أهم الأخبارقضايا و آراء

صرخة خليل وخالد … بقلم محمد حبيب المحميد

في جلسة ما يسمى بالمصالحة الوطنية في تاريخ 20 ديسمبر 2017 تحدث مخاطبًا ضمائر ما تبقى من أصحاب الضمائر، بأن الدائرة تدور في حساب الأيام بينما ينبغي لأصحاب المبادئ أن يكونوا ثابتين،  يجب أن تكون المسطرة المبدأية واحدة، لا تختلف باختلاف الأشخاص، لذلك كانت صرخة النائب د.خليل عبدالله أبل فيهم أنكم انتقدتم الأحكام القضائية في قضية اقتحام المجلس ورفضتم انتقادها في قضية ما يسمى خلية العبدلي، وهذا الإختلاف في الموقف لا يُفسر إلا باصطفاف طائفي، إذ لم يُقبل من أحد أن يتكلم مدافعًا عن هذه المجموعة، فضلًا أن يُسمع منهم حججهم في رأيهم وموقفهم، بل وصار التخوين والطعن بالإنتماء هو السائد حتى في مواقع التواصل الإجتماعي، مما بنى حواجز بين فئات المجتمع لا يمكن أن تهوي إلا بمصالحة وطنية حقيقية عادلة، كتبت عنها في مقال “الكويت!..صراع ومصالحة” في مجلة صوت الخليج بتاريخ 19 يناير 2018.

وأكمل الصرخة النائب المحامي خالد الشطي الذي طالب بقانون للعفو عن ما يسمى خلية العبدلي، كونه أحد أفراد هيئة الدفاع عن المتهمين، والمطلع الخبير في القضية التي لم يسمح للمؤمنين بخلاف السائد مجتمعيًا أن يدافعوا عنها إلا أمام القضاء، أما الإعلام ووسائل التواصل فكانت خاضعة للبروباجندا الطائفية التي أصدرت أحكامها قبل القضاء، بل وعممتها على فئة كاملة من فئات المجتمع، واصرار النائب الشطي على مقترحه ومقارعة الحجة بالحجة وإن لم يعبر، هو فرصة ينبغي للآخر أن يستثمرها بأن يستمع بهدوء لصوت لم يستمع له بسبب ضجيج الرأي العام المتأثر بكل صراعات المنطقة، إذا كان فعلًا هناك عقلاء يسعون إلى مصالحة وطنية تحفظ الجبهة الداخلية للبلد في ظل اقليم غير مستقر.

ليس المقال للحديث عن ما يسمى بخلية العبدلي فهذا الحديث يطول وله أهله والمختصين فيه، ونأمل أن يكون في حديث ومناقشة النائب خالد الشطي لمقترحه في اللجنة التشريعية في مجلس الأمة بداية لمثل هذا الحديث الذي ينبغي أن يُسمع في الإعلام ووسائل التواصل، إنما هذا المقال هو في ذات السياق الذي تحدث فيه النائبين أبل والشطي، في سقم الأداء السياسي الذي يكيل بمكيالين ويفصّل القوانين والمناقشات حسب المصلحة الفئوية لا الوطنية، خاضعًا للإعتبارات الطائفية المستوردة من صراعات الإقليم، مما عزل النواب الشيعة ومن يمثلونهم عن بقية زملائهم وهذا كذلك مما كتبت فيه بمجلة صوت الخليج بتاريخ 5 فبراير 2018 تحت عنوان “النواب الشيعة”، ودعوت لأن يكون الأداء السياسي راشدًا يحفظ البلد في مثل هذه الأوضاع، ويعيد الأدوار الوطنية للجميع ويحفظ خصوصيات كل فئة.

اعتاد أهل الكويت أن يعيشوا هم الأمة والتعبير عن الآراء واتخاذ المواقف، وهذا الحراك المستمر هو من مميزات المجتمع هنا، بل وساهم دومًا في دعم موقف القيادة السياسية في قضية الأمة المركزية فلسطين المحتلة، فكانت مواقف الكويت مشهودة في هذا الملف وبمثل هذا الموقف الشعبي والرسمي ستبقى كذلك، ولكن الخلل كل الخلل حين تستورد الأزمات إلى الداخل طائفيًا وفئويًا، بدل أن يكون اختلاف سياسي في التقييم اعتاد عليه أي شعب يعيش الديمقراطية قيمًا ومبادئ لا فقط آليات انتخابية، هذا الخلل أفقد الواقع السياسي الكويتي رشده بحيث نشهد مرحلة هي الأسوأ في العملية السياسية في تاريخ الكويت السياسي، وهي الفرصة الأسنح للفساد أن يأكل الأخضر واليابس، وهذا الذي حصل وما مؤشرات الفساد إلا دليل وفي الواقع المحسوس أدلة أكبر وأكثر، بينما صراع الفئات مازال مستمرًا دون توقف.

القضايا التي قسمت الشارع السياسي وأشعلت الفتن هي تهديد حقيقي للوطن، وما اقتحام المجلس وما يسمى خلية العبدلي إلا نماذج، وبعد أن تهدأ فورة الرأي العام وحدة الإنقسام يرفع العقلاء رؤسهم بعد أن انحنوا للعاصفة ولم ينكسروا فيها ولم ينجرفوا معها، صرخة خليل وخالد ينبغي أن تكون مدخلًا للحوار الوطني المطلوب للمصالحة الوطنية التي تهدم الحواجز، ليقف الصراع المجتمعي ويتفرغ المشرع للتشريع ولمراقبة الحكومة ومحاسبة الفساد وبناء الوطن من جديد .

 

 

* عضو المكتب السياسي

حركة التوافق الوطني الإسلامية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى