونات الطاقم الطبي على سبيل المثال في ورشة عمل حول تطبيقات علم النفس الإيجابي التي تحفز لدى المرضى مستويات أعلى من الرفاهية واليقظة والامتنان والحيوية، مع مستويات منخفضة من الاكتئاب والقلق والألم والتعب والوحدة.

وقد أثبتت مراجعة الدراسات الطبية الإكلينيكية تطبيقات علم النفس الإيجابي بشكل أكثر تكرارًا في علاج المرضى الذي يعانون أعراض أمراض جسدية خطيرة[26]. وان كان علم النفس الإيجابي لا يعتبر علاجا ً سحرياً، لكن إذا تم تطويره وتقديمه بعناية، فقد يوفر أداة أخرى لتسهيل الرفاه للمرضى الذين يعانون من مشاكل صحية جسدية.

وقد تزايد إجراء أبحاث علم النفس الإيجابي بشكل متزايد في سياقات الرعاية الصحية من أجل قياس نقاط القوة الشخصية وارتباطها بالنتائج الصحية لدى المرضى الذين يعانون من مجموعة من الحالات المختلفة. ويمثل المرضى الذين يعانون من ظروف صحية خطيرة تحديات كبيرة للطاقم الطبي. حيث بات من المهم التأكد من التعامل مع المرضى بشكل مناسب وأخلاقي[27].

وتوصي الدراسة بمزيد منح اهتمام أكبر لتدخل علم النفس الإيجابي كمكمل علاجي للمصابين بالأمراض الخطيرة في الكويت، وهو ما يقتضي تشجيع مبادرات تعزيز ثقافة علم النفس الإيجابي والرفاه النفسي بين الطواقم الطبية والعاملين في الرعاية الصحية ووزارة الحصة عموماً خاصة بعد أن أثبتت بعض النتائج محلياً ودولياً أهمية تأثير الرفاه النفسي على تماثل المصابين للشفاء.

 

المصدر: قسم الأبحاث في مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى