أهم الأخباركتاب

عودٌ يقلّبُ الذاكرة …للشاعرة خولة سامي سليقة

 

لا يخافُ الشعر و لكنه يهفو إلى من يدفئ أمسياته، لا يشتاق الشعرُ لكنه يعيش حالة حبّ بلا نهاية فكلما التقيته في موعدٍ مسبق أو بلا تخطيط، يصمت المكان، الزمان، تهدأ الأنفاس و يدلق الشعر نارهُ.

هذا و غيره عرفناه أثناء ثم عقب انتهاء الدورة الأولى لأكاديمية الشعر في مكتبة البابطين، ذلك العمل الجميل الذي أشرف عليه مخلصون و قدمه خير تقديم نخبة من الأساتذة الجامعيين.

في الأمسية الشعرية النقدية الأولى من مقرر الدورة التدريبية الثانية، جددت أكاديمية البابطين للشعر العربي وعدَها مع الشعر، و هي التابعة لمؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية. التقينا في مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي، أدار الأمسية الناقد د سلطان الحريري و أشرف على تنظيمها بأناقة مدير أكاديمية البابطين للشعر العربي أ. مناف الكفري.

كان ضيف الأمسية الشاعر الكويتي عبد الله الفيلكاوي، أثرى اللقاء و أمتع. و مما قال:

أفيقا فهذا الهم لاشك غالبي    و ما السكر منه إنما برغائبي

و للدهر أثمان يحملها الفتى    تكون رزاياه كدفع الضرائب

بين المشاركين كانت الشاعرة حنان شبيب، التي أنشدت للماضي و الطفولة و ذكريات الضيعة:

أشتاق لدفقة أمطار    تحكي غزلاً قلبَ التّرب

أسرعت أسابق أرياحاً  هبت شوقاً مثل اللهب

عن الحب و اللوعة أنشد الشاعر خلف كلكول:

و في الضلوع لهيب كيف أكتمه      يا للعذاب الذي يلقاه من عشقا

ما كنت أحسب أن الحب يهدمه    حقد الوشاة و إن أخفى و ما نطقا

شاركت كذلك الشاعرة زينب العندليب بنصين جميلين، قالت في أحدهما:

لا تنصفي القلب في توق تنازعه            أليس لو أُنصف العشاق ما لاقوا

يا ألف أيوب صبراً في محبتهم              و الحزن مغتسلٌ و العلّ غسّاقُ

حتى أعادنا الشاعر و القاص أ. سليم الشيخلي إلى دائرة الذاكرة الأولى و الصور الغافية في الخاطر، عبر نصه  “أحلم بشتاء و مدفأة”:

حبيبتي التي ..التي

ألبسها رداء .. التي تلبسني رداء

أحلم بالشتاء ..

حين فتحت أوراقي لأقرأ نصّي الأول” حديثُ قطيرة” وقعت عيناي بين الحاضرين على وجه لم أره منذ مدة طويلة، وجه يشع -كما ألفتهُ- طيبة و سلاماً، رفعتْ أصابعها على مهل تحييني فتحركت لحظات لا حصر لها في مقاعد ذاكرتي، و لعلها كانت أمسية الذكريات بامتياز!

هي زميلة لي تركت العمل منذ زمن ليس بالقليل ، حرصت على حضور اللقاء عند رؤيها الإعلان عنه،رغم وصولها من السفر في الليلة التي سبقت الأمسية. تابعتُ عينيها الدافئتين أثناء قراءة نصي الأول،لمحتها تمسح شيئاً هرب من عينيها بلا وعي. عقب الأمسية تعانقنا استرجعنا شيئاً من جنونِ دولاب يدور، يسحقنا بلا رحمة.

شدّت أصابعي بألم و همست: (أوجعتني .. أبكيتني)! صحيح أني قمت بتسجيل ما قلتِ لكن أريد الورقة التي معك. قدمتها إليها حباً و كرامةً، لكن خجلتُ أن أسألها عما آلمها فيما قلته، حتى قدمت إلي الجواب دون سؤال.

قالت: الجو لم يكن ممطراً.. لكني عشت هطوله مغمضة العينين أسمعك، و لا أعتقد أني سأرى حبات المطر تسيل على نافذتي بعد اليوم، دون أن أذكر كلماتك..  أذكر النهاية:

على الزجاجِ أمامي الكونُ مختصرٌ                         ركبٌ يمرّ و يُمحى خلفه الأثرُ       

تلك القطيرات لو تنبيك خاتمةً                                  عمرٌ يلوّح في أعقابهِ عمرُ

نمضي سراعاً إلى ضوءٍ فيخطفنا                        يستذئبُ الدربُ.. موتَ الحلمِ يختصرُ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى