أهم الأخبارالأسبوعية

رقصة أخيرة لإرباك الذكرى … بقلم نبيلة مجدى

 

رتبت لهدنة طويلة اعتدت اختلاس النظر عليها منذ شهور فيما خشيت الاقتراب كي لا أجد نفسي وحيدة في مواجهة نفسي بنفسي، وبإتقان شديد استدعيت شغفي بكل خيالات فرص البدايات الجديدة كي أخلص نيتي لإنفراجة أولى طال انتظارها أفك بها حبال أنفاسي المربوطة بكل ذكرى .تجرني كرها كل ليلة إليه
أنصتت هذه المرة لخبراء التنمية البشرية الذين كذبتهم جميعا وكفرت بروشتاتاتهم السخيفة التي يصفونها للمقبلين يأسا على الانتحار ليعيدوا تدوير الهواء حولهم فيستنشقوا أملهم في النجاة من شرك .أفكارهم البائسة
ظننت هروبي المنظم جدا سيجبر حتما انكسار روحي ويجمع شتات نفسي ويضيء عتمة وجهي رغم ابتسامتي المتكئة عليه كرها، وعقدت نيتي أن أقضي أيامي بحرص شديد على الانغراس في جميع التفاصيل الجديدة علي، ورحت أغرق في حكايات الكثيرين حتى لا ألتفت إلى النهاية المفتوحة التي .تركتها لحكايتي رغما عني
تفرست في وجوه العديدين كي تنعجن ملامح وجهه بين ملامحهم فلا تعد تستوقفني طويلا ورحت أجمع سخونة ماء عينيه الجاري منذ وداعنا الأخير في راحتي وأنا أدفع بأنفاسي الجديدة دفعا إلى رحمي لتولد بداية اشتهيتها طويلا، وحملتها سنواتا داخلي فأتعبتني وأثقلتني دون أن يكتب لها مخاضا يحرر .رقبتي العالقة بين كل بينين
ومن فرط انهماكي في تقمص دوري الجديد، رقصت حتى انقطع نفسي وكدت أسقط في إغماءة أبدية على أنغام اعتدت السخرية منها وممن سبقوني بتسليم مفاتيح أجسادهم إليها، فشعرت بيمناه الواسعة رغم صغرها تمتد إلى خصري ليراقصني كي لا أنتبه لوحدتي.
غنيت حتى بح صوتي وأنا أتحدى ذاكرتي لتملي علي كل ما تمنيت، فإكترت لي غير مكترثة لوجعي كل الليالي التي على صوتي فيها غناء بكلمات فوضوية لا تعني شيئا على الإطلاق وتمتمات طفولية طويلة أضحكته حد التعب، وضعت مثله في نوبات ضحك طويلة حتى حسدني من ظنوا من فرط فرحي أنهم لم .يفرحوا في حياتهم قط
واستسلسمت مجددا لغواية الألوان فاشتريت فساتينا كثيرة أحتفي بكل واحد منهم بانتصاري الزائف علي كل ليلة وقد انتقيت لأول مرة لونه المفضل الذي ألح علي أن أختاره في كل مرة اشترينا فساتينا سويا ورفضت لأنني ظننته لا يليق بي كثيرا ، وتعجبت حين رأيت اللون نفسه بعينيه لمرة أولى قد لا تصبح الأخيرة لأني أتوقع أن يصبح لوني المفضل كذلك.
تلذذت بانفلات حبات البن الخشنة إلى حرارة فنجان اللبن الملتهب الحنون كترنيمة ناعمة في صباح عيد والمتسع لي رغم ضيق رقبته وخصره، فنجان تدهشني قدرته على إزاحة جدار الليل الثقيل عني كي أفتح به باب كل نهار تمنيته طيبا كيديه، ورحت أزرع وردا فيكل قلب وأرض وذاكرة تعثرت بهم خطاي المرتبكة حتى عدت من هدنتي المفتعلة تلك وأنا لا أدري حقا إن كان بإمكان عودة كهذه أن تسمى “عودة” وإن كنت قد رحلت حقا أم لا فقد تشككت في .حقيقة كل ما أعيشه
عدت لتوي كي أكتشف أني نسيت وأنا أعد نفسي للهروب، أن أنزله عن ظهري فقد جبت به كل شوارعي الجديدة محمولا عليه وقد أراح ذقنه على كتفي اليمنى فيما أحكم لف رجليه حول خصري كي لا يفوته مشهدا واحدا مما قصصتهم عليه وهو .مستسلما تماما لحكايات صندوق أيامي في غيابه
عدت كي أعيد اكتشاف مساحات أخرى في سريري علها تكن أكثر رحمة من تلك التى يتقلب عليها جنبي كل ليلة كقطعة لحم عجوز لم يقدر لها أن تهدأ أبدا وقد تخطت سن النضج بعد الذبح.
عدت كي يتحرش الليل بي ويدفعني دفعا إلى حائط بارد خبيث ويغرس عيني وسط مشاهد نهايتنا المكررة جميعها واحدا تلو الأخر، فأعود خائبة من منتصف الطريق التي قطعتها إلى نفسي متوسلة كي .تلتقيني عند نقطة أمل تتسع لكلانا
عدت إلى مسامات روحي العارية في وجه هواء ماضينا الملغم بلفافات العطايا التي منحتني إياها ورددت يديك بها فارغة مني ومن العشم والفرص التي غضضت الطرف عنها كضريرة اعتادت الإتكاء على عصاها ومنحت لها فجأة فرصة واحدة ليرتد لها بصرها فما أن أبصرت الطريق مبسوطا تحت قدميها حتى أدارت ظهرها وأحكمت قبضتها على عجزها .المختار
عدت إلى ضجري وغيظي وسخطي على من اخترقوا أنسجتي وغزلوا منها قلعة عالية قبل وصولك إلي وأحالوني إلى بلهاء لا تفقه سوى لغتهم، وعمياء لا تلتفت سوى لإشارارتهم، وصماء لا تنتبه سوى لنداءاتهم وطريدة من كل رحمة تحول بينها وبين الإكتواء بعذاب سواهم، وساخطة لا ترضى بماء ودفء من عاداهم وهم من ضنوا وبخلوا وتخلوا وودعوا وهجروا وتبخروا حتى صعدوا إلى سحابات غيابهم وذابوا فيها وامتزجوا حد التوحد بها وما أن سقطوا حتى انهال علينا مطرهم فأغرقنا بهم إلى رؤوسنا رغما عنا وقد أخلصنا بناء السدود، وأذابنا ماءهم مجددا رغم إعلان تحجرنا منذ زمن الخيبات الأولى، حتى أننا ما أن حاولنا التطهر من كل ذنوب التعلق بهم وأردنا عتق رقابنا ورقاب من تعلقت أرواحهم برقابنا قدمتنا الكتابة ومن صاحبونا قرابينا .لهم رغم انتصارنا المبجل في حروب الكفر والردة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى