أهم الأخباركتاب

وعود في مهب الرياح … بقلم نرمين عباس

قباله صاله المغادرون تقف علي بعد خطوات قليله منه، تمسك بكلتا يديها حقيبتها تشدّ عليها كأنما لتحفظ توازنها، كأنما تقاوم جاذبية الأرض كي تخشى السقوط، كانت عيناها تتأمله كأم تودع طفلها لأخر مره، بعد دقائق معدوده حان موعد إقلاع الطائره، مد يده لمصافحتها، كانت يده تضغط على يدها وكأنما يريد ان يقول لها شيئا كثيفا يشبه الأسف، لكن كلاهما بقي صامتاً مكتفياً بما تقوله الأعين، مرت الثوان ومرّ معها عمراً من الأنتظار، غادر سريعاً دون أن يلتفت للوراء، ظلت تراقبه حتي تلاشي آثره، أنهمرت عيناها بالدمع وكأنما فقدت كل قدرتها علي التماسك، بدأت بالسير بخطى بطيئة وجلست علي مقعد صغير لتبتعد عن الأعين التي تراقب دموعها بصمت وشفقه، أخذت تتحسس خاتم صغير بيدها، كان وعداً منه أن تجمعهم الحياه معاً يوماً ما، فقد أحبته منذ نعومه أظافرها،  كان جارها في نفس البناية عشقته وأحبها، لم تتخيل الحياه سوى معه، كان يعدها بأن يظلا معاً حتي شيخوختهم، لكنه في لحظه أختيار قرر أن يسافر ويضحي بكل شيء رغم كل توسلاتها بالبقاء، كانت تعرف أنه لم يحبها مثلما أحبته، وأن من مثله لا وعود له، ولكنه القلب حينما يحب لا يبصر الحقائق، أغمضت عيناها ببطء وكأنما لا تريد أن ترى الحقيقه، لكن الحلم الجميل سيظل في صمت يقاوم كل أحزان الرحيل..

“لا تخشى السقوط في كل شيء ، فأحياناً وقوعه خير من التعلق دون وصول”

ظل يتأمل ملابسها وكأنما يريد أن يستعيد جزء من رائحتها، فقد أحبها منذ رآها لأول مره، كان الحبّ في قلبه هو أن تحتاج إلى شخصٍ واحدٍ في كلّ هذه الدنيا، وكانت هي هذا الشخص، تحملا معاً كل تقلبات الحياه، وعدها ذات يوم أن يفعل كل ما بوسعه كي يظل بريق عيناها مشرقاً، ظل يخبرها أنه لو يملك فرصه العيش مع شخص يحبه ولو ليوم واحد سيختار البقاء بجوارها، كانت الأنيس في ليال الوحده، وكان السند وقت الضعف والأحتياج، حتي فارقت الحياه.. وتوالت الأيام متشابهة وكأنما فارق قلبه جسده، لكنه ظل يعيش علي ذلك الوعد أن تجمعهما حياه أبديه ذات يوم..

“‏لو دخلت إلى روحي و رأيت الأوراق، لذُهِلْتَ كم خريفاً مرّ و أنا واقفٌ كالأشجار.”

..

عندما يريد مني أي شخص في حياتي أن أقول كلمه الوعد ولو لمره واحده أرفض تماماً، أنا لا أحب الوعود مطلقاً، فقد يحدث أي شيء ويدفعني ألا ألتزم بذلك الوعد، وأنا أحب أن ألتزم بكل شيء في حياتي، وأنا أقدر كلمه الوعد وأحترمها كثيراً.. لذلك لم أعد شخصاً ما سوى مره واحده في حياتي، منذ عده سنوات، ولم أنسي حتي الآن ذلك الوعد وصاحبه، لكن دفعتنا الحياه ألا نوفي به، رغم كل محاولاتي لكي يظل باقياً، لكن الشخص لم يظل باقياً وظل الوعد باقياً بقلبي، منذ ذلك الحين وربما لكل سنوات عمري لن أنسي ذلك الوعد، ولن أقول أبداً كلمه الوعد، سوي أن كنت قادره علي تحقيقها وأن بذلت كل عمري..

“أمسِ انتهينا فلا كنّا ولا كان
يا صاحب الوعد خلِّ الوعد نسيانا “
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى